حديث الثورة

التوظيف الانتقائي للخطاب الديني في مصر

ناقشت حلقة “حديث الثورة” التوظيف الانتقائي للدين بمصر في ظل حالة التأزم السياسي الراهنة.

أجمع جل ضيوف حلقة 16/7/2015 من برنامج "حديث الثورة" على أن نظام الرئيس عبد الفتاح السيسي استخدم الدين منذ اللحظة الأولى لتبرير انقلابه، بينما رأى الخبير في الشؤون المصرية توفيق حميد أن السيسي اتخذ خطوات باتجاه حماية المجتمع من التوظيف السيئ للدين.

ضرورة التجديد
واعتبر حميد أن الشيخ محمد جبريل -الذي فجر ضجة وردود فعل واسعة بدعاء القنوت الذي تلاه في صلاة التراويح من مسجد عمر بن العاص بالقاهرة- استخدم عبارات تنطوي على رموز واضحة من شأنها توسيع دائرة الشرخ الذي ينخر جسد المجتمع المصري.

ودافع حميد بشدة عن موقف السلطة تجاه جبريل وغيره من رجال الدين بمصر، وقال إن هذا الموقف يعكس رسالة مفادها أنه لا مجال لاستخدام الدين لإثارة النعرات، ولا مجال لتحويل ساحات المساجد إلى فضاءات لبث الكراهية واللعنات على الآخرين.

وأشار إلى أن أحداث الـ11 من سبتمبر وما تلاها من عمليات إرهابية نفذت باسم الدين جعل هناك ضرورة حتمية لتجديد الخطاب الديني.

ورأى حميد أن على رجال الدين أن يدركوا أن الرئيس عبد الفتاح السيسي لا يتصنع وإنما هو يتحدث عن وقائع حقيقية.

بيد أن الباحث والمؤرخ السياسي المصري محمد الجوادي لفت إلى أن تجديد الخطاب الديني مصطلح إخواني يعود فيه الفضل لجماعة الإخوان المسلمين، وذلك بشهادة أساتذة الفلسفة الغربيين.

ورأى أن ما يفعله الساسة اليوم في مصر -وفي مقدمتهم الرئيس عبد الفتاح السيسي- ليس إلا تجريدا وتشريدا للخطاب الديني.

وقال إن النظام يخلق طواحين هواء ويوهم الناس بأنه سينتصر عليها ويخلصهم من شرها.

سلطة السياسة
ومن القصيم بالمملكة العربية السعودية تحدث الداعية الإسلامي سلمان العودة الذي شدد على أن تصحيح الخطاب الديني من الضروري أن ينطلق من الأدوات الدينية ذاتها.

وأضاف أن الحديث عن تجديد الخطاب الديني لا تكون له أي قيمة ما لم يكن متجردا من سلطة السياسة.

واعتبر أن توظيف الدين من قبل قوى العنف تضاعف أثناء العامين الأخيرين بعد موجة الثورات المضادة والانقلاب على إرادة الشعوب.

وفي السياق نفسه، قال محمد الصغير مستشار وزير الأوقاف المصري السابق إن استخدام الدين عمل يتقنه السيسي، وقد فعل ذلك من الوهلة الأولى لانقلابه العسكري عندما أحضر شيخ الأزهر وبابا الكنيسة لإضفاء شرعية دينية على الانقلاب.

واتهم الصغير الرئيس المصري بأنه ينافس مسيلمة مدعي النبوة في قتل حفظة القرآن.

علماء السلطان
أما أستاذ العلوم السياسية في جامعة الخرطوم الطيب زين العابدين فقد أكد أن النظام في مصر اليوم استبدادي وقمعي من الدرجة الأولى، لافتا إلى أن الحاكم العسكري يسعى بطبيعته إلى إدارة الدولة على شاكلة إدارة الجيش.

وذكر أن تغير العصر يفرض تغير المفاهيم والأساليب، مشيرا إلى أن كل المعاملات تخضع للتجديد حسب الواقع المعيش، وفي مناخ من الحرية.

وخلص زين العابدين إلى القول إن علماء السلطان أساؤوا للدين أكثر من الجماعات الدينية، مؤكدا أن التجديد لا يمكن أن يصدر عن نظام استبدادي على غرار النظام المصري.