حرب الشوارع.. الكابوس المرعب للقادة العسكريين

Members of the Libyan pro-government forces, backed by the locals, take their positions during street clashes with the Shura Council of Libyan Revolutionaries, an alliance of former anti-Gaddafi rebels who have joined forces with Islamist group Ansar al-Sharia, in Benghazi in this March 16, 2015 file photo. Libyan soldiers had hoped for a quick victory after local residents took up arms and joined them. But 16 months later the campaign has stalled as Islamist fighters p
يصف المخططون العسكريون معارك الشوارع في المدن خلال الحروب بـ"الكابوس المرعب" (رويترز)

"حرب الشوارع" معارك حربية تجري داخل المدن؛ يُخاض فيها القتال عبر شوارعها وأبنيتها، وتتميز عن الأنواع الأخرى للحرب بصعوبتها وخطورتها وطول مدتها خاصة في الحروب الأهلية، كما تختلف عنها في مهاراتها وأحيانا أسلحتها الخاصة التي قد تهزم بها مجموعة من المقاتلين المدربين والصبورين أعتى الجيوش المجهزة بأحدث العتاد.

وتعتمد حرب الشوارع -التي تعد إلى جانب حرب العصاباتأحد الاختصاصات النوعية في العلوم العسكرية الحديثة- بشكل حاسم على معنويات المقاتلين، لأنها من أشرس المعارك وأشد العمليات العسكرية الميدانية تعقيدا، لا سيما عند وجود مجموعات متحركة تجيد قنص الدبابات والمقاتلين أثناء تحركهم في شوارع المدن.

وتأتي في مقدمة أسباب خطورة حروب الشوارع العوامل التالية: انعدام أو تعذر تأمين خطوط الإمداد بالمؤن والذخائر، وكثرة العوائق والسواتر، وكثافة وجود المدنيين، وصعوبة تأمين نقاط المراقبة لرصد القوات المعادية وإرشاد القوات الموالية، وصعوبة التنسيق بين القوات، وضعف الإشراف القيادي على ميادين العمليات.

وتلجأ القيادة العسكرية عادة خلال حرب الشوارع إلى مجموعة من الإجراءات الدفاعية الفعالة، من بينهاتوزيع مقاتليها إلى مجموعات مجهزة بالأسلحة المناسبة (المدافع، الهاونات، البنادق، القنابل، الأسلحة المضادة للدروع والدبابات، معدات الرؤية والقنص) ولديها خبرة واسعة في إعداد الكمائن ومعرفة تامة بالمناطق التي تقاتل فيها.

ولا بد مع ذلك من توفير كميات كافية من التموين والذخائر، وإغلاق المداخل وتعزيز السواتر الترابية حول المباني الدفاعية، وحفر ممرات أو خنادق بين الغرف مع إتاحة منفذ سري لمقاتليها، وتلغيم المسالك المؤدية إلى مباني القوات الموالية.

وعلى المستوى التخطيطي؛ تضع القيادة خطة دفاعية وأخرى هجومية وتوضح لكل فرد من مقاتليها دوره بدقة وفي الوقت المناسب. وعند التحرك نحو الخصم عبر الشوارع يجب التقيد بضوابط أمنية خاصة من بينها: إتقان أفضل أساليب ووسائل التخفي، وإجادة فنون القتال الفردي، وتجنب القتال الانفرادي والحذر من الاستخفاف بمقاتلي العدو.

هذا إضافة إلى ترشيد استخدام المؤن والذخائر، وتفادي الانكشاف أمام قناصة العدو، واكتساب مهارات تسلق الجدران والحواجز، والاستفادة من الأزقة والعوارض والرمي من خلف زوايا المباني، وسرعة الحركة وتجنب التوقف في الشوارع، والحرص على تمييز المدنيين من المقاتلين عند الاستهداف.

كابوس مرعب
يصف المخططون العسكريون معارك الشوارع في المدن خلال الحروب بـ"الكابوس المرعب" الذي يجب على القادة والجنود أن يتحاشوه قدر الإمكان، ولذلك يوصون بشن حملة قصف مكثفة على المدن المستهدفة لتدميرها كليا أو جزئيا قبل السماح للقوات بدخولها.

كما يوصون بإيجاد وحدات عسكرية عالية التدريب تستطيع مواجهة كافة أنواع العمليات القتالية داخل المدن، ويفضلون أن تتدرب القوات على نماذج مشابهة لشوارع ومرافق المدينة المستهدفة قبل دخولها.

وعند تنفيذ هجوم على مباني العدو التي يتحصن فيها خلال حرب الشوارع، تقسم القيادة قواتها إلى ثلاث مجموعات تتولى مهمات الإسناد والتأمين والهجوم.

وفي حين تكمن مهمة مجموعة الإسناد في ضرب مبنى القوات المعادية وتطويقه، تقوم مجموعة التأمين بفتح ثغرة لدخول قواتها وتأمين دخول وانسحاب مجموعة الهجوم؛ ثم تتولى الأخيرة مسؤولية القضاء على العدو أو السماح له بالخروج، ثم تنفيذ عمليات تمشيط لتطهير مبانيه من الألغام والشراك الخداعية ونحوها وتأمينها بعد عملية التطهير.

وعندما تضطر القوات للانتقال من مكان إلى آخر فإن عليها أن تتقيد بالضوابط العامة المتبعة في الحركة خلال حرب المدن، مثل: تجنب الحركة في الساحات المفتوحة والمناطق المكشوفة لأنها تشكل حقول نيران جيدة بالنسبة للعدو، أو قطعها بأقصى سرعة مستطاعة مع توخي الطريق الأقرب والأبعد عن سيطرة العدو، والوقت الأنسب من حيث السلامة وانشغال الخصم.

ومن هذه القواعد أيضا اللجوء إلى إثارة الدخان أو التغطية النارية التي توفرها نيران الحماية وتستهدف بها أماكن تمركز العدو لإشغالهم، وتحرك المقاتلين بالقرب من جدران المباني لتفادي الانكشاف أمام العدو، وتحاشي الرمي من نقطة منتصف الشارع، والحذر الشديد عند الانتقال من موقع إلى آخر للتأكد من أن الانتقال لن يؤدي إلى أي خسائر.

وقد وضعت حرب الشوارع تحديا عظيما أمام التفوق العسكري للجيوش المعاصرة المجهزة بأعتى أنواع الأسلحة وخاصة منها الجيوش الأجنبية الغازية كما في فيتنام وأفغانستان والعراق وفلسطين والشيشان، بسبب طبيعة المدن الآهلة بالمدنيين والمكتظة بالمباني المترابطة بالأنفاق والممرات، وهو ما يحول دون تحقيق هذه الجيوش نصرا سريعا ومنخفضة التكلفة.

المصدر : الجزيرة + مواقع إلكترونية