هجمات تنظيم الدولة المرتدة.. عودة إلى "القاعدة"

blogs - isis
رغم خسارته لأهم معاقله في سوريا والعراق فإن تنظيم الدولة ما زال قادرا على شن الهجمات (مواقع التواصل)

محمد النجار-الجزيرة نت

على وقع خسائره المتتالية وفقدانه لأهم معاقله في سوريا والعراق، عادت وكالة أعماق الناطقة باسم تنظيم الدولة لبث أخبار هجماته التي باغت بها تحالفين بقيادة روسيا وأميركا اللتين تخوضان حربا شرسة ضده.

ويرى محللون أن التنظيم نجح في إرسال رسالة قوية إلى القوات المواجهة له أنه ما زال قادرا على شن الهجمات، وأن خسائره المتتالية في الأراضي التي سيطر عليها منذ عام 2014، لن تقضي عليه وإنما ستدفعه للعودة إلى حرب العصابات من جديد، وفق الإستراتيجية التي اتبعها تنظيم القاعدة الذي ولد تنظيم الدولة من رحمه.

يوم أمس الأحد، سيطر التنظيم على مدينة القريتين في محافظة حمص السورية، في أحدث حلقات مسلسل الكر والفر الذي عاد لميدان الصراع بين جيش النظام السوري والقوات المتحالفة معه من جهة، ومقاتلي التنظيم من جهة أخرى، بعد أشهر من غياب هذه الهجمات.

‪تنظيم الدولة تمكن من السيطرة على مناطق عدة في البادية السورية ومحافظة حمص بعد هجمات شنها على قوات النظام السوري‬ (رويترز-أرشيف)
‪تنظيم الدولة تمكن من السيطرة على مناطق عدة في البادية السورية ومحافظة حمص بعد هجمات شنها على قوات النظام السوري‬ (رويترز-أرشيف)

تدمر ودير الزور
وقبلها كان التنظيم قد أعلن قطع الطريق الواصل بين مدينتي تدمر ودير الزور بطول 50 كيلومترا، رغم خوض التنظيم معارك شرسة على جبهتين بدير الزور، الأولى ضد النظام السوري بدعم جوي روسي، والثانية مع قوات سوريا الديمقراطية التي تشكل وحدات الحماية الكردية العمود الفقري لها وبدعم جوي أميركي.

ورغم إعلان الجيش السوري تمكنه من استعادة السيطرة على الطريق، فإن التنظيم باغت هذه القوات بهجمات متواصلة في البادية السورية، وصولا إلى ريف حمص حيث شن التنظيم في يوم واحد تسع هجمات في هذه المناطق.

واللافت أن التنظيم أعلن قتله العشرات من الجنود السوريين والروس، كما أعلن أنه تمكن من أسر جنديين روسيين إضافة لثالث سوري، دون أن ينشر أي صور تؤكد ما أعلنه.

وفي الرقة التي تراجع فيها مقاتلو التنظيم للمربع الأخير وسط المدينة أمام قوات سوريا الديمقراطية، أكدت هذه القوات مقتل جنديين من قواتها على الأقل بعد أن تمكن مقاتلون من التنظيم من التسلل إلى حي المشلب الذي يعد أول حي سيطرت عليه القوات في حربها للسيطرة على الرقة. 

وكانت محافظة الأنبار العراقية على موعد الأسبوع الماضي مع هجمات شنها مقاتلو التنظيم، سيطروا خلالها على معظم جامعة الأنبار، وحواجز ونقاط عسكرية قتل خلالها نحو 15 من القوات العراقية، إضافة لتنفيذه إعدامات ميدانية وحرق منازل، قبل أن تعلن القوات العراقية استعادة السيطرة على هذه المناطق.

تسجيل البغدادي
ولم تغير هذه الهجمات المرتدة من قبل التنظيم من واقع التراجع الكبير الذي يعيشه في مناطق سيطرته في العراق وسوريا، لا سيما أن مسألة خسارته الإستراتيجية لمدينة الرقة بعد الموصل في العراق باتت مسألة وقت بحسب المعطيات على الأرض.

وتزامنت هذه الهجمات مع دعوة زعيم التنظيم أبو بكر البغدادي -في تسجيل منسوب له- مقاتليه إلى شن الهجمات في كل مكان، رغم إقراره بخسائر التنظيم المتتالية، وهو التسجيل الأول من نوعه منذ أشهر، بعد إعلان روسيا مقتله وتشكيك الولايات المتحدة في الإعلان الروسي.

وتسجيل البغدادي هو الأول أيضا بعد سيطرة القوات العراقية على الموصل، التي كان زعيم التنظيم قد ظهر عام 2014 من على منبر مسجد النوري فيها ليعلن قيام "دولة الخلافة"، التي سيطرت في أوج تمددها على ما يعادل مساحة بريطانيا، قبل أن تنكفئ لجيوب تقاتل للبقاء في سوريا والعراق.

ورغم إقراره بخسائر تنظيمه فإنه اعتبر أن ذلك "لن يثني المجاهدين عن مواصلة جهادهم"، داعيا مقاتليه إلى عدم التراجع أو التفاوض أو الاستسلام.

سمكة الصحراء
ويرى المحلل العسكري الدكتور فايز الدويري أن هجمات التنظيم "كانت نوعية وحققت أهدافها في إيصال رسائل إلى أعدائه بأنه قادر على إلحاق الخسائر بهم".

وقال الدويري للجزيرة نت إن التنظيم أراد من الهجمات إرباك القيادات التخطيطية في القوات المقاتلة له وضرب الروح المعنوية عند القوات التي تقاتله على الأرض، مقابل رفع الروح المعنوية لمقاتليه.

وتابع "التنظيم سيواصل هجماته فيما يعرف عسكريا بإستراتيجية سمكة الصحراء، فهو خسر التمكن من الأرض وشن الحروب النظامية، لكنه أعد جيدا على ما يبدو لحرب العصابات التي يتقنها ويبدو أنه سيكثف منها في الفترة المقبلة".

وبرأي الدويري أيضا فإن التنظيم الذي جرب التحول من تنظيم إلى دولة خاض خلالها حروبا نظامية ونجح في التمدد في مساحات شاسعة، سيعود مجددا لإستراتيجية الهجمات المباغتة التي تلحق خسائر نوعية في العدو دون السيطرة على الأرض.

واعتبر أن التنظيم لن يتمدد بعد اليوم، لكنه سيؤكد أنه باق، وأن كلفة هجماته المباغتة ستكون كبيرة وأن المعركة معه لا تزال طويلة.

‪محللون يرون أن التنظيم تخلى عن أسلوب الحروب النظامية والتمكن من الأرض لصالح العودة لحرب العصابات‬ (رويترز)
‪محللون يرون أن التنظيم تخلى عن أسلوب الحروب النظامية والتمكن من الأرض لصالح العودة لحرب العصابات‬ (رويترز)

أسلوب القاعدة
ويتفق دبلوماسي روسي مع ما ذهب إليه الخبير العسكري من أن التنظيم عاد ليلجأ إلى أسلوب تنظيم القاعدة في شن الهجمات بعد الخسائر التي مني بها على مدى الأشهر الماضية.

حيث نقلت قناة "روسيا اليوم" الخميس الماضي عن مدير قسم الخارجية الروسية لشؤون التحديات والتهديدات الجديدة إيليا روجاتشوف أن التنظيم بدأ في التحول إلى شبكة تشبه القاعدة.

وقال روجاتشوف "بفضل الخطوات العسكرية الفعالة (..) أصبح تنظيم داعش في المرحلة الأخيرة من وجوده، والمناطق الخاضعة لسيطرته تتقلص".

وأوضح أن التنظيم بدأ يتحول إلى ملامح منظمة نعرفها مثل القاعدة، أي التحول إلى منظمة بنظام تحكم أفقي وخلايا مستقلة في أقاليم ومناطق مختلفة وتلك الخلايا مستقلة عن بعضها البعض وتربطها عقيدة مشتركة أكثر من أي قنوات اتصال مادية أو تدفق أموال أو أي شيء آخر.

المصدر : الجزيرة