خلافات سياسية بشأن العمليات الفرنسية بليبيا

Demonstrators protest against what they say is French military intervention in Libya, at Martyrs Square in Tripoli, Libya July 22, 2016. REUTERS/Ismail Zitouny
متظاهرون ليبيون في ميدان الشهداء بطرابلس يحتجون ضد التدخل العسكري الفرنسي في بلادهم (رويترز)

وديان عبد الوهاب-طرابلس

أعرب المجلس الرئاسي لحكومة الوفاق الوطني الليبية في طرابلس عن استيائه "البالغ" من التواجد الفرنسي في شرق البلاد من دون تنسيق مع المجلس.

وكانت باريس أكدت مؤخرا مقتل ثلاثة من القوات الخاصة الفرنسية في تحطم مروحية فوق بلدة المقرون (ثمانون كلم جنوب غرب بنغازي) منتصف يوليو/تموز الماضي خلال مشاركتها في العمليات العسكرية لصالح اللواء المتقاعد خليفة حفتر ضد سرايا الدفاع عن بنغازي.

وقد أثار هذا التدخل حراكا شعبيا ومظاهرات منددة بما اعتبر تمهيدا لأطماع استعمارية فرنسية في ليبيا.  

اتفاق ليبي فرنسي
وقال عضو المجلس الرئاسي لحكومة الوفاق الوطني محمد عماري إن الحكومة الفرنسية تعهدت بإيقاف عملياتها العسكرية في مدينة بنغازي بعد إخطارها باستياء حكومة طرابلس.

عماري: لن نقبل بازدواجية الموقف الفرنسي (الجزيرة)
عماري: لن نقبل بازدواجية الموقف الفرنسي (الجزيرة)

وأضاف أنه خلال لقاء جمع رئيس المجلس الرئاسي لحكومة الوفاق فائز السراج بوزير الخارجية الفرنسي جان مارك إرو تم الاتفاق على ضرورة التنسيق مع حكومة الوفاق الوطني قبل أي تدخل في الشأن الليبي بأي شكل من الأشكال.

وأكد عماري أن الحكومة لن تقبل بازدواجية الموقف الفرنسي في التعاطي مع أطراف الأزمة الليبية. 

ويرى العضو الرئاسي أن فرنسا ستدرس جيدا خيارات تدخلها مرة أخرى في الشأن الليبي الذي كان لصالح خليفة حفتر قبل أن تقدم على ذلك مستقبلا، وستحرص على استمرارها في المنطقة حفاظا على مصالحها.

وقال إن كانت هناك اتفاقات قديمة بين فرنسا وقيادة عملية الكرامة العسكرية بزعامة حفتر فلا بد من الرجوع لحكومة الوفاق قبل تجديد أي اتفاق. 

وفي تصريح للجزيرة نت قال عضو المجلس الرئاسي لحكومة الوفاق إن الحكومة لن تتعامل مع الفرنسيين بنفس معيار المعاملة مع الإيطاليين إذا استمرت في دعمها لحفتر بالخفاء.

كما أشار إلى أن الحكومة الإيطالية اختارت الاعتراف بحكومة الوفاق وتقديم الدعم اللوجستي لعملية البنيان المرصوص المنخرطة في الحرب على تنظيم الدولة الإسلامية بمدينة سرت، وأكدت عدم وجود قوات عسكرية تابعة لها في المنطقة الشرقية. 

‪‬ الجروشي نفى وجود جنود فرنسيين بليبيا(مواقع التواصل الاجتماعي)
‪‬ الجروشي نفى وجود جنود فرنسيين بليبيا(مواقع التواصل الاجتماعي)

مخابرات فرنسية
وقال طارق صقر الجروشي عضو لجنة الأمن القومي والدفاع في مجلس النواب المنعقد بطبرق الموالي لحفتر إن الخبراء الأجانب لا يقتصر وجودهم على بنغازي فقط، فهناك فرنسيون يضطلعون بمهام استخباراتية في المنطقة الشرقية، وخبراء أميركيون وبريطانيون يشرفون على العمليات العسكرية في مناطق أخرى بليبيا، خاصة مناطق الهلال النفطي.

وأضاف أن حوار المجلس الرئاسي لحكومة الوفاق في طرابلس مع الفرنسيين وما قد يتمخض عنه من اتفاقات لن يكون ملزما لمجلس النواب ولا تعتد قيادة عملية الكرامة بها. 

ونفى الجروشي وجود أي جندي فرنسي على الأرض أو في محاور القتال بمدينة بنغازي، مؤكدا أن استعانة قيادة الكرامة بالخبراء الفرنسيين كانت لتقديم الدعم اللوجستي فقط.

وقال إن عدد الخبراء في المدينة لا يتجاوز سبعة تسمح لهم قيادة الكرامة بالمساعدة في ترصد من وصفهم بالإرهابيين في محاور القتال غرب بنغازي، لكنها لا تمكنهم من التواجد بشكل واسع على أرضها حتى ينسب تحقيق المكاسب على الأرض لقوات حفتر وحدها.

ووصف الجروشي المعركة في بنغازي "بالحرب الخبيثة" لاعتماد مقاتلي مجلس شورى ثوار بنغازي على زرع الألغام في مناطق سيطرتهم ونشر القناصة على أسطح المباني واختباء آخرين وراء نقاط من الصعب اختراقها. 

واعترف بأن اعتماد مقاتلي المجلس على العمليات التي وصفها بالانتحارية جعل قيادة الكرامة تفقد عددا كبيرا من مقاتليها.

عبد المطلب: فرنسا ستستمر بدعم حفتر (الجزيرة)
عبد المطلب: فرنسا ستستمر بدعم حفتر (الجزيرة)

ورغم ذلك يعتقد الجروشي أن مقاتلي المجلس محاصرون ولا يستطيعون تنفيذ أي خطة هجومية. 

وشدد على ضرورة توفير تجهيزات وتقنيات حديثة من سيارات لكشف الألغام ومناظير ليلية لحسم المعركة في بنغازي لصالح حفتر، وقد تم طلب ذلك من الفرنسيين.

وأكد الجروشي أن مجلس النواب لا يرفض أي مساعدة عسكرية تقدمها دول أجنبية لمحاربة ما يسميه "الإرهاب" في ليبيا حتى لو كان ذلك بشكل غير رسمي ومن الأبواب الخلفية، على حد قوله.

الحلفاء المصريون
ويتوقع المحلل السياسي جمال عبد المطلب أن فرنسا لن تفي بوعودها لحكومة الوفاق بوقف عملياتها العسكرية في بنغازي وستستمر في دعم حفتر بشكل سري.

ويرى عبد المطلب أنه في حال التزمت فرنسا بالاتفاق فإن ذلك سيزيد من مصداقية حكومة الوفاق أمام خصومها السياسيين، كما سيصب في مصلحة فرنسا أيضا التي بدأت تفقد الكثير من شعبيتها في ليبيا.

وتابع قائلا إن "الحلفاء المصريين" الداعمين لحفتر ينتقدون أداءه باستمرار بسبب عدم حسم حفتر المعركة لصالحه في بنغازي، وإن أغلب المسؤولين في الخارجية المصرية يسعون إلى فتح قنوات تواصل مع حكومة طرابلس المنقسمة على نفسها لكنها تحاول إبعاد تيار الإخوان المسلمين عن هذه القنوات قدر الإمكان. 

ويعتقد عبد المطلب أن لا أحد يستطيع إيقاف القتال في بنغازي سوى المجتمع الدولي، وعلى رأسه الولايات المتحدة "التي لا بد أن تتدخل بجدية لإيقاف تغذية الدول الإقليمية لهذه الحرب"، حسب تعبيره.

المصدر : الجزيرة