توني بلير.. الرافض للاعتذار عن غزو العراق

NEW YORK, NY - NOVEMBER 19: Former Minister of the United Kingdom and Honoree Tony Blair attends the 2nd Annual Save The Children Illumination Gala at the Plaza on November 19, 2014 in New York City.

توني بلير سياسي بريطاني يعتبر أصغر رئيس وزراء في بريطانيا منذ عام 1812، وهو الوحيد الذي حكم ولايتين متتاليتين من حزب العمال، وصاحب ثاني أطول فترة حكم بعد مارغريت تاتشر خلال أكثر من 150 عاما. اتخذ قرار غزو العراق برفقة جورج بوش الابن، ورفضه الاعتذار عن ذلك.

المولد والنشأة
ولد توني بلير -واسمه الكامل أنتوني شارل لينتون بلير- في 6 مايو/أيار 1953 بمدينة إدينبرغ في إسكتلندا، وأمضى القسم الأكبر من طفولته في مدينة ديرهام.

كان أبوه ليو تشارلز بلير محاميا وسياسيا، ولما كان توني في العاشرة من عمره أصيب أبوه بمرض أفقده النطق لمدة ثلاث سنوات، مما جعله هو وأخوه الأكبر منه بيل وأخته الأصغر منه سارة يتعلمون الاعتماد على النفس. وفي شبابه وأثناء دراسته في الجامعة، مارس توني بلير الغناء في فرقة لفن الروك.

الدراسة والتكوين
درس بلير في كلية فيتيس في إدينبرغ، كما تخرج في شعبة القانون بجامعة أوكسفورد عام 1975، حيث تخصص في القانون التجاري وقانون الشغل.

زاوج بين دراسة القانون والفكر الديني والموسيقى الشعبية، وعلى خطى أبيه مارس المحاماة في العام التالي لتخرجه.

الوظائف والمسؤوليات
عمل بلير في المحاماة في الفترة ما بين 1976 و1983، وفي مكتب المحاماة الذي عمل فيه التقى متدربة اسمها شيري بوث وتزوجا في 1980.

التجربة السياسة
انتمى توني بلير إلى حزب العمال في منتصف السبعينيات من القرن العشرين، وفي 1983 تم انتخابه في مجلس العموم البريطاني، وأعيد انتخابه في المنصب نفسه مرات عديدة إلى عام 2007.

تزامن دخول بلير إلى السياسة مع صعود مطرد لحزب المحافظين عام 1979، وتراجع لحزب العمال الذي خسر أربع انتخابات متتالية ما بين 1979 و1992.

دخل بلير حكومة الظل التي شكلها حزب العمال عام 1988. وفي عام 1992 انتخب لعضوية اللجنة التنفيذية القومية لحزب العمال، ثم رئيسا لحزب العمال بعد وفاة رئيسه جون سميث في مايو/أيار 1994 إثر إصابته بسكتة قلبية.

انتخب بلير زعيما لحزب العمال في يوليو/تموز 1994 بنسبة 57% من الأصوات، وجاء انتخابه مفاجئا، حيث كان المراقبون يتوقعون انتخاب غوردون براون.

في 1995 جدد في البرنامج السياسي والاقتصادي للحزب سعيا لجعله أكثر انفتاحا، وفاز حزبه بانتخابات 1997، حيث حصل على 179 مقعدا في مجلس العموم، وهي أكبر أغلبية برلمانية يحصل عليها حزب العمال في تاريخه، وأكبر أغلبية برلمانية يحصل عليها حزب في بريطانيا منذ 1935.

فاز حزب العمال بقيادة بلير من جديد بالانتخابات البرلمانية في مايو/أيار 2001، فعاد إلى رئاسة الوزراء لفترة ثانية، وهي الفترة التي تميزت بغلبة السياسة الخارجية والقضايا الدولية مثل كوسوفو وسيراليون والحرب على ما يسمى "الإرهاب"، حيث ساند الولايات المتحدة في حربها على نظام حركة طالبان في أفغانستان عام 2001، وفي غزوها للعراق وإسقاطها لنظام صدام حسين عام 2003.

هذه السياسة الخارجية التي اتبعها بلير -وخصوصا غزو العراق- أثرت سلبا على شعبيته ووجهت له انتقادات كثيرة، ورغم ذلك فاز في مايو/أيار 2005 برئاسة وزراء بريطانيا لولاية ثالثة، وإن كان ذلك بعدد من المقاعد أقل من السابق.

استمرت الانتقادات ضد توني بلير وسياساته، وانضم بعض النواب من حزب العمال إلى المعارضة في تصويتها ضد بعض المشاريع، مثل مشروع قانون مكافحة الإرهاب.

وفي سبتمبر/أيلول 2006 أعلن بلير أنه سيقدم استقالته خلال عام، وفي مايو/أيار 2007، وبعد هزيمة حزب العمال في الانتخابات البرلمانية باسكتلندا أعلن أنه سيستقيل في 27 يونيو/حزيران 2007. وبعد استقالته خلفه غوردون براون في زعامة الحزب وفي رئاسة الوزراء.

وفي يوم استقالته نفسه اختارته اللجنة الرباعية للسلام في الشرق الأوسط (الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي والأمم المتحدة وروسيا) مبعوثا دوليا لها.

وفي أواخر مايو/أيار 2015، أعلن متحدث باسم توني بلير أن الأخير قدم استقالته من منصبه إلى الأمين العام للأمم المتحدة بان كي مون. وكان بلير قد تعرض للانتقاد بسبب غياب أي تقدم في عملية السلام.

وفي السادس من يوليو/تموز 2016، وبعد عرض لجنة تشيلكوت تقريرها الذي وصف عملية غزو العراق بأنها كانت متسرعة ومبنية على "معلومات مغلوطة"، وأنها تجاوزت مقتضيات الأمم المتحدة، دافع بلير في مؤتمر صحفي عن قراره بالمشاركة إلى جانب جورج بوش الابن في غزو العراق، واعتبره صائبا.

وقال إنه يتحمل المسؤولية كاملة في اتخاذ القرار "استنادا إلى المعلومات التي كانت لدي والتهديدات التي استنتجتها"، موضحا أن قرار المشاركة في تلك الحرب اتخذ لأن صدام كان "يمثل تهديدا لشعبه وللسلم العالمي".

بينما أكد تقرير لجنة تشيلكوت التي اشتغلت على الملف لسبع سنوات، أن المعلومات التي بني عليها الغزو قدمت بتعبيرات تأكيد لم تكن مبررة، وأن صدام حسين لم يشكل تهديدا، بل إنه تم تحذير بلير من أن غزو العراق سيقوي نشاط تنظيم القاعدة في بريطانيا.

واعتبر بلير أن العالم بات أكثر أمنا بعد غزو العراق والإطاحة برئيسه صدام حسين، بيد أنه أشار في المقابل إلى النتائج الكارثية للغزو، ومنها مقتل أعداد كبيرة من المدنيين العراقيين، فضلا عن 179 جنديا بريطانيا بين عامي 2003 و2009، وفق بيانات رسمية بريطانية، وقال "أعبر عن ألمي وأسفي وأقدم اعتذاراتي".

ونقلت صحيفة الديلي ميل عن توني بلير قوله خلال الندوة الصحفية "الناس يريدونني أن أعتذر" عن قرار غزو العراق "لكن أنا لا أستطيع فعل ذلك".

ومضى بلير يقول "لو عدت إلى نفس المكان، وكانت لدي نفس المعلومات، لاتخذت نفس القرار، لأنني واثق أن القرار الذي أخذته كان صائبا".

المؤلفات
في سبتمبر/أيلول 2010، نشر توني بلير مذكراته في كتاب تحت عنوان "رحلة"، وهو الكتاب الذي تحدث فيه عن تجربته السياسية في حزب العمال، وعن تجربته رئيسا لوزراء بريطانيا لمدة عشر سنوات، ودافع فيه عن قرار المشاركة في غزو العراق.

المصدر : الجزيرة