برقة تواجه تحريض إسرائيل والعالم بـ"دلال المغربي"

عاطف دغلس-نابلس

حالة من الفزع أصابت الناشطة الفلسطينية ريم حجي ورفاقها في مركز "دلال المغربي" الاجتماعي بعدما عاشوا واقعا حملات تحريض إسرائيلية عنيفة وغير مسبوقة عليهم بحجة "الإرهاب", ووصل صداها إلى أروقة الأمم المتحدة.

داخل المركز الواقع في قرية برقة شمال نابلس بالضفة الغربية، بددت صور الثائرة الفلسطينية الشهيدة دلال المغربي وقصة نضالها ضد الاحتلال الإسرائيلي حالة القلق التي تواجهه وحشدت تضامنا محليا ووطنيا.

ويواجه المركز الذي أنشئ قبل خمسة أشهر وضعا لا يحسد عليه بعدما تناقلت صحيفة "يديعوت أحرونوت" الإسرائيلية أن وزير الخارجية النرويجي -الجهة الممولة- غاضب من تسمية المركز وطالب بإزالة شعار وزارته وإعادة الأموال.

وهو ذاته ما طالب به الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريش "لأن التأييد للعمليات الإرهابية ومنفذيها أمر غير مقبول" وفق الصحيفة الإسرائيلية، لتصدر الدانمارك عقب ذلك تعليمات بإعادة دراسة عمليات تمويل مؤسسات فلسطينية غير حكومية.

لكن شهداء فلسطين ورموزها الوطنية لم يكونوا يوما إرهابيين، تقول مسؤولة المركز ريم حجي للجزيرة نت بينما كانت تُعدُّ نفسها ورفاقها لفعاليات رمضانية، رافضة تحريض الاحتلال وسياساته العنصرية.

‪تزيين الشوارع من نشاطات المركز‬ (الجزيرة)
‪تزيين الشوارع من نشاطات المركز‬ (الجزيرة)

فكرة المركز
وبصفتها عضوة في المجلس القروي، حصلت ريم -التي تدربت وأخريات قبل أشهر في مشاريع لتعزيز المشاركة السياسية للمرأة الفلسطينية- على دعم لمبادرتها بإنشاء مركز "دلال المغربي" بإشراف من طاقم شؤون المرأة الفلسطينية ولجنة الانتخابات المركزية وبدعم مالي من النرويج "دون اعتراض"، تضيف قائلة.

وأقيم المركز في دير قديم لأهالي القرية بمساحة تزيد عن خمسين مترا مربعا بجوار مؤسسات محلية أخرى، ويضم أكثر من ثمانين ناشطا. وتقول ريم إن "الدعم النرويجي استخدم في التأثيث ونحن مستعدون لإعادته"، نافية تلقيهم أي إخطار حول الاسم من الممول النرويجي حتى الآن.

حالة من التمرد يعيشها الشبان في القرية، وبدوا غير مكترثين بأية إجراءات يُقدم عليها الاحتلال سواء بالاعتقال أو بإغلاق المركز، ويصرون على مواصلة أنشطتهم.

تمردت برقة -التي قدمت مئات الشهداء والأسرى- قبل ذلك وأعلنت أنها "جمهورية محررة" من نير الاحتلال في بيان نشرته صحف خليجية عام 1988, وخطت على إحدى قممها الجبلية الأحرف الأولى من اسم منظمة التحرير الفلسطينية.

‪المركز أقيم في مبنى قديم إلى جانب مؤسسات محلية أخرى‬ (الجزيرة)
‪المركز أقيم في مبنى قديم إلى جانب مؤسسات محلية أخرى‬ (الجزيرة)

طمس الهوية
ومن المفارقات أن المركز لم يقم حتى الآن بأي نشاط سياسي، واقتصرت فعالياته على مبادرات اجتماعية وخيرية، بما يدحض "حجم التحريض" الإسرائيلي عليهم، تقول المسؤولة ريم.

ويهدف تحريض الاحتلال -وفق الشاب ملهم أبو عمر أحد أعضاء المركز- إلى طمس هوية النضال الفلسطيني عبر نعت الرموز الوطنية بالإرهاب، ويريد كذلك كسر عزيمتهم كشباب مستقلين عن أي حزب سياسي سعوا لخدمة بلدتهم.

ونظم المركز منذ انطلاقه عددا كبيرا من الأنشطة تمحورت حول دورات تعليمية لطلبة المدارس وبرامج ترفيهية وفنية وطلاء الجدران ورسم لوحات فنية عليها وتنظيف الأحياء.

الناشط السياسي ورئيس المجلس القروي السابق سامي دغلس أكد أن التحريض الإسرائيلي يستهدف الشعب الفلسطيني وقياداته ومؤسساته، مرة بالمناهج وأخرى بتمجيد "الإرهابيين" وثالثة على المقاومة، خاصة بعد ما أثير مؤخرا من اتهام الرئيس الأميركي دونالد ترمب للرئيس الفلسطيني محمود عباس بالتحريض على إسرائيل أو السكوت عليه.

تحريض ممنهج
وقال دغلس للجزيرة نت إن تحريض الاحتلال يتزامن وأي حديث عن العودة إلى المفاوضات أو وقف الاستيطان، وحذر من أن يكون ذلك مقدمة لإجراءات عقابية للمركز والقائمين عليه.

وطالب دول العالم -لا سيما النرويج والأمم المتحدة- للتحري حول دور المركز ونشاطاته، ودعوا السلطة الفلسطينية إلى الرد دبلوماسيا، لأن نجاح إسرائيل في التدخل بالاسم يعني تدخلها في برامج وعمل المؤسسات وربط الدعم بأجندتها.

وينوي القائمون تنظيم احتجاجات أمام المؤسسات الدولية والممثليات الأوروبية برام الله، بينما أبدت وزارة الخارجية الفلسطينية استغرابها من تصريحات الأمين العام للأمم المتحدة، التي تبنت الرواية والمصطلحات الإسرائيلية أمام جملة انتهاكات قانونية وإنسانية يتسبب فيها الاحتلال.

 وقالت الوزارة إن دولة فلسطين ستتابع الموضوع "بجدية"، بينما ردت الممثلية النرويجية في القدس على اتصال للجزيرة نت بأنها "ليست مخولة" بالرد.

المصدر : الجزيرة