مؤتمر ميونيخ يحذر من أفول قوة أميركا وأوروبا

تقرير مؤتمر ميونيخ اعتبر أن البريكست وانتخاب ترامب وصعود التيارات الشعبوية سيجعل 2017 عاما مصيريا للاتحاد الأوروبي. الجزيرة نت
تقرير مؤتمر ميونيخ اعتبر أن البريكست وانتخاب ترمب سيجعلان 2017 عاما مصيريا للاتحاد الأوروبي (الجزيرة نت)

خالد شمت-برلين

حذر تقرير لمؤتمر ميونيخ الدولي للأمن والسياسات الدفاعية من انهيار وأفول قوة أوروبا والولايات المتحدة تأثرا بظهور أنظمة معادية للديمقراطية، وحملات المعلومات الزائفة، وانتشار التيارات اليمينية الشعبوية الساعية إلى استغلال مخاوف الشعوب الغربية من العولمة والهجرة لتحقيق مكاسب سياسية وتقويض النظام الدولي.

وقال التقرير الذي أعدته مجموعة من المراكز الإستراتيجية الغربية المؤثرة (تينك تانك) إن الغرب الممثل بمؤسساته العالمية مثل الاتحاد الأوروبي وحلف شمال الأطلسي (ناتو)، وأنظمته الديمقراطية، والتجارة الحرة، والتصورات الليبرالية المنفتحة لشعوبه بات بمواجهة الأخطار الداخلية والخارجية الراهنة مهددا في وجوده وعلى شفير الانهيار.

وحمل التقرير الواقع في تسعين صفحة عنوان "ما بعد الحقيقة، ما بعد الغرب، ما بعد النظام"، وتم الإعلان عنه بموازاة انطلاق الدورة السنوية الـ53 لمؤتمر ميونيخ أمس الجمعة بحضور رؤساء ثلاثين دولة، ومشاركة الإدارة الأميركية الجديدة بوفد يضم مايك بينس ووزيري الدفاع جيمس ماتيس والأمن الداخلي جون كيلي، إضافة إلى الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريش، والأمين العام لحلف الناتو ينس ستولتنبرغ، ورئيس المجلس الأوروبي دونالد توسك.

الهاوية
وتضمن التقرير تحليلات وإنفوغرافات وإحصائيات وخرائط، وتصدرته دراسات حول أزمات النظام الدولي الراهن، والديمقراطيات الغربية، والأوضاع الهشة للاتحاد الأوروبي، وتهديدات المجموعات الجهادية، والتلاعب السياسي بالمعلومات والإعلام، والتطورات ببحر الصين الشرقي وفي الشرق الأوسط، وفراغ النفوذ الدولي الناشئ عن انسحاب الولايات المتحدة من البنية الأمنية العالمية، وهي الموضوعات المرشحة لتصدر أجندة مؤتمر ميونيخ.

واعتبر التقرير أن فقدان شرائح واسعة من الشعوب الأوروبية ثقتها بالاتحاد الأوروبي، والصعود الانتخابي للقوى الشعبوية المعادية لهذا الاتحاد، وما شهدته دول أوروبية من هجمات إرهابية، وما أثاره تصويت البريطانيين لصالح الخروج من الاتحاد الأوروبي ، ومجيء دونالد ترمب رئيسا للولايات المتحدة يجعل 2017 عاما مصيريا للاتحاد الأوروبي مثل عام 1989 الذي شهد سقوط جدار برلين، وعام 1945 الذي انتهت فيه الحرب العالمية الثانية.

وقال مدير مؤتمر ميونيخ فولفغانغ إيشينغر إن اضطراب وهشاشة الأمن الدولي بشكل غير مسبوق -على غرار ما كان سائدا عند نهاية الحرب الثانية- يضعان العالم بالخطوة السابقة لانهيار النظام الديمقراطي في أوروبا والولايات المتحدة.

‪إيشينغر توقع مشاركة لاعبين غير غربيين بتشكيل المشهد القادم في عالم ما بعد الغرب‬ إيشينغر توقع مشاركة لاعبين غير غربيين بتشكيل المشهد القادم في عالم ما بعد الغرب (الجزيرة نت) 
‪إيشينغر توقع مشاركة لاعبين غير غربيين بتشكيل المشهد القادم في عالم ما بعد الغرب‬ إيشينغر توقع مشاركة لاعبين غير غربيين بتشكيل المشهد القادم في عالم ما بعد الغرب (الجزيرة نت) 

ضعف التماسك
وأرجع واضعو تقرير مؤتمر ميونيخ توقعاتهم بأفول قوة الغرب إلى ضعف تماسك الاتحاد الأوروبي، وانهيار القواعد المستقرة لتدفق المعلومات وانتخاب ترمب.

ورأى هؤلاء أن تجنب ترمب في خطاب تنصيبه الحديث بكلمة عن الديمقراطية أو حقوق الإنسان يمثل نذير شؤم للقيم الليبرالية حول العالم.

وتحدث إيشينغر عن سبب آخر للمخاوف الواردة بتقرير "ما بعد الغرب"، ويتعلق بارتباط صعود أعداء المجتمعات المنفتحة بالغرب والتأييد الواسع خلال الـ12 شهرا الأخيرة لإغلاق الحدود والتعصب القومي بالاتحاد الأوروبي، مع فقدان شرائح واسعة من الأوروبيين إيمانهم بالنموذج الديمقراطي وقيمه الأساسية.

وتوقع الدبلوماسي الألماني السابق مساهمة لاعبين دوليين غير غربيين -من بينهم روسيا– بتشكيل المشهد الدولي القادم في عالم ما بعد الغرب، وذكر أن هذا سيتم بموازاة أطر النظام الدولي القائمة منذ عام 1945 أو بشكل مهدد لها.

وكشفت استطلاعات موسعة تضمنها تقرير مؤتمر ميونيخ وأجريت في دول مختلفة -منها الولايات المتحدة وألمانيا وإسبانيا– عن تفضيل أعداد متزايدة من المواطنين بشكل لم يكن له وجود قبل 15 عاما للأنظمة المطلقة على الحكومات الديمقراطية.

واعتبر تقرير مؤتمر ميونخ أن مرحلة ما بعد الغرب تبدأ بفشل الولايات المتحدة وأوروبا في سوريا وغضهما الطرف عن قتل مئات آلاف المدنيين وتشريد نصف الشعب هناك.

وخلص إلى أن انتشار السخط في العالم الإسلامي وتحول أعداد كبيرة من سكانه للعنف المسلح يمثلان تحديا كبيرا يزيد ضعف النظام الدولي الراهن بمواجهة الأزمات المتزايدة.

المصدر : الجزيرة