تونس.. أيقونة سلام في منطقة مضطربة

جانب من اجتماعات سابقة للرباعي الراعي للحوار الوطني قصر المؤتمرات بالعاصمة تونس في نوفمبر تشرين الثاني 2013
جانب من اجتماعات سابقة للرباعي الراعي للحوار الوطني في قصر المؤتمرات بالعاصمة تونس (الجزيرة-أرشيف)

خميس بن بريك-تونس

غمرت فرحة عارمة أطيافا واسعة في تونس عقب منح جائزة نوبل للسلام لرباعي الحوار الوطني الذي ساهم في إخراج البلاد من أزمة خانقة، وهو ما اعتبره البعض انتصارا للمجتمع المدني التونسي. 

ويتكون الرباعي المتوج من: الاتحاد العام التونسي للشغل (أكبر نقابة عمالية)، والاتحاد التونسي للصناعة والتجارة (منظمة أرباب الأعمال)، والرابطة التونسية لحقوق الإنسان، وهيئة المحامين.

ولعبت مكونات الرباعي التونسي دورا حاسما بحسب رأي المراقبين في تقريب وجهات النظر بين الخصوم السياسيين في فترة حكم الترويكا السابقة التي كانت تقودها حركة النهضة الإسلامية.

واستطاعت تلك الهيئات تنظيم حوار وطني طويل طغى عليه التجاذب، لكنه توج بانتقال السلطة بشكل سلمي لحكومة مستقلة ترأسها مهدي جمعة، وبالتصديق على الدستور وتحديد الانتخابات.

وأشاد مراقبون العام الماضي بمصداقية الانتخابات التشريعية والرئاسية التونسية التي تم قبول نتائجها، وهو ما جعل تونس تدخل من الباب الكبير التجربة الديمقراطية بعيدا عن منزلق النزاعات.

وقد فازت في الانتخابات البرلمانية الأخيرة حركة نداء تونس، وشكلت حكومة ائتلافية يرأسها الحبيب الصيد، وتضم حركة النهضة الإسلامية وحزب الاتحاد الوطني الحر وحزب حركة آفاق.

عبد الستار بن موسى يرى أن جائزة نوبل للسلام تكريم لجميع التونسيين(الجزيرة)
عبد الستار بن موسى يرى أن جائزة نوبل للسلام تكريم لجميع التونسيين(الجزيرة)

دور فاعل
وتعليقا على هذا المسار، يقول رئيس الرابطة التونسية لحقوق الإنسان عبد الستار بن موسى -للجزيرة نت- إن الرباعي الراعي للحوار كان له دور فاعل في دعم المسار الديمقراطي عن طريق الحوار والتوافق.

لكنه يرى أن إحراز جائزة نوبل للسلام هو تكريم لا يقتصر على رباعي الحوار وحده، وإنما يشمل كل منظمات المجتمع المدني والأحزاب السياسية وجميع التونسيين ومؤسسات الدولة.

ويعتقد بن موسى أن هذه الجائزة العالمية التي تمنح لأول مرة لتونس، جاءت في الوقت المناسب لتخفيف وطأة التهديدات الإرهابية، لكنه يرى أنها تحمّل جميع الأطراف مسؤولية إنجاح الانتقال.

بدوره، يقول النائب عن حركة نداء تونس خالد شوكات -للجزيرة نت- إن الاحتفال بالتكريم الدولي لنجاح التجربة التونسية عن طريق الحوار يجب أن لا يلهي عن المخاطر القائمة كالإرهاب.

ويرى أن هناك تهديدات قوية تسعى لإفشال تجربة الانتقال الديمقراطي وجرّ البلاد إلى مستنقع العنف، مذكرا بمحاولة الاغتيال الفاشلة التي استهدفت قبل يومين نائبا في حركة نداء تونس.

وعن رأيه في تكريم رباعي الحوار، يقول شوكات إن الجائزة جاءت تكريما له ولجميع مكونات المجتمع المدني الذين كانوا صمام الأمان لإنقاذ البلاد من أزمة سياسية كادت تعصف بمستقبلها.

ويقول "كل من ساهم في الحوار الوطني من قريب أو من بعيد هو معني بهذه الجائزة التي جاءت تقديرا للتجربة التونسية في الانتقال، وفسحة أمل لبقية الشعوب المضطهدة التي تنشد الحرية".

الحبيب خضر: حصول أي طرف على جائزة نوبل هو تكريم للثورة التونسية(الجزيرة)
الحبيب خضر: حصول أي طرف على جائزة نوبل هو تكريم للثورة التونسية(الجزيرة)

تتويج جماعي
في السياق نفسه، يقول النائب عن حركة النهضة الإسلامية الحبيب خضر للجزيرة نت إن دور رباعي الحوار لا ينكره أحد، لكنه يرى أن التتويج يشمل الأحزاب والمنظمات والشعب التونسي.

ويضيف "أعتقد أن رباعي الحوار كان له دور فاعل لكن في جزء من عمله كان مجرد أداة للحوار، في حين أن موضوع التوافق كان راجعا للأحزاب السياسية المشاركة في الحوار الوطني".

ويتابع خضر أن ذلك لا ينقص من المجهود الذي بذله رباعي الحوار، معتبرا أن حصول أي طرف على الجائزة هو تكريم للثورة التونسية وإشادة بمسار الانتقال السلمي بفضل الحوار.

أما المحلل السياسي جوهر بن مبارك فيشير إلى أن منح الجائزة للرباعي كان بشكل رمزي لمكافأة المجتمع المدني التونسي الذي كان حصنا منيعا أمام الانحراف بمسار الانتقال.

وقال إن "هناك دورا أساسيا لعبته منظمات المجتمع المدني والأحزاب السياسية التي قدمت التنازلات وخفضت من سقف مطالبها بحثا عن التوافقات ونقاط الالتقاء".

وبعيدا عن الإشادات، لا يخفي البعض استغرابه من حصول رباعي الحوار على جائزة نوبل للسلام، حيث يشير بعضهم إلى أن الرباعي كان دوره هو إزاحة حكومة الترويكا المنتخبة من الحكم.

المصدر : الجزيرة