جنوب أفريقيا.. جمهورية الثقافات المتنوعة

دولة تقع في أقصى جنوب القارة الأفريقية، استعمرتها بريطانيا بعد سيطرة هولندية محدودة. تعتبر من بين أكثر دول العالم تنوعا في الأعراق والثقافات والأديان. حكمتها الأقلية البيضاء فسنّت وطبقت ما عرف بقوانين الفصل العنصري الذي دام خمسين عاما، وانتهى بدستور جديد وانتخابات فاز بها المعارض التاريخي "نيلسون مانديلا" عام 1994.

تقدمت جنوب أفريقيا بدعوى قضائية ضد إسرائيل أمام محكمة العدل الدولية يوم 29 ديسمبر/كانون الأول 2023، بتهمة ارتكاب جرائم إبادة جماعية في غزة، وصدر قرار المحكمة يوم 26 يناير/كانون الثاني 2024 لصالح اتخاذ إجراءات عاجلة تلبي معظم ما طلبته جنوب أفريقيا باستثناء الأمر بوقف الحرب على غزة.

الاسم الرسمي: جمهورية جنوب أفريقيا.

الاسم المختصر: جنوب أفريقيا.

المناخ: شبه قاحل في معظم أنحاء البلاد وشبه استوائي على طول السواحل.

السكان: يبلغ عدد السكان 60.604 مليون نسمة حسب إحصائيات 2022.

العاصمة: لجنوب أفريقيا ثلاث عواصم؛ إدارية: بريتوريا، وقضائية: بلومفونتين، وتشريعية: كيب تاون.

اللغة: ينص دستور جنوب أفريقيا على اعتماد 11 لغة رسمية، تتصدرها من حيث كثرة الاستخدام الزولوية والأفريقانية (مزيج بين الهولندية والإنجليزية واللغات المحلية)، بينما تعتبر اللغة الإنجليزية لغة الإدارة والتجارة.

تاريخ الاستقلال: 31 مايو/أيار 1910 أعلن رسميا عن قيام اتحاد جنوب أفريقيا.

العملة: رند.

الموقع والمساحة

تقع جمهورية جنوب أفريقيا في جنوب القارة الأفريقية، بين درجتي عرض 22 و35 جنوبا، تحدها من الشمال ناميبيا وبوتسوانا وزمبابوي، ومن الشرق موزمبيق والمحيط الهندي، ومن الجنوب المحيط الهندي، ومن الغرب المحيط الأطلسي. وتقع داخل أراضيها مملكتان هما سوازيلاند وليسوتو.

تبلغ مساحة جمهورية جنوب أفريقيا 1.219.090 كيلومتر مربع، موزعة على تسع محافظات.

الجغرافيا

تمثل الهضاب معظم أراضي جنوب أفريقيا، وتعتبر جبال دراكنزبرغ أعلى سلسلة جبال في البلاد بارتفاع حوالي 3500م. وتعد بلدا غنيا بالتنوع الحيواني والنباتي وتوجد بها عدة أنهار، منها نهر أورانج ونهر لمبوبو ونهر فال، وغيرها.

الموارد الطبيعية

تعتمد الجمهورية في مواردها على الذهب والكروم والفحم وخام الحديد والفوسفات والقصدير واليورانيوم والألماس والبلاتين والنحاس والملح والغاز الطبيعي.

التوزيع العرقي

يشكل الأفارقة السود نسبة 81٪، يليهم الملونون: 8,8٪ والهنود والآسيويون: 2,6، والبيض: 7,7٪.

الديانات

يمثل المسيحيون نسبة 79% من السكان (أغلبهم بروتستانت) والبقية تتوزع بين ديانات أفريقية وأخرى ذات أصول شرقية مع أقلية مسلمة.

النظام السياسي

جمهوري فدرالي، وتتألف السلطة التشريعية من برلمان بغرفتين: الجمعية الوطنية (مجلس النواب)، والمجلس الوطني للمقاطعات (مجلس الشيوخ). وينتخب الرئيس من طرف البرلمان، ويتولى رئاسة الحكومة، ويمثل السلطة التنفيذية. أما السلطة القضائية فتتألف من المحكمة الدستورية ومحكمة الاستئناف العليا والمحكمة العليا.

الاقتصاد

تعد جنوب أفريقيا بلدا منتجا لمواد الذرة والقمح والسكر والفواكه والخضراوات والمنسوجات والكيماويات والأسمدة، كما أنها موطن لشركات تركيب السيارات وغنية بمعادن البلاتين والذهب والحديد.

لكنها واجهت أزمة اقتصادية خانقة، وتسببت الانقطاعات الكهربائية التي تواصلت لعدة سنوات متتالية وبلغت مرحلة غير مسبوقة عام 2022، في تباطؤ النمو الاقتصادي بفعل زيادة تكاليف التشغيل والإنتاج لدى الشركات، مع تفاقم التحديات الاجتماعية والاقتصادية بسبب ارتفاع أسعار الوقود والغذاء.

وحسب إحصائيات البنك الدولي فقد بلغ الناتج المحلي لجنوب أأفريقيا 405.27 مليار دولار أميركي عام 2022، و338.29 مليار دولار عام 2020 بعد قفزة محدودة أوصلته إلى 420.12 مليار دولار عام 2021، لكن لم يستعد عافيته منذ 2011 حين حقق مستوى يعد الأعلى في تاريخه وهو 458.2 مليار دولار.

واضطرت الحكومة إلى خفض سقف توقعات النمو إلى 0.8٪ فقط عام 2024 بعد أن خفضتها إلى 0.9٪ عام 2023 و2.5٪ عام 2022.

التاريخ

الاحتلال البريطاني

بعد نحو قرنين من إنشاء محطة كيب من طرف شركة (في أوه سي) التجارية الهولندية عام 1601، سيطر الإنجليز عليها لتصبح ابتداء من عام 1795 تابعة لشركة الهند الشرقية البريطانية، ومع أن المحطة أعيدت إلى الحكومة الهولندية بموجب اتفاقية مشتركة مع فرنسا عام 1803 إلا أن بريطانيا سرعان ما استعادتها من جديد في 1806 تزامنا مع بدء الحروب النابليونية.

وبعد أن كانت مجرد محطة في منتصف الطريق نحو المستعمرات الآسيوية، أصبحت كيب ابتداء من هذا التاريخ نواة استعمار بريطاني استيطاني لمنطقة جنوب أفريقيا استمر أكثر من قرن، وشهد موجات هجرة من قبل الأوروبيين، ومن ثم التوسع نحو مزيد من الأراضي مقابل طرد السكان الأصليين وحتى قتل الآلاف منهم في وقائع شهدها النصف الأول من القرن التاسع عشر، وهو ما تكرر لاحقا مع احتجاجات المزارعين السود عام 1906.

وكان اكتشاف الماس والذهب بكميات قياسية في جنوب أفريقيا خلال الثلث الأخير من القرن التاسع عشر دافعا لهجرة واستيطان الأوروبيين فيها مع تعزيز النفوذ العسكري والسياسي البريطاني.

ومع طول مدة الاستعمار البريطاني وتغلغله إلى عمق جنوب أفريقيا لا تزال آثار المستعمر الأول (هولندا) قائمة من خلال اللغة الأفريقانية، وهي مزيج بين اللغتين الهولندية والإنجليزية واللغات المحلية، وتعد لغة رسمية بموجب الدستور.

نظام الفصل العنصري

تعود بدايات نظام الفصل العنصري إلى قيام اتحاد جنوب أفريقيا عام 1910 بموجب قانون صادر عن البرلمان البريطاني، فقد تأسس الاتحاد بموجب تحالف للمستوطنين الإنجليز والهولنديين مع تجاهل السكان الأصليين السود.

تعزز التمييز ضد السود والملونين والآسيويين مع وصول الحزب الوطني إلى الحكم في 1948، وذلك بسن قوانين لفصل البيض عن بقية السكان في التعليم والرعاية الصحية ووسائل النقل والمطاعم والشواطئ، مع منع الزواج المختلط بين الأعراق، والاستيلاء على 87٪ من الأراضي للبيض والتهجير القسري لأكثر من 3 ملايين من السود، وفرض تدريس اللغة الأفريقانية.

تسببت هذه الإجراءات في إضرابات وعصيان مدني قاده تحالف حزب المؤتمر الوطني الأفريقي والحزب الشيوعي، إلا أنها قوبلت بإطلاق النار على المحتجين وحظر الحزبين وفرض حالة الطوارئ.

أودع زعيم حزب المؤتمر نيلسون مانديلا في السجن مدى الحياة في مطلع الستينات، إثر إدانته بالتخريب، كما توفي مؤسس حركة الوعي الأسود ستيف بيكو تحت التعذيب في السجن.

إلا أن إطلاق النار على المحتجين في وقائع عدة كان ضحاياها بالمئات لفتت انتباه العالم إلى جرائم نظام الميز العنصري، فتم طرد جنوب أفريقيا من هيئات الأمم المتحدة وتعرضت لعدة عقوبات دولية مختلفة.

ومع مطلع التسعينيات من القرن العشرين أنهى الرئيس فريدريك دو كليرك نظام الفصل العنصري بالإعلان عن تحول ديمقراطي بدأه بالإفراج عن مانديلا بعد 27 عاما قضاها في السجن.

وكادت البلاد أن تدخل في حرب أهلية بعد ردة فعل المتطرفين البيض الرافضة لإجراءات الرئيس، قبل أن تدخل حقبة جديدة مع فوز مانديلا بأول انتخابات يسمح للسود بالمشاركة فيها عام 1994، وجعل المصالحة الوطنية بين البيض والسود أولويته واكتفى بولاية رئاسية واحدة وغادر السلطة في 1999 ليواصل حزبه المؤتمر الوطني الأفريقي حكم البلاد من بعده.

دعوى الإبادة ضد إسرائيل

رفعت جنوب أفريقيا دعوى قضائية ضد إسرائيل أمام محكمة العدل الدولية يوم 29 ديسمبر/ كانون الأول 2023، بتهمة ارتكاب جرائم إبادة جماعية ضد الشعب الفلسطيني في قطاع غزة والإخلال بالتزاماتها الدولية تجاه ميثاق الأمم المتحدة، ضمن خطوات أخرى رافضة للحرب على غزة من بينها تصويت البرلمان على قطع العلاقات مع إسرائيل في 21 نوفمبر/تشرين الأول 2023.

وتعليقا على الدعوى قال رئيس جنوب أفريقيا سيريل رامافوزا، في خطاب أمام حزب المؤتمر الوطني الأفريقي إنه لم يشعر قط بالفخر الذي شعر به وهو يشاهد ابن أرضه المحامي رونالد لامولا يدافع عن القضية الفلسطينية أمام المحكمة الدولية في لاهاي، وأكد التمسك بمبادئ الحرية رغم حديث البعض عن المخاطر التي قد تواجه بلاده جراء اتخاذها لهذه الخطوة.

وعقدت المحكمة أولى جلساتها للنظر في الدعوى يوم 11 يناير/ كانون الثاني 2024، بعد موافقة إسرائيل على المثول من أجل "دحض الاتهامات السخيفة".

وفي 26 من الشهر نفسه أصدرت المحكمة قرارها الذي أكد حق جنوب أفريقيا في رفع الدعوى وأنه لا يمكن قبول طلب إسرائيل برفضها، ودعتها إلى اتخاذ جميع الإجراءات المنصوص عليها فورا لمنع الإبادة الجماعية في قطاع غزة، ومع أن القرار لبى معظم ما طلبته جنوب أفريقيا إلا أنه لم يوجه أمرا لإسرائيل بوقف الحرب على غزة.

المصدر : الجزيرة + مواقع إلكترونية