2016.. عام انحسار تنظيم الدولة الإسلامية

وكالة أعماق: هجوم لتنظيم الدولة على ثكنة للجيش العراقي
جانب من معركة خاضها تنظيم الدولة ضد الجيش العراقي (ناشطون)
منذر القروي
 
قد تكون سنة 2016 الأقسى على تنظيم الدولة الإسلامية منذ إعلان أبو محمد العدناني قبل أكثر من عامين قيام "دولة الخلافة" في أجزاء من العراق وسوريا.

ففي هذه السنة اجتمعت قوى من الغرب والشرق على مواجهة التنظيم، وهو الذي اتخذ من "التمدد" شعارا له منذ ظهور زعيمه أبو بكر البغدادي في الموصل في يونيو/حزيران 2014، وطلب "البيعة" لنفسه "خليفة للمسلمين".

اليوم تبلغ الحرب على التنظيم ذروتها بعملية استعادة الموصل، وهي أكبر مدينة على الإطلاق تقع في قبضة مسلحي التنظيم، والعملية التي بدأت في 17 أكتوبر/تشرين الأول بمشاركة مئة ألف عسكري، تجري بالتزامن مع عملية "غضب الفرات" التي تشنها "قوات سوريا الديمقراطية" باتجاه الرقة في سوريا، وأيضا مع عملية درع الفرات التركية السورية شمال وشرق مدينة حلب، التي انطلقت أواخر أغسطس/آب الماضي.

على بعد آلاف الأميال من العراق وسوريا، تجري حملة منفصلة للغرض نفسه، فقوات حكومة الوفاق الوطني الليبية تقدمت أشواطا كبيرة ضمن "عملية البنيان المرصوص" لإخراج تنظيم الدولة من مدينة سرت، وهي جزء من "ولايات" أعلن قيامها في ليبيا.

مرحلة التراجع
بعد أشهر منذ انطلاق أولى العمليات الكبرى لإخراج تنظيم الدولة من أكبر مدن غربي العراق، ومن الشريط الحدودي بين سوريا وتركيا شمال مدينة حلب، بدا أن التنظيم يخسر "أراضيه" بالسرعة التي سيطر بها عليها سواء في سوريا أو العراق أو ليبيا، وإن كانت تلك الخسارة تحدث بصعوبة، كما تشهد على ذلك مقاومته في الموصل، وقبل ذلك في الفلوجة والرمادي.

في أوائل السنة، تمكنت القوات العراقية بدعم من التحالف الدولي وبمساعدة إيرانية على مستوى استشاري عسكري على الأقل من استعادة مدينة الفلوجة ذات الرمزية الهامة منذ الغزو الأميركي للعراق في 2003، وبعد بضعة أشهر استعادت مدينة الرمادي بعدما حل بها دمار كبير جراء القصف الجوي والاشتباكات.

ومن المؤكد أن الحملة العسكرية للتحالف الدولي التي بدأتها الولايات المتحدة الأميركية في 2014 قد أنهكت التنظيم بقدر معين لا يمكن تحديده بدقة، خاصة أن هذه الحملة أفقدته خلال سنة 2016 قادة له بارزين خبروا القتال أو الدعاية الإعلامية، على غرار أبو محمد العدناني وأبو عمر الشيشاني وشاكر أبو وهيب.

وكانت إدارة الرئيس الأميركي باراك أوباما قد جعلت من القضاء على التنظيم عسكريا أحد عناوين إستراتيجيتها الأمنية والعسكرية، وها هو الرئيس المنتخب دونالد ترمب يتوعد بدوره التنظيم بالهزيمة.

معارك استنزاف
وفي الوقت نفسه لا تزال روسيا تجعل من محاربة تنظيم الدولة شعارا لعملياتها العسكرية في سوريا، التي من الواضح أنها تركز بشكل شبه كامل على ضرب فصائل المعارضة السورية، رغم أن موسكو تحدثت مرارا في عام 2016 عن مهاجمة مواقع لتنظيم الدولة.

أما داخل العراق، فقد وفرت القوات الأميركية الغطاء الجوي للقوات العراقية في عملية الموصل، وقبلها في الفلوجة والرمادي، كما وفرت غطاء للمقاتلين الأكراد السوريين، فضلا عن مشاركتها بضربات جوية في عملية البنيان المرصوص في سرت الليبية.

وخسر التنظيم -وفق بيانات غربية- آلاف المقاتلين خلال سنة 2016 في عمليات التحالف وفي مختلف العمليات على الجبهات السورية والعراقية والليبية.

بيد أن ساسة وخبراء أمنيين حذروا من أنه قد يكون أشد خطرا حتى وهو يخسر أراضيه، ويشيرون إلى قدرته على تنفيذ عمليات كبيرة كما حدث سابقا في فرنسا وبلجيكا والعراق وغيرها من الدول.

كما أن تنظيم الدولة أظهر -رغم انحساره- مؤشرات على أنه ربما يكون تهيأ لخوض "معارك استنزاف" طويلة، وهو ما تجلى في المراحل الأولى من معركة استعادة الموصل، حتى أن البغدادي نفسه دعا مقاتليه -الذين قدرت مصادر عراقية عددهم بما بين خمسة وسبعة آلاف- إلى عدم الانسحاب والقتال حتى الموت.

المصدر : الجزيرة