الموصل.. المدينة الحدباء التي تقرع حولها طبول الحرب

مدينة الموصل Mosul Cityscape - الموسوعة
ظلت الموصل تحت حكم العثمانيين حتى نهاية الحرب العالمية الأولى (غيتي)

مدينة عراقية، ومركز محافظة نينوى شمالي العراق، وهي ثانية كبرى المدن العراقية بعد العاصمة بغداد. عرفت بهذا الاسم لكونها ملتقى طرق عدة تصل الشرق بالغرب. أعلنت الحكومة العراقية في أكتوبر/تشرين الأول 2016 بدء عمليات عسكرية لاستعادتها من أيدي تنظيم الدولة الإسلامية.

الموقع
تقع محافظة نينوى في الجزء الشمالي الغربي من العراق، وتحدها من جهة الغرب سوريا، وتبلغ مساحتها 32.308 كلم مربع. وتقع مدينة الموصل شمالي العراق على بعد 400 كيلومتر شمال بغداد.

وقد اشتهرت الموصل في القرن السادس عشر بوصفها مركزا تجاريا بحكم العلاقات التي ربطتها بالبلدات المجاورة. وفي القرن الثامن عشر أصبحت من أهم مراكز تصدير الحبوب في المنطقة، كما قام فيها خط تجاري نهري في النصف الثاني من القرن العشرين عبر نهر دجلة يمتد من الموصل إلى البصرة عبر بغداد.

عقب الاحتلال الإنجليزي للعراق في عشرينيات القرن الماضي عُرفت كأحد مراكز تصدير النفط في الشمال، كما توسعت فيها الزراعة وتنوعت بعد إنجاز بعض مشاريع الري على سد الموصل (سد صدام سابقا) ونهر الزاب الكبير.

سمى العرب الموصل بـ"الحدباء" لأنه يوجد في أحد أشهر مساجدها منارة منحنية، وأيضا لتحدب مسار نهر دجلة فيها، وسميت أيضا بـ"أم الربيعين" لأن فصل الخريف فيها يكون ربيعيا يتميز بنقاء هوائه، بحسب أستاذ التاريخ في كلية الآداب بجامعة الموصل أحمد قاسم الجمعة.

المناخ
يختلف مناخ المحافظة باختلاف تضاريسها السطحية، حيث تتراوح درجات الحرارة في فصل الشتاء عموما بين ناقص خمس درجات مئوية إلى زائد ثماني درجات، وفي الصيف يتراوح المعدل بين 30 و46 درجة.

ويخترق نهر دجلة المحافظة بشكل متموج من الشمال إلى الجنوب ويقسمها إلى قسمين متساويين تقريبا، وتقسم تضاريس محافظة نينوى إلى ثلاثة أقسام: المنطقة الجبلية، والتلال، والمنطقة المتموجة والهضاب.

السكان
يسكن الموصل نحو مليوني نسمة، يتكلمون اللغة العربية باللهجة الموصلية، التي تختلف عن باقي لهجات العراق والشام لتأثرها بلغات أخرى كالتركية والفارسية والكردية.

ويشكل العرب السنة أغلب سكان المدينة، كما ينتشر فيها الأكراد، وأغلبهم من السنة، بالإضافة إلى التركمان والعرب الشيعة.

ومثلت الموصل عبر التاريخ مركزًا مهما لتجمع المسيحيين الكلدان والسريان والآشوريين، وكذلك الأرمن الذين زادت أعدادهم بعد الحرب العالمية الأولى، ثم تراجعت منذ ثمانينيات القرن الماضي بسبب الهجرة وموجات العنف التي أعقبت حرب العراق وإيران.

الاقتصاد
تعاني الموصل منذ تسعينيات القرن الماضي ركودا اقتصاديًا بسبب الحصار الذي فُرض على العراق، وما تبعه من هجرة كثير من الأيدي العاملة والكوادر. ومن أشهر أسواقها سوق النبي يونس وسوق السرجخانة وباب السراي وباب الطوب.

التاريخ
دخل المسلمون الموصل عام 643 م (21 هجرية)، ثم حكمها السلاجقة عام 1096 م، وأصبحت شبه مهجورة بسبب إهمالهم لها حتى تمكن عماد الدين زنكي (الأتابكي) من الاستقلال بها عام 1127، وأعاد عمارتها.

وفي عام 1262 دخل المغول الموصل، فقتلوا معظم أهلها وهدموا أكثر من نصف مبانيها. ومع بداية القرن الخامس عشر الميلادي آل أمرها للتركمان، فتناوبت قبيلتا الخرفان البيض والخرفان السود على حكمها.

وفي عام 1508 خضعت الموصل لحكم الصفويين الذي لم يدم طويلا، حيث دخلها العثمانيون عام 1535 بقيادة سليمان القانوني.

ظلت الموصل تحت حكم العثمانيين حتى نهاية الحرب العالمية الأولى. وبعد اتفاقية سايكس بيكو، أصبحت تابعة للنفوذ الفرنسي، ثم تنازلت عنها فرنسا لبريطانيا بموجب معاهدة "سيفر" عام 1920.

وفي 1925 قررت عصبة الأمم عودة الموصل إلى العراق، وانضمت رسميًا إلى المملكة العراقية في 3 نوفمبر/تشرين الثاني 1932.

وبعد ثورة 1958 أعلن عبد الكريم قاسم قيام الجمهورية العراقية، وفي 8 مارس/آذار 1959 أعلن قائد الفيلق الخامس في الجيش العراقي عبد الوهاب الشواف -عبر راديو الموصل- العصيان، ودعا الشعب إلى حمل السلاح ضد قاسم، مستعينًا بالقوميين العرب وبعض الإقطاعيين، إلا أن قاسم تمكن من حسم المعركة، وأعدم مئات من القوميين العرب على يد الشيوعيين، ونزح العديد من سكان الموصل إلى بغداد.

خلال حكم الرئيس الراحل صدام حسين كانت الموصل تعرف بـ"مدينة الضباط المنخرطين في الجيش العراقي"، وكان من بينهم رئيس أركان الجيش آنذاك عبد الجبار شنشل ووزير الدفاع الأسبق سلطان هاشم.

وفي 21 أبريل/نيسان 2003 تمكنت قوات البشمركة الكردية بالتعاون مع الفرقة المظلية 101 من الجيش الأميركي من احتلال المدينة بعد استسلام القوات العراقية.

وبعد غزو العراق، وقيام الحاكم العسكري الأميركي آنذاك بول بريمر بحل الجيش العراقي، انضم الآلاف من الضباط العراقيين إلى صفوف المقاومة لقتال القوات الأميركية داخل الموصل، وكانت من أخطر المحافظات على القوات الأميركية حيث وجدت فيها مقاومة شرسة من قبل تنظيمات مسلحة تشكلت بعد حل الجيش العراقي.

وفي نهاية عام 2004 تدهور الوضع الأمني في الموصل، وتمكن مسلحون منتمون لتنظيم القاعدة من السيطرة على أجزاء منها، فدارت معارك شرسة بين المسلحين من جهة والقوات العراقية والأميركية من جهة أخرى.

وعاشت السنوات الأربع اللاحقة موجات عنف استهدفت الأقليات الدينية، كان أهمها عمليات قتل استهدفت مسيحييها أواخر عام 2008 وأدت إلى نزوح أغلبهم إلى مناطق سهل نينوى شرقي الموصل.

وشهدت الموصل عام 2011 احتجاجات للمطالبة بخروج القوات الأميركية بشكل كامل، واستقالة حكومة المالكي، وذلك ضمن سلسة الاحتجاجات التي شهدها العراق.

وفي تطور مفاجئ، سيطر مسلحو تنظيم الدولة الإسلامية في العراق والشام يوم 10 يونيو/حزيران 2014 على المدينة بعد معركة مثيرة للجدل فرَّ فيها أفراد الجيش العراقي، وهو ما أدى إلى نزوح مئات الآلاف من سكانها.

ومنذ مايو/أيار 2016 تدفع الحكومة العراقية بحشود عسكرية قرب الموصل في إطار خطة لاستعادة السيطرة عليها.

وفي 16 أكتوبر/تشرين الأول 2016 أعلن رئيس الوزراء العراقي حيدر العبادي بدء عمليات استعادة مدينة الموصل، وقال العبادي في كلمة نقلها التلفزيون العراقي إن دخول الموصل لاستعادتها من تنظيم الدولة سيقتصر على الجيش والشرطة، مشيرا إلى أن هذا العام (2016) سيكون عام الخلاص من التنظيم.

المعالم
من أبرز معالم محافظة نينوى جامع "النبي يونس" المبني فوق كنيسة "القديس يونان" على نفس التلة، والجامع "الكبير" الذي يضم منارة "الحدباء" التي يزيد ارتفاعها عن 52 مترا وبني عام 568 م، وجامع "قبر النبي شيت" الذي اكتشف عام 1647 (1057 هـ).

المصدر : الجزيرة