خطة المغرب للديمقراطية وحقوق الإنسان.. هواجس التنفيذ

وزير الدولة المكلف بحقوق الإنسان مصطفى الرميد أثناء استعراض محاور الخطة في ديسمبر 2017 ـ الجزيرة نت
وزير الدولة المكلف بحقوق الإنسان مصطفى الرميد أثناء عرضه خطة المغرب للديمقراطية وحقوق الإنسان الشهر الماضي (الجزيرة)

الحسن أبو يحيى-الرباط

أصدرت الحكومة المغربية مؤخرا الخطة الوطنية في مجال الديمقراطية وحقوق الإنسان بعد عشر سنوات من الانتظار. ورغم أن أوساطا حقوقية ترى في هذه الخطة "الحد الأدنى المتفق عليه بين الحكومة والفاعلين الحقوقيين بالمغرب"، فإن بعض المنظمات الحقوقية متوجسة من إمكانية فشل تنفيذها بسبب وجود قوى مناهضة لها، وغياب ضمانات وإرادة سياسية لتطبيقها.

فقبل عشر سنوات، نصب الوزير الأول آنذاك عباس الفاسي في ديسمبر/كانون الأول 2008 لجنة الإشراف المكلفة بإعداد الخطة الوطنية للديمقراطية وحقوق الإنسان، بعد إطلاق مناظرة وطنية بشأن الموضوع في السنة نفسها، وذلك في سياق التفاعل مع توصيات وخطة عمل مؤتمر فيينا لحقوق الإنسان المنعقد عام 1993.

ومنذ ذلك الحين، خضعت مسودة الخطة لستة تعديلات أفضت إلى اعتمادها في الصيغة الحالية، التي تضم أربعة محاور تتعلق بالديمقراطية والحكامة، والحقوق الاقتصادية والاجتماعية والثقافية والبيئية، وحماية الحقوق الفئوية والنهوض بها، والإطار القانوني والمؤسساتي. وكان رئيس الحكومة المغربي سعد الدين العثماني قد تعهد أمام البرلمان بإخراج الخطة وتنفيذ مضامينها بين عامي 2018 و2021.

وإذا كانت الخطة تشكل إطارا مرجعيا لرسم السياسات العمومية فإن نجاحها يتطلب من وجهة نظر عضو لجنة العدل والتشريع وحقوق الإنسان بمجلس النواب آمنة ماء العينين "إعلاء شأن الإرادة العامة، وذلك ضمن نظام ديمقراطي حقيقي يؤمن بالحرية ويسعى إلى العدالة والإنصاف".

‪الخضري: بعض الممارسات تجاه الاحتجاجات تكشف عن قوى مناهضة للمبادرات الإيجابية‬ (الجزيرة)
‪الخضري: بعض الممارسات تجاه الاحتجاجات تكشف عن قوى مناهضة للمبادرات الإيجابية‬ (الجزيرة)

قوى مناهضة
ورغم أن الخطة نصت على ضمان التوازن بين متطلبات حفظ الأمن واحترام حقوق الإنسان انطلاقا من مراعاة الضرورة أثناء استعمال القوة في فض التجمعات والمظاهرات السلمية، وتأكيد حماية حريات التجمع والتظاهر السلمي، فإن المنظمات الحقوقية متوجسة من عدم نجاح الخطة حسب قول رئيس المركز المغربي لحقوق الإنسان عبد الإله الخضري.

ويوضح الخضري أن الممارسات التي تقع أثناء التعامل مع بعض الاحتجاجات في المغرب تكشف عن مناهضة بعض القوى لكل المبادرات الإيجابية حتى لو كانت حكومية.

وتتضمن الخطة أزيد من أربعمئة تدبير من أجل تحقيق أهداف، ومنها تكريس الحماية القانونية للحق في التعبير والرأي وضمان الحق في المعلومة، ومناهضة الإفلات من العقاب، إذ تدعو الخطة إلى تكريس هذا المبدأ في السياسة الجنائية وفي التدابير الحكومية، وحماية المشتكين والمبلغين والشهود المدافعين عن حقوق الإنسان من أي سوء معاملة، ومن أي ترهيب بسبب شكاويهم.

إرادة غائبة
ووفقا للخضري فإن أكثر من ثلث القضايا المرتبطة بانتهاكات حقوق الإنسان هي موضوع خلاف، وقد ظلت خارج نطاق الخطة، ويقول رئيس الجمعية المغربية لحقوق الإنسان أحمد الهايج إن هذه الخطة تمثل "الحد الأدنى المتفق عليه، الذي سيصطدم بغياب الإرادة السياسية لتطبيق توصيات الخطة، وخاصة تلك المرتبطة بالتشريعات والتدابير المؤسساتية".

ويضيف الهايج أن الإعلان عن الخطة ونشرها والتعريف بها وإشعار هيئات الأمم المتحدة باعتمادها؛ جزء من توصيات لجنة الإشراف على إعدادها، التي أوصت بإحداث آلية للمتابعة وتقديم تقرير سنوي للحكومة عن حصيلة التنفيذ.

لكن الذي ينقص -حسب النائبة آمنة ماء العينين- هو الحكامة أثناء تطبيق الخطة، وتحديد الجهات التي يحق لها التدخل كلما تم تجاوز بنود الخطة والتزاماتها، وترى أن ضمانات تحقق ما سبق "منعدمة، والاختصاصات لا تزال مبهمة".

المصدر : الجزيرة