شاهد على العصر

الصادق المهدي: النميري عرض عليّ منصب نائب الرئيس ج11

يروي رئيس وزراء السودان الأسبق زعيم حزب الأمة القومي الصادق المهدي لبرنامج “شاهد على العصر”، تفاصيل المحاولة الانقلابية التي قادتها المعارضة عام 1976 ضد نظام النميري، وخلفت مئات القتلى.

يؤكد رئيس وزراء السودان الأسبق زعيم حزب الأمة القومي الصادق المهدي أن أسبابا فنية كانت وراء فشل المحاولة الانقلابية ضد نظام جعفر النميري في 2 يوليو/تموز 1976، التي أسفرت عن مقتل 800 شخص، ولكنه يشدد -في الحلقة الحادية عشرة له مع برنامج "شاهد على العصر"- على أنها كانت دافعا للنميري كي يلجأ إلى خيار المصالحة مع المعارضة ويعرض عليه منصب نائب رئيس البلاد.

ويقول المهدي إن المعارضة السودانية توحدت في "التجمع الوطني الديمقراطي"، واتفقت على الدخول في مواجهة عسكرية مع نظام النميري، بعدما أغلق كل منافذ العمل السياسي، حيث طلبت مساعدة العقيد الليبي الراحل معمر القذافي -الذي كان على علاقة سيئة بالنميري- من خلال تدريب القوات التي توكل لها مهمة تنفيذ الانقلاب.

وضم تحالف المعارضة أحزاب الأمة والوطني الاتحادي والشيوعي والإخوان المسلمين، وكشف زعيم حزب الأمة أن التحالف شمل أيضا الحركة الشعبية لتحرير السودان بزعامة جون قرنق، وحسبما روى المهدي فإن هذه الحركة كانت تتلقى أكبر الدعم من القذافي وليس من الدول الأفريقية.

وبالفعل تدرب عدد كبير من الأنصار وعدد محدود من جماعة الإخوان المسلمين، يضيف المهدي، وتسربت الخلايا النائمة إلى داخل العاصمة الخرطوم تحت قيادة محمد نور سعد، وكانت الخطة أن تتم السيطرة على كل مفاصل العاصمة ومن بينها الإذاعة، بشرط أن تنضم إليهم القوات المسلحة وتكمل المهمة.

ويكشف ضيف "شاهد على العصر" أن ألف شخص شاركوا في المحاولة الانقلابية، لكن العملية فشلت لأن الضباط الذين تم الاتفاق معهم على إكمال المهمة لم يلتزموا بالاتفاق، كما أنه لم يعلن بيان المعارضة التي شاركت في المحاولة عبر الإذاعة والذي يشرح أهدافها من وراء هذه المحاولة، مما جعل النميري يطلق عليهم "مرتزقة".

ويذكر أن النميري قتل 800 شخص إثر المحاولة الانقلابية التي أطلق عليها "غزو المرتزقة" وأعدم محمد نور رميا بالرصاص.   

وقد طلب القذافي المشاركة بقوات وطيران في المحاولة الانقلابية ضد نظام النميري، لكن المهدي -كما يكشف هو نفسه- عارض ذلك بحجة أن القضية سودانية ولا يريد أن يموت أو يعتقل أي ليبي في السودان.

مصالحة
وحسب زعيم حزب الأمة، فإنه رغم فشل المحاولة الانقلابية للعام 1976، فقد جعلت النميري يدرك أنه لا يمكنه الحكم بالقوة، ولذلك لجأ إلى طلب لقاء المهدي في 7 يوليو/تموز 1977 في بورسودان، حيث عرض عليه فكرة المصالحة، وأن يتم الاتفاق على تطوير البلاد على أساس ديمقراطي.

وكان الاتفاق يقضي -يواصل ضيف "شاهد على العصر"- بأن يطلق سراح المعتقلين من الأنصار ومن المعارضة وأن تقود البلاد حكومة قومية، وأن يصدر العفو عن كل الذين شاركوا في المحاولة الانقلابية، مع الاستمرار في حوار لتحقيق التطور الديمقراطي في السودان.

ومن الأسرار التي يكشفها المهدي أن النميري زاره في منزله عام 1980، وعرض عليه منصب نائب رئيس البلاد، قائلا له "أنا لا أرى من حولي من يصلح لأن يخلفني.. فهل تقبل أن تكون خليفتي ونائبي في رئاسة الجمهورية"، لكن رد المهدي كان "ما لم يتغير الدستور الحالي فأنا لا أوافق على منصبك نفسه".