معاملة بلحاج غير المبررة.. الخيار الأخلاقي

Libya's Islamist military chief Abdel Hakim Belhadj smiles during an interview with Reuters at the a hotel in Tripoli, November 11, 2011. Sitting for a Reuters interview on Friday clad in a sharp blue suit and open-necked shirt, many Libyans might need a double-take to recognise Belhadj, now he has shed his trademark military fatigues and wants to assure his many critics that his Islamist agenda is inclusive and democratic. Declining to be pinned down on his personal ambitions - beyond indicating he does not want an immediate role as defence minister - he insisted he bore no grudge against Western powers who he says colluded in his torture under Gaddafi, dismissed talk of links to al Qaeda and refused to be drawn on rivals' accusations that he is a pawn in Qatari plans to control Libya. To match Interview LIBYA/ISLAMIST-BELHAJ REUTERS/Youssef Boudlal (LIBYA) (POLITICS MILITARY)
بلحاج تلقى اعتذارا ثم تعويضا بمبلغ خمسمئة ألف جنيه إسترليني من لندن (رويترز)
يأتي اعتذار الحكومة البريطانية للسياسي الإسلامي الليبي عبد الحكيم بلحاج وزوجته فاطمة بوشار، كآخر فصل في المعركة القضائية التي يخوضها للكشف عن واحدة من أكثر عمليات جهاز الاستخبارات البريطاني (أم آي 6) إثارة للجدل.

فقد انتقدت افتتاحية للغارديان معاملة بلحاج وزوجته بأنها غير مبررة، وأن اعتذار بريطانيا عن تواطؤها في قضية ترحيلهما إلى ليبيا عام 2004 له آثار بعيدة المدى على التعاون الأمني مع الدول التي تدعم التعذيب وتمارسه.

وأشارت الصحيفة إلى ما قاله النائب العام جيريمي رايت أمس للبرلمان البريطاني، بأنه عندما تخالف الحكومة معاييرها الأخلاقية العالية فيجب عليها حينئذ أن تفعل ثلاثة أمور:
– أن تعتذر اعتذارا مناسبا.
– أن تعوّض تعويضا مناسبا.
– أن تجري تغييرات من منطلق تعلم الدروس للمستقبل.

ورأت أن اعتذار الحكومة البريطانية إلى بلحاج وزوجته عن عملية ترحيلهما التي تمت باختطافهما في تايلند لينتهي بهما المطاف في السجون الليبية، يفي بمتطلبات الأمرين الأولين (الاعتذار المناسب والتعويض المناسب)، ويبقى السؤال عما إذا كان يحقق متطلبات الأمر الثالث (إجراء تغييرات).

أما عن الاعتذار، فقد قُدم أمس رسميا "دون تحفظ" وعبّرت فيه رئيسة الوزراء تيريزا ماي عن "أسفها العميق" بعد تسوية دعوى الزوجين خارج المحكمة؛ والتعويض كان عنصرا جوهريا أيضا وقد دفعته بريطانيا أمس (500 ألف جنيه إسترليني) بالرغم من عدم مطالبة بلحاج به، وقد اعتبره النائب العام مناسبا.

زوجة بلحاج فاطمة بوشار تحمل خطاب الاعتذار الرسمي من الحكومة البريطانيةغيتي إيميجز
زوجة بلحاج فاطمة بوشار تحمل خطاب الاعتذار الرسمي من الحكومة البريطانيةغيتي إيميجز

لكن الاختبار الحقيقي لأي اعتذار -كما تقول الصحيفة- هو ما إذا كان ذلك سيغير المواقف والسلوك. وهذا الاعتذار ليس له سابقة كاعتذار علني عن تصرفات جهاز المخابرات البريطاني، وإذا كانت بريطانيا قد تغيرت وتعلمت فعلا درسها من قضية بلحاج وزوجته -كما أصر النائب العام أمس- فمن الصعب رؤية كيف يمكن للعلاقات الاستخبارية التقليدية عبر الأطلسي أن تحيا طويلا منفصلة عن الطرق الأخلاقية التي تحدث الآن.

وفي السياق، شكك مقال لمحرر الدفاع والأمن السابق بالصحيفة ريتشارد نورتون تيلور في استعداد أي عضو في حكومة توني بلير السابقة، وأي فرد في جهاز المخابرات البريطاني، أو أي شخص آخر في جهاز الأمن الحكومي، لتحمل مسؤولية ما وصفته تيريزا ماي في خطاب اعتذارها إلى بلحاج بـ"المعاملة المزعجة والمروعة للغاية".

وقال إن أقصى ما يمكن أن يُقدم هو إشارات معسولة وغير واضحة عن كيف كان يجب على ضباط المخابرات البريطانية القيام بعمل أفضل للحد من مخاطر سوء المعاملة. واعتبر تيلور ذلك التماس عذر غير مبرر استخدم من قبل وبالكاد يكون ذا مصداقية، باعتبار أن رؤساء المخابرات البريطانية أحيطوا علما مباشرة بعد هجمات 11سبتمبر/أيلول بكيف كانت وكالة المخابرات المركزية الأميركية ستتعامل مع "المشتبه بتورطهم في الإرهاب".

وألمح تيلور إلى تحقيق معروف كان قد أمر به رئيس الوزراء السابق ديفد كاميرون (تحقيق غيبسون) لبحث أدلة على أن أجهزة المخابرات البريطانية كانت متواطئة في تسليم مواطنين بريطانيين ومقيمين إلى سجن غوانتانامو الأميركي، وأنهم تلقوا ملايين الجنيهات كتعويضات في تسويات خارج القضاء صممت لمنع الكشف عن أدلة التجريم.

وأشار إلى أن هذا التحقيق توقف عندما ظهرت أدلة على قضية بلحاج، وختم بقوله "يبدو أننا لن نعرف من المسؤول عن تعذيب بلحاج وزوجته".

المصدر : غارديان