حفتر.. عراب الثورة المضادة الذي يصارع المرض

خليفة بلقاسم حفتر - قائد عسكري ليبي المصدر رويترز - ( الموسوعة )

ضابط ليبي شارك معمر القذافي في انقلاب عام 1969. قاد المعارك في تشاد فأسر وأودع السجن، ومنه خرج من تحت عباءة القذافي ودخل الدائرة الأميركية، ساند الثوار سنة 2011، وقاد محاولة انقلاب ضد المؤتمر الوطني المنتخب.

المولد والنشأة
ولد خليفة بلقاسم حفتر سنة 1943 في مدينة أجدابيا.

الدراسة والتكوين
تلقى تعليمه الابتدائي بمدرسة الهدى سنة 1957، ودرس الإعدادية بمدرسة أجدابيا الداخلية، ثم انتقل إلى مدينة درنة لإكمال دراسته الثانوية بالفترة 1961-1964.

وبعد إكمال التعليم الثانوي التحق بالكلية العسكرية الملكية بمدينة بنغازي سنة 1964، وتخرج فيها عام 1966، وحصل على دورات تدريبية في مجالات عسكرية وعلى أنواع مختلفة من الأسلحة.

الوظائف والمسؤوليات
شارك مع العقيد معمر القذافي في الانقلاب الذي أطاح بالملك إدريس السنوسي في فاتح سبتمبر/أيلول 1969، فتولى بعد ذلك مهام متعددة في القوات المسلحة وقاد القوات البرية تحت مظلة القذافي.

سنة 1980 رقي إلى رتبة عقيد، وقاتل في جبهة تشاد -خلال حرب الرمال المتحركة بين ليبيا وتشاد في ثمانينيات القرن العشرين- فأُسِرَ مع مئات من الجنود الليبيين نهاية مارس/آذار 1987.

يوم 2 مارس/آذار 2015 عينه البرلمان المنحل المنعقد في طبرق قائدا عاما للجيش، ووافق على ترقيته لرتبة فريق. ونددت حكومة طرابلس بهذا التعيين ووصفت حفتر بأنه "مجرم حرب" وقالت إن ترقيته ستؤدي إلى تمزيق البلاد.

التجربة السياسية
ظهر اسم حفتر في الواجهة عضوا بمجلس قيادة الثورة بعد انقلاب 1969. وعرف بميوله الناصرية العلمانية مثل أغلب أعضاء تنظيم "الضباط الوحدويين الأحرار" الذي شكله القذافي عام 1964، شارك ضمن القوات الليبية في حرب 1973.

بعد وقوعه في الأسر في تشاد نهاية مارس/آذار 1987 بدأ من داخل السجن يبتعد عن نظام القذافي، ولم يخرج من السجن حتى خرج من تحت عباءة رفيقه في الانقلاب، وأخذ توجها آخر مغايرا، نال التزكية والمباركة من الأميركيين الذين كانوا حينها في خصومة مع القذافي.

وبعد إطلاقه انضم عام 1987 إلى "الجبهة الوطنية لإنقاذ ليبيا" المعارضة لنظام القذافي، ثم تولى مسؤولية قيادة "الجيش الوطني الليبي" الذي كان جناحها العسكري، وبدأ يعمل من تشاد.

وعند وصول إدريس ديبي للسلطة في تشاد فكك "الجيش الوطني الليبي" فقامت طائرات أميركية بنقل مجموعة كبيرة من عناصره إلى زائير (الكونغو الديمقراطية) ثم الولايات المتحدة، وكان من ضمن هؤلاء قائد الجيش حفتر.

وقد اتُّهِمَ بأن له علاقات قوية ببعض الدوائر السياسية والاستخباراتية الغربية، خاصة المخابرات المركزية الأميركية (سي آي أي) التي دعمته وفق ما نقلت وكالة رويترز عن مركز أبحاث أميركي.

وبقي في الولايات المتحدة إلى ما بعد اندلاع ثورة 17 فبراير/شباط 2011، فعاد إلى بنغازي منتصف مارس/آذار للمشاركة في العمل العسكري والسياسي لإسقاط القذافي.

وتولى لمدة وجيزة قيادة جيش التحرير الذي أسسه الثوار، وبعد انتقادات لأداء هذا الجيش -الذي تشكل في أغلبه من متطوعين وشباب لا خبرة لهم- تم إسناد قيادته إلى عبد الفتاح يونس العبيدي وزير داخلية القذافي الذي انشق عنه.

وفي خضم الأحداث والصراع أعلن في 14 فبراير/شباط 2014 سيطرة قوات تابعة له على مواقع عسكرية وحيوية، وأعلن في بيان تلفزيوني "تجميد عمل المؤتمر الوطني (البرلمان المؤقت) والحكومة".

وأعلن حفتر ما سماه "خارطة طريق" لمستقبل ليبيا السياسي، في مشهد بدا قريبا مما قام به وزير الدفاع المصري عبد الفتاح السيسي الذي انقلب على الرئيس المنتخب محمد مرسي، ووضع أيضا "خارطة طريق".

وفي صبيحة 16 مايو/أيار 2014 شنّت قوات تابعة لحفتر عملية عسكرية تدعى "كرامة ليبيا" ضد مجموعات وصفتها بـ "الإرهابية" في بنغازي، وانتقلت العملية لاحقا إلى العاصمة طرابلس، فأسفرت عن مقتل العشرات وجرح المئات.

قدم حفتر نفسه باعتباره قائد "الجيش الوطني" و"منقذ" ليبيا من الجماعات الإسلامية التي يتهمها بـ "الإرهاب" وزرع الفوضى، وأكد حينها أنه لا يسعى لتولي السلطة وأنه يستجيب فقط إلى "نداء الشعب" مقتربا أكثر من أدبيات ومنهج السيسي في مصر.

في المقابل، رأى خصوم حفتر أنه يقود تمردا عسكريا ومحاولة انقلاب وثورة مضادة لإلغاء مكتسبات ثورة 17 فبراير التي أطاحت بحكم القذافي، وكان من نتائجها إجراء أول انتخابات تشريعية في تاريخ ليبيا.

وفي الرابع من يونيو/حزيران 2014 نجا حفتر من محاولة اغتيال استهدفته، واختفى عن الأنظار فيما ظلت قواته تقاتل في بعض المناطق وحظيت بدعم من بعض القوى الإقليمية، فقامت طائرات إماراتية بقصف قوات "فجر ليبيا" في طرابلس بمساندة من القاهرة.

كما لقيت عمليته مباركة من مجموعة في البرلمان (المنتخب عام 2014) واجتمعت بطبرق في أغسطس/آب 2014، واعتبر أعضاء منتخبون بنفس البرلمان أن الاجتماع غير قانوني، كما اعترض عليه المؤتمر الوطني بطرابلس (البرلمان المؤقت) ووصف الجلسة بأنها غير دستورية.

وفي يناير/كانون الثاني 2015 منحه عقيلة صالح (رئيس برلمان طبرق) رتبة القائد الأعلى للقوات المسلحة الليبية، وفي سبتمبر/أيلول 2016 منحه أيضا رتبة مشير بعد سيطرة قوات حفتر على منطقة الهلال النفطي.

وبثت له خلال عام 2016 عدة تصريحات متلفزة يأمر فيها قواته بتصفية خصومه ميدانيا دون محاكمة، كما تلقى دعما عسكريا وسياسيا من كل من القاهرة وأبو ظبي لحملته العسكرية منذ انطلاقتها.

زار حفتر في سبتمبر/أيلول 2016 روسيا لأول مرة منذ سقوط نظام القذافي والتقى مسؤولين عسكريين، وطالب برفع حظر استيراد الأسلحة المفروض على ليبيا والبدء في دعم قواته بالأسلحة والمعدات الحربية ومساعدته في شن حملة ضد الجماعات الإسلامية على غرار الحملة التي شنتها روسيا في سوريا.

وخلال زيارته الثانية لروسيا في نوفمبر/تشرين الثاني 2016، التقى حفتر وزير الخارجية سيرغي لافروف، وأبلغه أنه يسعى للحصول على مساعدة موسكو له في حربه ضد الجماعات المسلحة في ليبيا.

وفي يناير/كانون الثاني 2017، جرى استقبال حفتر على متن حاملة الطائرات الروسية "الأدميرال كوزنتسوف" حيث أجرى مقابلة عن بعد عبر وسائط مرئية مع وزير الدفاع الروسي سيرغي شويغو.

كما قام في الوقت ذاته وبشكل متكرر منذ عام 2015 بزيارات عديدة لكل من مصر والإمارات لحشد الدعم لحملته العسكرية ضد خصومه الداخليين.

وفي يوليو/تموز 2017 أُبرم "إعلان باريس" بين حفتر ورئيس المجلس الرئاسي لحكومة الوفاق الوطني فايز السراج برعاية الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون. ونص الاتفاق على عشرة بنود أبرزها وقف النار وتطبيق اتفاق الصخيرات، ولكن الإعلان بقي مجرد حبر على ورق.

وفي العاشر من أبريل/نيسان 2018، أصيب حفتر بجلطة دماغية نُقل على إثرها للعلاج بالأردن ومن ثم إلى فرنسا حيث تلقى العلاج في المستشفى الأميركي بباريس.

المؤلفات
صدر لحفتر كتاب وحيد بعنوان: رؤية سياسية لمسار التغيير بالقوة.

المصدر : الجزيرة