روسيا تسعى لإخراج واشنطن من المربع السوري

FILE PHOTO: Russian President Vladimir Putin addresses servicemen as he visits the Hmeymim air base in Latakia Province, Syria December 11, 2017. Sputnik/Mikhail Klimentyev/Sputnik via REUTERS ATTENTION EDITORS - THIS IMAGE WAS PROVIDED BY A THIRD PARTY/File Photo
بوتين أثناء إلقاءه كلمة بقاعدة حميميم السورية في 11 ديسمبر/كانون الأول 2017 (رويترز)
ألقت صحيفة واشنطن بوست في مقال للرأي الضوء على مجريات الأحداث في سوريا، واعتبرت أن الرئيس الروسي فلاديمير بوتين يسعى لتثبيت روسيا كقوة مهيمنة بسوريا واعتبارها لاعبا رئيسيا في الشرق الأوسط، مراهنا على قدرته على دفع الولايات المتحدة خارج المربع السوري.

وتبدو الأحداث في سوريا ساخنة على أكثر من جبهة، ففي الأسبوع الماضي هاجمت قوات موالية لحكومة الرئيس السوري بشار الأسد القوات الكردية المدعومة من الولايات المتحدة، مما دفع الأخيرة لرد جوي مدمر.

وبعد ثلاثة أيام تبادلت إسرائيل وسوريا وإيران الضربات بعد عبور طائرة استطلاع إيرانية الحدود الإسرائيلية، كما أسقطت طائرة إسرائيلية بنيران سورية في إسرائيل، يأتي ذلك في حين تواصل تركيا هجماتها على المنطقة الكردية الواقعة على حدودها مهددة بتوسيع عملياتها بسوريا حيثما تتمركز قوات أميركية.

في الأثناء، تواصل القوات السورية والروسية قصف مواقع المعارضة شرق دمشق وبمحافظة إدلب شمال البلاد مستخدمة أسلحة كيميائية.

‪‬ قوات كردية تتقدم وحدات أميركية بسوريا على الحدود التركية(رويترز-أرشيف)
‪‬ قوات كردية تتقدم وحدات أميركية بسوريا على الحدود التركية(رويترز-أرشيف)

فتيل الصراعات
وعوضا عن تخفيض حدة الحرب تهدد الحرب الأهلية السورية بإطلاق صراعات مباشرة بين الولايات المتحدة وتركيا وإسرائيل وإيران وحتى الولايات المتحدة وروسيا.

وبحسب الصحيفة الأميركية، فإنه لا يمكن نزع فتيل هذه التهديدات إلا بالدبلوماسية الرفيعة المستوى التي يدعمها التهديد الموثوق بالقوة، إلا أنها بينت أن رد إدارة الرئيس الأميركي دونالد ترمب يبدو إلى حد الآن ضعيفا.

ولعل النقطة المشتركة في هذا النزاع هو تدخل روسيا بصفة مشارك أو شريك صامت أو وسيط لوقف إطلاق النار، فروسيا تدعم قوات الأسد وتقف جنبا إلى جنب مع إيران، وربما تكون قد دعمت هي وإيران الهجوم على حلفاء أميركا من الأكراد شرق نهر الفرات.

كما أعطى الزعيم الروسي تركيا الضوء الأخضر لشن هجومها ضد المقاتلين الأكراد، ووضع اتصاله برئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو حدا للتوتر بين إسرائيل وسوريا وإيران.

وتذكر الصحيفة أن بوتين يسعى لتثبيت روسيا كقوة مهيمنة بسوريا واعتبارها لاعبا رئيسيا في الشرق الأوسط، وكل ذلك على حساب الولايات المتحدة.

 بوتين (يمين) أثناء لقائه الأسد في مدينة سوتشي (وكالات-أرشيف)
 بوتين (يمين) أثناء لقائه الأسد في مدينة سوتشي (وكالات-أرشيف)

وسيط قوي
وعلى الرغم من أن محاولته لعقد مؤتمر سوتشي يحل محل عملية السلام التي ترعاها الأمم المتحدة الشهر الماضي قد تخبطت إلى حد كبير فإن بوتين تمكن من جعل روسيا وسيطا في صراعات سوريا المتعددة وقادرة على تأجيجها أو إخماد فتيلها.

ويتميز بوتين بازدواجية جريئة، فهو قد أبرم اتفاق خفض التصعيد في شمال وجنوب سوريا مع تركيا والولايات المتحدة ثم سمح للقوات السورية والإيرانية بخرقها.

وعلى الرغم من أن القوات الأميركية تبدو قادرة على الدفاع التكتيكي عن المناطق الشرقية والجنوبية في سوريا حيث يسيطر حلفاؤها فإن إدارة ترمب تفتقر إلى النفوذ لتحقيق أهدافها المعلنة بالبلاد، والتي من شأنها منع عودة ظهور الدولة الإسلامية، ووقف إيران عن ترسيخ قواتها بسوريا، والترويج لنظام سياسي جديد يستبعد نظام الأسد.

وفي هذا المشهد تفشل إسرائيل أيضا في تحقيق هدفها الإستراتيجي المتمثل في طرد القوات الإيرانية.

في المقابل، تراهن روسيا وإيران وتركيا على أنها تستطيع في نهاية المطاف دفع الولايات المتحدة إلى الخروج من سوريا، مما يسمح لتركيا بتجاوز الأكراد ونظام الأسد لاستعادة السيطرة السياسية الكاملة، ولإيران لتثبت نفسها على "حدود إسرائيل" الشمالية.

وإن لم تكن إدارة ترمب مستعدة لتقديم تعهد عسكري ودبلوماسي أكبر فإن هذه هي النتيجة الأكثر احتمالا، بحسب الصحيفة.

المصدر : واشنطن بوست