هل يقرب غياب حفتر بين الفرقاء الليبيين؟

صورة تجمع المبعوث الدولي غسان سلامة وخليفة حفتر وعون الفرجاني ويظهر بالخلف صدام نجل حفتر (المكتب الاعلامي لحفتر)
صورة نشرها المكتب الإعلامي لحفتر يظهر فيها مع المبعوث الدولي لليبيا غسان سلامة وأحد المرشحين لخلافته عون الفرجاني (ناشطون)
محمد النجار-الجزيرة نت

على الرغم من حديث أطراف ليبية عن اشتعال الصراع في معسكر اللواء المتقاعد خليفة حفتر على خلافته نتيجة غيابه عن المشهد إثر دخوله في غيبوبة بأحد مستشفيات باريس، لا تستبعد أطراف ليبية أخرى أن يؤدي هذا الغياب للتقريب بين الفرقاء الليبيين في شرق البلاد وغربها.

فقبل أن تحط الطائرة التي تقل رئيس مجلس النواب المجتمع في طبرق عقيلة صالح بالعاصمة الإماراتية أبو ظبي أمس الأربعاء، كان صالح قد رد بإيجاب على دعوة الرئيس الجديد للمجلس الأعلى للدولة خالد المشري للقائه.

ووجه المشري قبل أيام دعوة علنية لصالح من أجل لقائه، فرد الآخر -بعد وقت قصير- عبر المتحدث باسمه بالإيجاب، وكشفت مصادر ليبية للجزيرة نت أن الترتيبات تجري حاليا للقاء الرجلين، حيث دعا المشري صالح للقائه بأي مكان في ليبيا، بينما رد صالح بأنه يفضل أن يكون اللقاء خارجها، واقترح الأردن مكانا له.

وتربط ذات المصادر بين الاستعداد الذي أبداه صالح وبين غياب حفتر عن الساحة، لاسيما وأن المشري قيادي بحزب العدالة والبناء (الذراع السياسي لجماعة الإخوان المسلمين في البلاد) وهما (الجماعة والحزب) اللذان تعهد حفتر باجتثاثهما من ليبيا في سياق حربه المعلنة عبر "عملية الكرامة" على كافة الجماعات الإسلامية وعلى رأسها جماعات الإسلام السياسي حسب قوله.

هامة جدا
ويصف مصدر ليبي خطوة صالح بـ "الهامة جدا" خاصة وأنه طالما أعلن رفضه التعامل مع حزب العدالة والبناء (أحد أهم مكونات العملية السياسية) كما ذهب لوصفه وجماعات الإسلام السياسي بـ "الارهاب" وهو ما جعل مصادر ليبية تعتبر أن موقفه المرحب بلقاء المشري استغلالا منه لغياب حفتر.

المصدر الليبي الذي تحدث للجزيرة نت قال "لو كان حفتر موجودا لمنع لقاء عقيلة صالح بأي طرف محسوب على العدالة والبناء بأي ثمن".

ويبدو أن ترحيب صالح بلقاء المشري قد أزعج الأطراف الداعمة لحفتر و"عملية الكرامة" حيث كشفت مصادر ليبية أيضا أن هذا الترحيب سيكون على أجندة لقاءات صالح بالمسؤولين الإماراتيين، خاصة وأن الإمارات تشن مع مصر الحليف الإقليمي الآخر الداعم لعملية الكرامة حربا مفتوحة على جماعة الإخوان المسلمين.

 
صراع على الخلافة
وتزامنا مع زيارة صالح للإمارات، تعرض "رئيس هيئة الأركان" الليبي عبد الرزاق الناظوري لمحاولة اغتيال عبر تفجير في شرق بنغازي.

ولم يستبعد مراقبون أن يكون التفجير تدشينا للحرب على خلافة حفتر، ولا سيما مع استمرار غياب اللواء المتقاعد الذي تتضارب الأنباء بشأن حقيقة وضعه الصحي حيث لا يزال يرقد في أحد مستشفيات العاصمة الفرنسية باريس.

 
وبعد التفجير ظهر الناظوري في فيديو على منصات التواصل أعلن فيه أنه بخير، نافيا وجود صراع على خلافة حفتر، لدرجة أنه قال إن حفتر سيعود إلى ليبيا خلال يوم أو يومين.
 
ولا تقتصر المشاركة في الحرب على حفتر على شركائه فيما تعرف بـ "عملية الكرامة" بل تتعداها لأهم داعميه الإقليميين الإمارات ومصر.
 

من استهدف الناظوري؟
وقبل يومين، أكد مصدر رفيع بالمجلس الرئاسي لحكومة الوفاق في حديث للجزيرة أن الإمارات ومصر استبعدتا الناظوري من خيارات خلافة لحفتر، وأنهما تدعمان عبد السلام الحاسي، أو عون الفرجاني، وخيارهما الثالث هو خالد نجل حفتر.

 
لكن مصادر قالت للجزيرة نت إن هناك من لا يستبعد فرضية أن يكون التفجير الذي تعرض له الناظوري "مفتعلا".
 
ويرى أصحاب هذا السيناريو أن من دبر الانفجار ربما أراد أن يظهر الناظوري بمظهر البطل الذي تريد أطراف ما محلية أو إقليمية التخلص منه، أو قطع الطريق على أي محاولات من هذا النوع.
 
وعلى الرغم من نفي صالح أن تكون زيارته إلى أبو ظبي لبحث مرحلة ما بعد حفتر، أكد مصدر حكومي رفيع للجزيرة أن صالح يفكر جديا بإلغاء منصب "القائد العام" الذي يشغله حفتر، والإبقاء فقط على منصب "رئيس هيئة الأركان المشتركة" الذي يحتفظ به الناظوري.
 

وإضافة إلى الناظوري -الذي يعتبر أحد أهم الضباط المقربين من حفتر حيث تعود العلاقة بينهما لنحو ربع قرن، علاوة على كونه مدعوما من صالح- يبرز اثنان من المرشحين المحتملين لخلافة حفتر.
 

الحاسي والفرجاني
ويعد الحاسي المرشح الأبرز لخلافة حفتر بالنسبة للإمارات ومصر، وهو ضابط سابق في جيش القذافي، ويعتبر من الضباط المقربين من أحمد قذاف الدم الذي تربطه به قرابة عائلية أيضا.

 
والمرشح الثاني هو الفرجاني، وهو من أبناء عمومة حفتر حيث ينتميان لقبيلة الفرجان، ويوصف بأنه ذراعه اليمنى ويشغل منصب قائد هيئة السيطرة العسكرية بقوات حفتر، ويتمتع بعلاقة قوية مع الإمارات، وكان أحد الضباط البارزين زمن النظام السابق، حيث شغل مناصب قيادية بالاستخبارات العسكرية.
 
وبين سيناريو تمسك صالح بالناظوري كمرشح رئيس، وسعي القاهرة وأبو ظبي لتعيين الحاسي أو الفرجاني بهذا المنصب، ووجود طموح لأبناء حفتر بأن يخلف أحدهم والده خاصة أن الكتائب التي يقودونها تعتبر الأكثر تسليحا، يبدو المشهد شرق ليبيا مفتوحا على صراع ترى مصادر ليبية أنه بدأ فعلا وأول مظاهره محاولة تفجير موكب الناظوري.
 
غير أن المصادر التي تحدثت للجزيرة نت استبعدت اندلاع مواجهة بين صالح وحلفائه الإماراتيين والمصريين.
 

خيارات الصراع
فمن ناحية صالح فإنه لا يمكنه الاستغناء عن دعم القاهرة وأبو ظبي الكبير لعملية الكرامة، كما أن العاصمتين لا يمكنهما تجاوز صالح الذي يتمتع بنفوذ كبير شرق ليبيا، فإضافة إلى منصبه رئيسا لمجلس النواب في طبرق فهو أيضا زعيم قبيلة العبيدات التي تعتبر الأكبر هناك.

 
وصورة المشهد المعقد تبرز أيضا مع مخاوف من نهوض قبائل ليبية ترى أنه تم استبعادها من قبل حفتر في السنوات الأخيرة رغم أنها قدمت الآلاف من أبنائها في معاركه، كما تحضر الصراعات على منابع النفط، والمخاوف من اندلاع حرب شوارع بين مليشيات حرص حفتر على أن يكون الضابط الوحيد لإيقاعها، ويبدو الإيقاع غائبا مع غيبوبة اللواء المستمرة في باريس.
 
يُشار إلى أن منصبيْ القائد العام ورئيس هيئة الأركان المعلنين من جانب واحد بالشرق الليبي غير معترف بهما دوليا، ولا تعترف بهما سوى الإمارات ومصر، في حين تتعامل الأمم المتحدة وأطراف دولية مع حفتر باعتباره طرفا في الأزمة، في حين أن رئيس الأركان المعترف به دوليا هو عبد الرحمن الطويل المعين من المجلس الرئاسي في طرابلس.
المصدر : الجزيرة