الرصاص المصبوب.. عدوان على غزة فشل بإخضاعها
في 27 ديسمبر/كانون الأول 2008، بدأ الاحتلال الإسرائيلي عدوانه العسكري على قطاع غزة بعملية سماها "الرصاص المصبوب"، في حين اختارت المقاومة الفلسطينية أن تسميها "معركة الفرقان"، واستمرت نحو 23 يوما.
وأنهت الحربَ تهدئة دامت ستة أشهر تم التوصل إليها بين حركة المقاومة الإسلامية (حماس) وبين إسرائيل، برعاية مصرية في يونيو/حزيران 2008.
وأسفرت الحرب عن نحو 1500 شهيد ودمار هائل في البنية التحتية بغزة. ورغم انتهائها ومرور سنوات عليها، لم يعاقب قادة الاحتلال الاسرائيلي على جرائمهم في حق القطاع وسكانه، رغم إقرار منظمات دولية وحقوقية في تقاريرها بوقوع جرائم حرب بحق المدنيين الفلسطينيين.
وسبق "معركة الفرقان" عملية إسرائيلية خرقت بها التهدئة في الرابع من نوفمبر/تشرين الثاني من العام ذاته، حيث نفذت عملية استهدفت ستة من كوادر حركة حماس، مما أدى إلى استشهادهم جميعا، غير أن الجانب الفلسطيني تحلى بضبط النفس وآثر استمرار التهدئة.
وخلال الحرب استهدفت إسرائيل كل المرافق الحيوية في القطاع إضافة إلى المدارس والجامعات والمساجد والمستشفيات والمراكز الطبية، ومراكز وكالة غوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين (أونروا)، ومنها مدرسة الفاخورة في جباليا شمال غزة التي تم استهدافها في السادس من يناير/كانون الثاني 2009 بقنابل الفسفور الأبيض الحارقة، مما أدى إلى استشهاد 41 مدنيا وإصابة العديد بجروح وحروق.
واستخدمت إسرائيل عددا من الأسلحة المحرمة دوليا في مقدمتها اليورانيوم المنضب، حيث حملت أجساد بعض الضحايا آثار التعرض لمادة اليورانيوم المخفف بنسب معينة، وكذلك الفسفور الأبيض، وقد اتهمت منظمة "هيومن رايتس ووتش" إسرائيل باستخدام الأسلحة الفسفورية.
وفيما يأتي أهم محطات هذه الحرب:
صبيحة يوم 27 ديسمبر/كانون الأول 2008، قامت نحو ثمانين طائرة بعشرات الغارات الجوية على قطاع غزة خلال وقت قصير، استهدفت الأحياء السكنية ومقار ومراكز عسكرية وأمنية وشرطية تابعة لحركة المقاومة الإسلامية (حماس)، وتسببت باستشهاد أكثر من مئتي فلسطيني وجرح أكثر من سبعمئة آخرين. وقد دعا رئيس المكتب السياسي لحركة حماس خالد مشعل إلى انتفاضة فلسطينية ثالثة تشمل قطاع غزة والضفة الغربية، وتوالى سقوط صواريخ المقاومة على المناطق الإسرائيلية.
28 ديسمبر/كانون الأول 2008، جيش الاحتلال الإسرائيلي يحشد قوات مدرعة على مقربة من السياج الحدودي الفاصل بين إسرائيل وقطاع غزة، وبالمقابل تعلن الإذاعة الإسرائيلية سقوط ما يزيد على ستين صاروخا فلسطينيا منذ بدء العدوان الإسرائيلي، وتقول إن فصائل المقاومة استخدمت صواريخ ذات مدى بعيد وصلت لمناطق لم تصلها من قبل. وجاء ذلك بعد تهديد كتائب عز الدين القسام -الجناح العسكري لحماس- بتوسيع عمليات القصف لتشمل آلافا جديدة من المستوطنات.
31 ديسمبر/كانون الأول 2008، ارتفاع حصيلة الشهداء لنحو أربعمئة والجرحى لأكثر من ألفين إصابة ثلاثمئة منهم خطرة، وفي المقابل وصلت صواريخ المقاومة إلى عسقلان وسديروت.
1 يناير/كانون الثاني 2009، الطيران الحربي الإسرائيلي يغير على منزل القيادي في حماس نزار ريان بمخيم جباليا مما يؤدي لاستشهاده مع 15 من أفراد عائلته، فيما أعلنت كتائب عز الدين القسام قصف القاعدة الجوية الإسرائيلية حتسريم -لأول مرة- بصاروخ غراد مطور.
2 يناير/كانون الثاني 2009، المظاهرات تعم عواصم عالمية احتجاجا وتنديدا بمجازر الاحتلال الإسرائيلي.
3 يناير/كانون الثاني 2009، جيش الاحتلال الإسرائيلي يعلن بدء العملية البرية من عملية "الرصاص المسكوب"، كما أعلن بدء تجنيد الكثير من وحدات الاحتياط العسكرية.
5 يناير/كانون الثاني 2009، في اليوم العاشر للعدوان ارتفع عدد الضحايا لأكثر من 550 شهيدا و2700 جريحا، بحسب إحصاءات وزارة الصحة في غزة. وفي المقابل تعلن كتائب عز الدين القسام وقوع قوة إسرائيلية خاصة في كمين وإسقاط طائرة إسرائيلية من دون طيار.
6 يناير/كانون الثاني 2009، صحيفة التايمز البريطانية قالت إن الجيش الإسرائيلي يستخدم أسلحة محرمة دوليا في عدوانه على غزة، وإنه استعمل قذائف الفوسفور الأبيض.
7 يناير/كانون الثاني 2009، الناطق باسم وكالة الأونروا عدنان أبو حسنة، ينفي اتهامات الاحتلال باستخدام مسلحين فلسطينيين منشآت الوكالة في الحرب، ومجلس حقوق الإنسان في جنيف يدعو لجلسة خاصة لمناقشة انتهاكات حقوق الإنسان والعدوان الإسرائيلي على قطاع غزة.
9 يناير/كانون الثاني 2009، مجلس الأمن يتبنى قرارا يدعو لوقف إطلاق النار في قطاع غزة وانسحاب القوات الإسرائيلية وإعادة فتح المعابر إلى القطاع.
10 يناير/كانون الثاني 2009، وزير الدفاع الإسرائيلي إيهود باراك يأمر الجيش بتوسيع العملية العسكرية في قطاع غزة، ورئيس المكتب السياسي لحركة حماس خالد مشعل، يؤكد في كلمة له أن العدوان الصهيوني على قطاع غزة فشل ولم يحقق أهدافه.
12 يناير/كانون الثاني 2009، كتائب عز الدين القسام تعلن أسر جندي إسرائيلي خلال المعارك في قطاع غزة، فيما تبنى مجلس حقوق الإنسان التابع للأمم المتحدة قرارا بإدانة العدوان على القطاع واتهم الاحتلال بارتكاب انتهاكات خطيرة لحقوق الإنسان، ونص على تشكيل لجنة تقصي حقائق في الانتهاكات الإسرائيلية.
14 يناير/كانون الثاني 2009، حصيلة الضحايا ترتفع إلى أكثر من 1015 شهيدا من بينهم 315 طفلا و100 امرأة و98 مسنا، فيما تجاوز عدد الجرحى 4700.
17 يناير/كانون الثاني 2009، رئيس الحكومة الإسرائيلية إيهود أولمرت يعلن أن المجلس الوزاري الإسرائيلي المصغر للشؤون السياسية والأمنية صوت لصالح ما سماه وقف إطلاق النار في غزة من جانب واحد.
18 يناير/كانون الثاني 2009، فصائل المقاومة الفلسطينية تعلن موافقتها على وقف إطلاق النار الذي أعلنه الاحتلال الإسرائيلي، وتمهله أسبوعا لسحب قواته من المناطق التي احتلها في قطاع غزة، وتطالب بفتح جميع المعابر والممرات لدخول المساعدات الإنسانية والإغاثية والاحتياجات اللازمة للشعب الفلسطيني في القطاع.
19 يناير/كانون الثاني 2009، قوات الجيش الإسرائيلي البرية تبدأ انسحابا تدريجيا من قطاع غزة بعد تطبيق وقف إطلاق النار بين إسرائيل وحماس. وذكر مسؤولون عسكريون أن القوات الإسرائيلية ستكمل انسحابها بشكل كامل قبل استلام الرئيس الأميركي المنتخب باراك أوباما منصبه.
21 يناير/كانون الثاني 2009، الجيش الإسرائيلي يكمل انسحابه من قطاع غزة، حيث عادت الحياة لطبيعتها بعد 23 يوما من العدوان.
وقد أطلقت المقاومة الفلسطينية خلال هذا العدوان 980 صاروخا وقذيفة تجاه مدن ومستوطنات الاحتلال وقواعده العسكرية.
وأسفر العدوان على غزة هم استشهاد نحو 1500 من بينهم 926 مدنيا و412 طفلا و111 امرأة، فيما فقد الآلاف بيوتهم إذ تشرد أكثر من تسعة آلاف شخص ودمر 34 مرفقا صحيا وانهارت 67 مدرسة ودمر 27 مسجدا، وغير ذلك من الخسائر في البنية التحتية.
ورغم استعمال الاحتلال الأسلحة المحرمة دوليا -وفي مقدمتها اليورانيوم المنضب والأسلحة الفسفورية- فإنه فشل في تحقيق أهدافه، بل تعرض لخسائر كبيرة إذ قتل منه حوالي مئة شخص من بينهم 48 جنديا بحسب المقاومة، فضلا عن إصابة أكثر من أربعمئة وحالة الرعب النفسي التي اجتاحت الاحتلال والمستوطنين، والخسائر المادية التي قدرتها بعض الدراسات بـ2.5 مليار دولار.