منتجع الحبانية بالعراق.. يعوم في الإهمال ويحن للماضي

المدينة السياحية في الحبانية
اتخذت القوات الأميركية المنتجع مقرا لعملياتها العسكرية أثناء غزوها العراق (الجزيرة)

وليد المصلح-بغداد

تطل عليك من بعيد كأنها واحة ساحرة يزين وجودها صحراء لا ماء فيها ولا رمق، فقد كانت بالأمس القريب قبلة للسياح المحليين والأجانب من شتى البقاع، قاصدين بحيرتها الرقراقة وأجواءها الخلابة، إنها المدينة السياحية في الحبّانية بمحافظة الأنبار (68 كيلومترا غرب بغداد).

تتنوع مرافقها الممتدة على مساحة 2666 دونم ما بين أماكن للترفيه وكازينوهات، وحدائق خضراء، وأسواق صغيرة، وألعاب للأطفال، ومطاعم و"شاليهات" تنتصب على ضفاف البحيرة الهادئة.

بحالة من الدهشة والذهول، وصف حسن فالح أحد السياح الوافدين من العاصمة بغداد وضع المدينة الحالي، قائلا "آخر مرة زرتها كانت عام 2002، وبعد الاستقرار الأمني الذي تشهده الأنبار، جئت بعائلتي لقضاء عطلتنا هنا، لكني ذهلت لما شاهدته من خراب حل بالمدينة".

"في الماضي كانت بحيرتها نظيفة، وماؤها يصل إلى الشاطئ، أما اليوم فقد انحسر عنها الماء وامتلأت بالنباتات، ولا توجد مدينة ألعاب أو أماكن للترفيه كالذي كان في السابق".

كلمات فالح اختزل فيها كثيرا من التوصيف لمدينة آخر عهده بها كان قبل غزو العراق، عندما كانت ملتقى للعائلات العراقية، حيث حرارة الصيف تمتزج بنسمات الخريف العليلة على ساحل رملي يأسر الأنظار.

هيئة استثمار الأنبار سحبت ترخيص الشركة المستثمرة للمنتجع بعد توقف عملها (الجزيرة)
هيئة استثمار الأنبار سحبت ترخيص الشركة المستثمرة للمنتجع بعد توقف عملها (الجزيرة)

قصة مدينة
شُيدت المدينة نهاية سبعينيات القرن الماضي من قبل شركة فرنسية على ضفة بحيرة الحبانية، إحدى المسطحات المائية الواقعة على نهر الفرات، وافتتحت رسميا عام 1979 بطاقم خدمي وسياحي فرنسي، قبل أن تنقل إدارتها للجانب العراقي.

وحصلت على الكأس الذهبية عام 1982 بوصفها أحد أهم المنتجعات السياحية في الشرق الأوسط.

لكنها اليوم لم تعد كما كانت سيرتها الأولى إبّان حقبة الثمانينيات، فمرآبها الكبير الذي يتسع لنحو 1500 مركبة، أصبح خاويا على عروشه إلا من بعض مركبات الموظفين وبعض السياح.

إعلان

وفندق المدينة ذو الخمس نجوم باتت غرفه مهجورة لا تصلح للمكوث أو الإقامة. علاوة على الدور السياحية البالغة خمسمئة دار، وغالبيتها خارجة عن الخدمة الآن، وكذلك الدور المخصصة للشخصيات المهمة ورجال الأعمال.

رحلة الإهمال
كانت للمدينة حكاية مع الغزو الأميركي للعراق عام 2003 بعد أن اتخذتها القوات الأميركية مقرا يوفر الدعم الفني واللوجستي لعملياتها العسكرية، وأمضت فيها قرابة العامين، ومن هنا بدأت رحلتها مع التدهور والإهمال.

بعد سنوات من التراخي والفتور، عمدت إدارة المنتجع التابعة لوزارة الثقافة العراقية إلى تأهيل البنى التحتية فيها بإبرامها عقدا مع إحدى الشركات الاستثمارية أواخر عام 2011.

لكن العمل توقف بعد سيطرة تنظيم الدولة الإسلامية على الأنبار عام 2014، مما دفع الأهالي للنزوح صوب المدينة السياحية واتخذاها مأوى بديلا حتى نهاية عام 2017.

مسؤول القسم الهندسي في المنتجع يعقوب طه أوضح في حديثه للجزيرة نت أن هيئة استثمار الأنبار سحبت ترخيص الشركة المستثمرة بعد توقف عملها إثر موجة النزوح التي عصفت بالمحافظة، وهي تتداول الآن بشأن عودتها لاستئناف العمل، بعد انتهاء المفاوضات الخاصة بفترة التأهيل ومدة العقد الاستثماري.

‪باتت غرف‬ فندق المدينة ذي الخمس نجوم (الجزيرة)
‪باتت غرف‬ فندق المدينة ذي الخمس نجوم (الجزيرة)

امكانيات محدودة
وأوضح عضو الهيئة الإدارية محسن السالم أن الإمكانيات المتاحة لإدارة المدينة محدودة ولا يمكنها إعادة المنتجع إلى سابق عهده.

وقال السالم للجزيرة نت إن العمل يتم ضمن سقف الممكن استعدادا لموسم الصيف القادم، حيث يزداد إقبال السياح من مختلف المحافظات العراقية، إضافة إلى المناسبات والعطل الرسمية.

ودعا الحكومة المركزية إلى دعم هذا المرفق السياحي المهم وشمله بالتعويضات كبقية المؤسسات التي تعرضت لأضرار نتيجة العمليات العسكرية.

الكثير من المعالم السياحية والحضارية همشت وطالها النسيان في بلاد الحضارات حتى طمست معالم البعض منها، ولسان حالها يقول أنقذوا ما تبقى اليوم من إرث تاريخي.

المصدر: الجزيرة

إعلان