ليبيا.. أربعة تحديات بعد غياب حفتر

نجاة عبد الرزاق الناظوري رئيس أركان القوات التابعة لحفتر من محاولة اغتيال في بنغازي
حفتر في بنغازي مع رئيس أركانه الناظوري (وكالات)
في الوقت الذي تأكد فيه أن الجنرال خليفة حفتر يعالج من سكتة دماغية في أحد مستشفيات باريس، بدأت المفاوضات واللقاءات تجري على قدم وساق -وإن بهدوء- لتحديد خليفته في قيادة "الجيش الوطني الليبي" فما هي التحديات التي يطرحها غيابه في ليبيا؟

هذا ما حاولت صحيفة لوموند الفرنسية -في تقرير لمراسلها في تونس فردريك بوبين- أن تجيب عليه.

يقول المراسل إن هذا الجنرال -المقرب أيديولوجيًا من مصر، بوصفه خصما لدودا لجماعة الإخوان المسلمين، والذي يحصل على دعم قوي من الإمارات– يقود معسكرا سياسيا وعسكريا أكثر هشاشة مما يظهر على السطح.

وهو ما يطرح -حسب المراسل- أربعة تحديات تشمل استمرار انسجام "الجيش الوطني" الذي بناه هذا الجنرال وصلابة الدعم القبلي له وغموض علاقاته مع مناصري الزعيم الراحل معمر القذافي، ناهيك عن علاقته بالسلفيين الذين نسج معهم تحالفا قويا.

شبح الانشقاقات
ويتمثل التحدي الأول -حسب المراسل- في شبح الانشقاقات الداخلية الذي بدأ يخيم على قوات حفتر التي يطلق عليها اسم "الجيش الليبي" رغم أن مناوئيه لا يرون فيها سوى "تجمع لعدد من المليشيات".

لكن من ذا الذي يمكنه أن يحل محل حفتر على رأس هذه القوات؟ سؤال يقول مراسل لوموند إن جوابه يتحدد في القاهرة وأبو ظبي أكثر مما يتحدد في بنغازي نفسها.

ويضيف أن الوريث الطبيعي لحفتر هو رئيس هيئة الأركان عبد الرزاق الناظوري، لكن هذا الأخير متورط في فضائح تجعل ترشيحه غير مرغوب.

أما البدائل الأخرى فإن الباحث بالمجلس الأوروبي للعلاقات الخارجية طارق مجيريسي يلفت إلى أن "حفتر أعد ابنيه خالد وصدام لخلافته لكنهما لا يحظيان باحترام الجنود بسبب افتقارهما إلى الخبرة القتالية والاشتباه في محاباتهما للأقارب".

ويرى المراسل أن رئيس الأمن العسكري بالجيش الليبي عون الفرجاني في وضع أفضل لخلافة حفتر، لكنه يشير إلى أن انتماء الفرجاني لنفس قبيلة حفتر يمكن أن يدفع قبائل أخرى إلى الاعتراض عليه والمطالبة بأن يكون القائد منها.

ولئن كان المراقبون يعتقدون أن الجنرال عبد السلام الحاسي يمكن أن يمثل مرشحًا وسطًا مقبولا، فإن المراسل يبرز أن حفتر كان عليه إجماع بين جميع الأطراف، أما خلافته فمن المرشح أنها ستتأثر بقوة بالتوترات الداخلية داخل التحالف العسكري الذي كان تماسكه بالمقام الأول يعود لشخصية حفتر نفسه.

الصراعات القبلية
أما التحدي الثاني فيتمثل في الصراعات القبلية، فغياب حفتر يمكن أن يؤدي إلى إعادة تموضع بعض القبائل الكبيرة بمنطقة برقة مثل العواقير والمغاربة والعبيدات والبراعصة والحاسي، فبعضها تقتصر مطالبه على قضايا مجتمعية بحتة بينما يدعو البعض الآخر بصراحة إلى الفدرالية.

وحسب المراسل، فإن قبيلة العواقير لا تخفي طموحها في أن يتولى أحد عناصرها خلافة حفتر، مشيرا إلى أن فاتورة النزاعات قد تتضخم إذا عين أحد عناصر قبيلة الفرجاني التي ينحدر منها حفتر خليفة له.

عودة القذافيين
ويلخص المراسل التحدي الثالث في "خطر عودة القذافيين" إذ إن حفتر ضم إلى جانبه عددا من كبار المسؤولين السابقين في نظام الجماهيرية المنهار، مثل الجنرالين محمد بن نايل والطيب الصافي.

فمن الواضح -حسب المراسل- أن حفتر خلال بحثه عن داعمين استغل شبكات القذافي السابقة، لكنه في مقابلة مع جريدة جون آفريك في فبراير/شباط الماضي لم يخف ضجره من الالتفاف المحتمل لبعض الأوساط حول سيف الإسلام القذافي قائلا "من المؤسف أن العديد من السذج يتلهفون لعودة سيف الإسلام".

ومن المعروف أن ثمة انعداما عميقا للثقة بين أنصار القذافي وحفتر، إذ لا ينسون له انشقاقه عن النظام ولجوءه إلى الولايات المتحدة في أعقاب الحرب الكارثية في تشاد عام 1987 ثم انضمامه عام 2011 إلى مناهضي القذافي.

السلفيون المداخلة
ولا يمكن عند التفكير في خلافة حفتر التغاضي عن السلفيين المداخلة، وهذا هو التحدي الرابع -حسب المراسل- فقد مثل هؤلاء ذراع حفتر الضاربة في إطار ما يسمى قوات الصاعقة.

وفي الشرق الليبي، تعاظم بالفعل تأثيرهم الأيديولوجي وجسدوا ذلك بإنشاء شرطة للأخلاق.

ولئن كانوا يقولون إنهم لا يتدخلون في السياسة وإن ولاءهم للحاكم أعمى، فإنهم قوة لا بد أن يحسب لها حسابها في المشهد الليبي ما بعد حفتر.

المصدر : لوموند