حراك عربي في تركيا خوفا على الموصل

مسؤولو مؤسسات من عدة جنسيات عربية يشاركون في مؤتمر نداء الموصل بمدينة إسطنبول.
ممثلون لقوى ومؤسسات عربية يشاركون في مؤتمر نداء الموصل في إسطنبول (الجزيرة)

خليل مبروك-إسطنبول

تصدرت الحرب التي تشنها الحكومة العراقية والمليشيات الحليفة لها لاستعادة مدينة الموصل من تنظيم الدولة الإسلامية أولويات المؤسسات والقوى العربية الناشطة في تركيا، وأصبحت العنوان الجامع للحراك السياسي والفكري والجماهيري لها.

وتجاوز الاهتمام بقضية الموصل البعد القُطري للمؤسسات العراقية المهاجرة، ليتحول إلى هم عربي عام يحمل موقفا رافضا للبعد الطائفي في الحرب، ويدعو إلى حماية المكون السني في المدينة.

وبينما تؤكد بعض القوى والقيادات العربية أهمية انتقال قضية الموصل من البعد العراقي الخالص إلى أولوية عربية عليا، يرى مراقبون ونشطاء أن الاهتمام العربي بقضية الموصل ما زال قاصرا وأقل من المطلوب لحماية مدينة بحجمها ومكانتها.

تكامل عربي
ويوضح الأمين العام للمجلس السياسي للمقاومة العراقية علي الجبوري أن اهتمام التجمعات العربية في تركيا بقضية الموصل أمر إيجابي، لكونه يقدم نوعا من التكاملية السياسية للعمل العربي ويوصل رسالة للدول العربية وتركيا ليكون لها دور أكبر فيها.

الجبوري يدعو إلى تطوير الحراك للمطالبة بحلول سياسية أو أمنية
الجبوري يدعو إلى تطوير الحراك للمطالبة بحلول سياسية أو أمنية

لكنه أكد في حديثه للجزيرة نت أن الحراك العربي ما زال يحمل طابعا إنسانيا يركز على البعد الإغاثي، ولم يرتق بعد إلى المطالبة بحلول سياسية أو أمنية، كالتحرك لإقناع الحكومات بضرورة إقامة دولة راشدة في العراق على أساس المواطنة لا على قيم الطائفية والعنصرية.

ولفت الجبوري النظر إلى تصريحات طائفية قال إن صدورها عن شخصيات مثل رئيس وزراء العراق السابق نوري المالكي يعني أن الطائفية تجاوزت المواطن الشيعي البسيط وتحولت إلى برنامج عمل وإستراتيجية حقيقية للشيعة في العراق.

تصاعد الحراك
وبعد أسبوعين من انطلاق العمليات الحربية في الموصل أواسط أكتوبر/تشرين الأول، تصاعدت موجة التحرك العربي في تركيا للتحذير من آثار هذه الحرب، والتداعيات السياسية والديموغرافية المترتبة عليها.

قوى وناشطون عرب في تركيا يحذرون من آثار معركة الموصل
قوى وناشطون عرب في تركيا يحذرون من آثار معركة الموصل

فقد نظمت الجالية العراقية وقفة تضامنية مع سكان الموصل في منطقة أمينونو بمدينة إسطنبول، دعت فيها تركيا إلى مواصلة الوقوف إلى جانب الشعب العراقي وإغاثة النازحين وفتح أبوابها أمام اللاجئين حتى تتم استعادة المدينة من تنظيم الدولة.

كما عقد وقف دار السلام ندوة سياسية استضاف فيها البرلماني العراقي السابق والباحث في العلاقات الدولية عمر عبد الستار محمود لاستشراف حال العراق ما بعد معركة الموصل.

ونظم المنتدى السياسي الدولي في مدينة إسطنبول مؤتمرا تحت عنوان "نداء الموصل.. معركة الموصل وتداعياتها على المنطقة" بحضور ومشاركة قادة أحزاب ومؤسسات عربية وتركية.

وقال خالد الشريف نائب رئيس المنتدى السياسي الدولي والمستشار الإعلامي لحزب البناء والتنمية المصري إن لمعركة الموصل انعكاسات خطيرة على المنطقة العربية في ظل التمدد الإيراني المستعين بالقوة الروسية.

وأوضح أن هدف الحراك التضامني مع الموصل هو حث المنطقة العربية والإسلامية للتحرك لإنقاذ أهل الموصل ودعم الحكومة التركية التي تتدخل الآن وتراقب المعارك، مطالبا الحكومات في الدول العربية والإسلامية بدعم أهل السنة في العراق.

الخوف من مجازر
ودعا القيادي المصري -في حديثه للجزيرة نت- إلى توفير إسناد دولي قوي من دول مثل تركيا والسعودية لمنع ارتكاب المجازر في الموصل بذريعة تطهيرها من تنظيم الدولة، محذرا من تكرار ذات الممارسات التي ارتكبت تحت نفس المبرر في الفلوجة وديالى وتكريت.

ويركز الحراك العربي في تركيا على إعلان مواقف رافضة لتقسيم مدينة الموصل، وللممارسات الطائفية من قبل حكومة بغداد بحق سكانها، ورفض اتخاذ وجود تنظيم الدولة ذريعة لاستباحة مكونات المدينة من قبل المليشيات الطائفية بغطاء عسكري وسياسي من التحالف الدولي.

عدلة يرى أن الحراك ما زال أقل من الزخم المطلوب للتأثير على صانعي القرار
عدلة يرى أن الحراك ما زال أقل من الزخم المطلوب للتأثير على صانعي القرار

لكن الإعلامي العراقي جهاد عدلة يؤكد أن هذا الحراك بدأ متأخرا، واتخذ إطار ردة الفعل التي اعتاد العرب عليها في التعامل مع الأزمات، رغم أن إرهاصات حرب الموصل والحشد لها بدأ منذ فترة ليست بقصيرة.

كما يشير مقدم البرامج الإخبارية في قناة "الرافدين" إلى أن كم الفعاليات وعددها في كافة المجالات ما زال أقل من الزخم المطلوب للتأثير على صانعي القرار.

وفي حديثه للجزيرة نت، أوضح عدلة أن المطلوب هو أن تصل المؤسسات العربية الناشطة في تركيا إلى صيغة عمل وتنسيق مشترك، كي تفضي الفعاليات والأنشطة إلى برامج واقعية تنفذ على الأرض عبر تشكيل لجان متابعة تنقل التوصيات إلى أصحاب القرار في الدول العربية وتركيا.

المصدر : الجزيرة