حديث الثورة

"الغلابة" بمصر.. من كارثة السيول إلى التصعيد الأمني

ناقش برنامج “حديث الثورة” أولويات النظام المصري بين مواجهة تحديات الأمن المزمنة ومعالجة الأزمات الطارئة مثل كارثة السيول الأخيرة، بالتزامن مع حملات اعتقال للداعين لثورة “الغلابة” في 11 نوفمبر/تشرين الثاني.

هل تحدد الثورات بمواعيد مسبقة؟ تساؤل تفرضه الدعوة في مصر لما يسمى بثورة الغلابة في 11 نوفمبر/تشرين الثاني المقبل.

الأجهزة الأمنية المصرية استبقت هذه الدعوة بحملات اعتقال لعشرات من الشباب، وترافق هذا مع تصعيد أمني في محافظة شمال سيناء.

لكن من يسميهم المصريون بالغلابة كانوا في مواجهة عنيفة قتلت وأصابت العشرات منهم، تمثلت في السيول التي جرفت ديارهم في محافظات البحر الأحمر وسوهاج وقنا وأسيوط.

أجهزة النظام إذ أخذت احتياطاتها ضد مظاهرات مدنية مزمعة لم تحتط لمواجهة سيول تتكرر سنويا، وهو ما ناقشه برنامج "حديث الثورة" في جزئه الأول من حلقة (2016/10/30).

النعمة والنقمة
لماذا تحولت نعمة الأمطار إلى نقمة؟ يقول محمد حافظ أستاذ هندسة السدود وجيوتكنيك السواحل الطينية في جامعة "تناجا" الوطنية في ماليزيا إن الإشارات على طقس غير مستقر في سواحل البحر الأحمر كان ينبغي أن تقابل باستعدادات في وزارة الري منذ ثلاثة أشهر.

ووفقا له فإن تكلفة الاستعدادات لا تعادل 5% من حجم الخسائر التي وقعت، لكن العيب في هذا الجانب وفي غيره من جوانب إدارة البلاد يرد إلى أن "الرئيس المؤمن" لم يصدر تعليماته أو نسي أن يصدرها للوزير المعني.

وأشار إلى ملامح من سوء التدبير متمثلة في شبكة طرق حديثة أنشأها الجيش المصري لم تصمد أمام أول أمطار، ليظهر أن الطرق لم تكن أكثر من طبقة إسفلتية غير مجهزة سرعان ما طافت فوق المياه.

وفي رأيه أن ثمة العديد من الحلول لاستثمار هذه الأمطار بدل أن تتبخر أو تتحول إلى سيول، ومن ذلك بناء سدود إعاقة للسيول وبحيرات صناعية واستخدام تقنيات الصهاريج التي استخدمها الرومان في الإسكندرية منذ 2000 عام.

حول بطء رد الفعل من جانب الحكومة في التعاطي مع كارثة السيول قال نائب مدير مركز الاتحادية للدراسات في مصر محمود إبراهيم متحدثا من نيويورك إن هذا يدلل على أنها حكومة ضعيفة ورثت العديد من الأزمات وفشلت في حلها.

غير أن المشكلة لا تكمن في الحكومة -وفق قوله- بل في السياسات العامة، التي ينبغي أن يضطلع البرلمان بتحديد أولوياتها، إضافة إلى دوره الرقابي.

لم يوافق محمد حافظ على ما قال به محمود إبراهيم، بل رأى أن الفكر العسكري هو من يتحمل المسؤولية، وأن السيسي الذي قال "نحن نعيش في أشباه دولة" هو من يمسك بيده كل الخيوط، وما الحكومة والبرلمان سوى "مسرح عرائس".

تصعيد أمني
في النصف الثاني بحثت الحلقة أبعاد التصعيد الأمني في سيناء والحملة على الناشطين والصحفيين بحجة الدعوة للمشاركة في ثورة الغلابة.

عمر عاشور أستاذ الدراسات الأمنية والعلوم السياسية في جامعة إكستر البريطانية يرى أن سيناء واجهت استراتيجية فاشلة منذ ثلاث سنوات توسعت فيها دائرة الاشتباه بشكل غير مسبوق وعوقبت مناطق سكنية بأكملها.

أما اللواء مجدي الشاهد مساعد وزير الداخلية المصري الأسبق فقال إنه طيلة السنوات القليلة الماضية لم يمس بالمدنيين في سيناء، لأن مصر دولة مؤسسات، مؤكدا أن أهل سيناء يتعرضون للتهديد والتخويف من "الإرهابيين" إذا ما تعاونوا مع الشرطة والقوات المسلحة.

وخلص إلى أن الجهود جارية لطمأنة السكان في سيناء بأن أي ضرر لن يلحق بهم من "الإرهابيين" إذا ما تعاونوا وأدلوا بمعلومات عنهم.

عقل أمني واحد
من ناحية ثانية علق عمر عاشور على حملة الاعتقالات للداعين لمظاهرات حملت اسم ثورة الغلابة بأن النظام لا يفرق بين حربه في سيناء ضد تفجيرات وعمليات انتحارية ومظاهرات وإضرابات ذات طابع مطلبي، ومع أن الفارق بين الحالتين كبير فإن العقل الأمني واحد.

وعن حالة الاستنفار الأمني السابقة لثورة الغلابة قال اللواء مجدي الشاهد إن من دعا إليها هم "أصحاب رابعة" منبها إلى أن تاريخ 11/11 يشير إلى رقم واحد مكرر أربع مرات، وهي شارة رابعة، وفي رأيه لا يوجد غلابة في مصر التي فيها "أغنى أغنياء العالم"، حسب قوله.