الأضحية بالخارج.. سبيل الفلسطينيين هربا من الغلاء
عاطف دغلس-نابلس
استدل عواد من قريب له على جمعية فلسطينية توفر الأضحية بالخارج بثلث ثمنها ببلده نابلس شمال الضفة الغربية، مثل دأب مئات الفلسطينيين الذين رأوا ذلك فرصة مناسبة في ظل الغلاء الفاحش بأسعار الأضاحي محليا.
يقول الشاب عواد للجزيرة نت "أحتاج لراتب شهر لأتمكن من شراء أضحية هنا، لكني ابتعتها بربع الثمن بالخارج" ويضيف أن الهدف من الأضحية يتحقق والأجر يقع بغض النظر عن مكانها، ويبين أنه استقطب 25 من زملائه بالعمل للأضحية بهذه الطريقة، ويقول "إن بعضهم ابتاع أكثر من واحدة".
السعر الرخيص عبر هذه الجمعيات، ويمقدر بنحو 150 دولارا أميركيا ثمنا للأضحية (الخروف) مقارنة بسعرها فلسطينيا الذي يصل لأربعة أضعاف المبلغ، دفع كثيرين لذبح أضاحيهم بالخارج، إضافة للثقة بالقائمين عليها.
ويقول إبراهيم أبو الهيجا مدير جمعية العمل الخيرية الفلسطينية-الأسترالية إن دورهم يكمن بذبح الأضحية وإعادتها لصاحبها أو التصرف بها حسب رغبته، مبينا أن عدد المضحين عبر جمعيتهم فقط يُقدر بنحو 3000 لهذا العام.
تيسير وتكافل
وأكد أن هدفهم التيسير على الناس وخلق حالة من التكافل الاجتماعي وتشجيعهم لإحياء السنة وإيفاء نذورهم إضافة لإيجاد وفرة من اللحوم بالسوق الفلسطيني وبالتالي خفض أسعارها "المرتفعة جدا".
وبين أنهم جمعية خيرية لا يتلقون مقابلا ماديا باستثناء ثمن الأضحية، وهو ما يرفع أسهمهم بالسوق الخيري العالمي ليصبحوا محط أنظار الجمعيات الأخرى الدولية التي تتبرع لفلسطين، وبالتالي زيادة تبرعاتها لهم.
وتسبب تحكم إسرائيل في الأعلاف والمواشي بارتفاع مخيف في أسعارها، وبالتالي إحجام كثير من الفلسطينيين عن إحياء سنة الأضحية وتعزيز حالة التكافل الاجتماعي.
ويعود هذا الارتفاع لتحكم إسرائيل بأسعار الأعلاف وبسوق اللحوم الفلسطيني، إذ تحدد ووفقا لاتفاقية باريس الاقتصادية كميات المواشي المستوردة فلسطينيا والأماكن والمسالخ التي تستورد منها.
ولذلك اختارت الجمعية الخيرية أستراليا المعروفة بجودة أغنامها ورخصها وموافقة إسرائيل عليها وفقا لأبي الهيجا، ويضيف أنهم كسروا عقبات الاحتلال بما يتعلق بالكميات المحدودة عبر دفع "ضرائب جمركية" لإدخال كميات أكبر.
الاحتلال والأعباء
من جهته يرى طارق أبو لبن المدير العام للتسويق بوزارة الزراعة الفلسطينية أنه ورغم ارتفاع أسعار اللحوم فقد حافظت على سعر ثابت في العامين الأخيرين مقارنة بسابقها بالضفة الغربية وغزة.
وعزا لجوء الفلسطينيين للأضحية بالخارج إلى تزامن عيد الأضحى ومناسبات عدة تمثلت بافتتاح العام الدراسي الجديد والتزامات العيد الأخرى وتضعضع الاقتصاد الفلسطيني وضعف القدرة الشرائية لدى المواطن نتيجة لتأثرها بمستوى الدخول العامة.
وعن البدائل يقول أبو لبن للجزيرة نت إنهم ضاعفوا كمية المواشي المستوردة للحد من الغلاء من 25 ألف رأس من الغنم إلى 50 ألفا، ووضعت ضوابط ومعايير لتوزيعها محاصصة على التجار ومراقبة البيع بالسوق أيضا.
ويبلغ سعر الخروف الواحد نحو 600 دولار أميركي بينما يقدر ثمن رأس البقر (العجل) بأكثر من 2000 دولار، ويضاعف هذا أسعار اللحوم لكل منها بين 15 و20 دولارا ثمنا للكيلوغرام الواحد.
وتبقى رغبة المواطن بإقامة السنة والشعيرة وبأقل الأسعار هي الدافع وراء ذبح الأضاحي بالخارج "ما دام الأجر يقع" حسب بكر اشتية الخبير الاقتصادي الفلسطيني، ويضيف أن الكثيرين لجؤوا وبشكل فردي عبر أقاربهم خاصة بالدول العربية لعمل أضاحيهم هناك.
وأوضح اشتية أن السوق الفلسطيني يواجه نقصا باللحوم الحمراء وأن مجموع إنتاجهم لا يغطي 16% من نسبة استهلاكهم ما يجعلهم مرتبطين مباشرة بالسوق الإسرائيلية التي ترتفع بها الأسعار بسبب الضرائب العالية، إضافة لتحديد إسرائيل لكميات وأماكن المواشي المستوردة.
ويتحكم الاحتلال كذلك بالأعلاف والتي يعتمد عليها الفلسطينيون لتسمين مواشيهم بدلا من المراعي الخضراء بحكم سيطرته على مناطق "سي" المقدرة بأكثر من 60% من الأراضي الفلسطينية، وأضاف أن فلسطين لا تنتج سوى 20% من حجم الأعلاف وأن 80% من إسرائيل.