معاملة بلحاج غير المبررة.. الخيار الأخلاقي
فقد انتقدت افتتاحية للغارديان معاملة بلحاج وزوجته بأنها غير مبررة، وأن اعتذار بريطانيا عن تواطؤها في قضية ترحيلهما إلى ليبيا عام 2004 له آثار بعيدة المدى على التعاون الأمني مع الدول التي تدعم التعذيب وتمارسه.
وأشارت الصحيفة إلى ما قاله النائب العام جيريمي رايت أمس للبرلمان البريطاني، بأنه عندما تخالف الحكومة معاييرها الأخلاقية العالية فيجب عليها حينئذ أن تفعل ثلاثة أمور:
– أن تعتذر اعتذارا مناسبا.
– أن تعوّض تعويضا مناسبا.
– أن تجري تغييرات من منطلق تعلم الدروس للمستقبل.
أما عن الاعتذار، فقد قُدم أمس رسميا "دون تحفظ" وعبّرت فيه رئيسة الوزراء تيريزا ماي عن "أسفها العميق" بعد تسوية دعوى الزوجين خارج المحكمة؛ والتعويض كان عنصرا جوهريا أيضا وقد دفعته بريطانيا أمس (500 ألف جنيه إسترليني) بالرغم من عدم مطالبة بلحاج به، وقد اعتبره النائب العام مناسبا.
لكن الاختبار الحقيقي لأي اعتذار -كما تقول الصحيفة- هو ما إذا كان ذلك سيغير المواقف والسلوك. وهذا الاعتذار ليس له سابقة كاعتذار علني عن تصرفات جهاز المخابرات البريطاني، وإذا كانت بريطانيا قد تغيرت وتعلمت فعلا درسها من قضية بلحاج وزوجته -كما أصر النائب العام أمس- فمن الصعب رؤية كيف يمكن للعلاقات الاستخبارية التقليدية عبر الأطلسي أن تحيا طويلا منفصلة عن الطرق الأخلاقية التي تحدث الآن.
وفي السياق، شكك مقال لمحرر الدفاع والأمن السابق بالصحيفة ريتشارد نورتون تيلور في استعداد أي عضو في حكومة توني بلير السابقة، وأي فرد في جهاز المخابرات البريطاني، أو أي شخص آخر في جهاز الأمن الحكومي، لتحمل مسؤولية ما وصفته تيريزا ماي في خطاب اعتذارها إلى بلحاج بـ"المعاملة المزعجة والمروعة للغاية".
وقال إن أقصى ما يمكن أن يُقدم هو إشارات معسولة وغير واضحة عن كيف كان يجب على ضباط المخابرات البريطانية القيام بعمل أفضل للحد من مخاطر سوء المعاملة. واعتبر تيلور ذلك التماس عذر غير مبرر استخدم من قبل وبالكاد يكون ذا مصداقية، باعتبار أن رؤساء المخابرات البريطانية أحيطوا علما مباشرة بعد هجمات 11سبتمبر/أيلول بكيف كانت وكالة المخابرات المركزية الأميركية ستتعامل مع "المشتبه بتورطهم في الإرهاب".
وألمح تيلور إلى تحقيق معروف كان قد أمر به رئيس الوزراء السابق ديفد كاميرون (تحقيق غيبسون) لبحث أدلة على أن أجهزة المخابرات البريطانية كانت متواطئة في تسليم مواطنين بريطانيين ومقيمين إلى سجن غوانتانامو الأميركي، وأنهم تلقوا ملايين الجنيهات كتعويضات في تسويات خارج القضاء صممت لمنع الكشف عن أدلة التجريم.
وأشار إلى أن هذا التحقيق توقف عندما ظهرت أدلة على قضية بلحاج، وختم بقوله "يبدو أننا لن نعرف من المسؤول عن تعذيب بلحاج وزوجته".