براء.. حلْم عمل بتركيا انتهى بزنازين إسرائيل

براء.. ابن أسير وأب يصارع بمعركة الدفاع
براء اقتيد إلى المعتقل عند عودته من تركيا حيث كان يبحث عن عمل (الجزيرة)

عاطف دغلس-نابلس

"لماذا يعتقل براء؟ إنه إنسان بسيط سخّر حياته فقط لمعرفة الرسوم المتحركة والرسم الثلاثي الأبعاد".

هذه الفقرة ليست جزءا من سيرة ذاتية أو بطاقة تعريفية لشخص ما، إنما هي واحدة من أكثر من مئة منشور على صفحة أكاديمي فلسطيني عبر منصات التواصل الاجتماعي، للتعريف بنجله القابع في سجون الاحتلال الإسرائيلي منذ أكثر من شهرين.

في 30 مايو/أيار الماضي كان أستاذ الإعلام بجامعة النجاح في نابلس الدكتور فريد أبو ضهير بانتظار نجله براء قادما من تركيا التي غادر إليها لنحو شهر بحثا عن عمل.

لكن سلطات الاحتلال اعتقلته عند جسر الكرامة الذي يقول الفلسطينيون إنهم يفقدون كرامتهم عند عبوره.

يقول الأب إنه خبر صادم أن يُعتقل براء (26 عاما) ويقاد إلى مراكز التحقيق الإسرائيلية ويقضي هناك أكثر من أربعين يوما يمنع خلالها من زيارة محاميه وذويه.

خلال جلسات المحاكمة "لم نستطع الحديث معه.. أدركنا أنه ليس بخير"، وعادة لا يسمح الاحتلال لأي أسير بالكلام مع ذويه.

تحقيق وعزل
لم يُفوّت الأب دقيقة واحدة دون أن يكتب عن معاناة ابنه داخل أقبية التحقيق والعزل، لا سيما أن وضعه الصحي أخذ يتدهور.

يؤكد الوالد أن براء شاب بسيط لا يعرف كثيرا في الحياة، وأنه "أبسط مما يتصور المحققون الإسرائيليون وضباط المخابرات الأغبياء".

ويفيد بأن براء تخرج من الجامعة في تخصص تقنيات المعلومات ويتقن العمل على برامج "دي ثري" وبرامج الرسوم المتحركة، وسعى بكل الطرق لشغل وظيفة في بلده أو خارجها لكن دون جدوى.

‪عائلة براء تخوض معركة إعلامية وحقوقية من أجل الإفراج عنه‬ (الجزيرة)
‪عائلة براء تخوض معركة إعلامية وحقوقية من أجل الإفراج عنه‬ (الجزيرة)

آخر ما تصورته عائلته هو الاعتقال، لأن "من يعرف براء لن يقتنع بأنه يشكل خطرا أمنيا كما يدعي محققو الاحتلال".

لم يترك الأب المقهور وسيلة إعلام إلا وتحدث عبرها، وعندما رأى ابنه في محكمة سجن عوفر يوم 26 يونيو/حزيران الماضي أجهش بالبكاء.

يقول إن القاضي سمح لهم بالحديث لأكثر من نصف ساعة مع براء، "وكانت الفاجعة، فقد اعترف بأشياء لا يعرفها.. ألبس نفسه تهما لا صلة له بها".

يروي الأب عن نجله أنه اعترف مُكرها كي يتخلص من ضغط ضباط المخابرات الذين حققوا معه بطرق عنيفة، وقد خيّب القاضي ظن العائلة فمدد اعتقال براء خمسة أسابيع أخرى.

الحرية لبراء
صوب سجن "مجدو" اتجه براء برفقة السجانين مكبل اليدين والرجلين في سيارة عسكرية تعرف باسم "البوسطة"، إن أخرج يده لم يكد يراها من شدة ظلمتها، ومقاعدها الحديدية القاسية تأخذ لها مكانا وتترك علامات بأجساد الأسرى.

حينها قرر والد براء أن يضاعف دفاعه عن ولده فأطلق وسما بعنوان "الحرية لبراء" على مواقع التواصل الاجتماعي بالعربية والعبرية والإنجليزية.

وقد راسل أبو ضهير عشر مؤسسات حقوقية إسرائيلية وأخرى عالمية، كما كتب عن سجن براء عشرات الصحفيين، بينما خاطب مسؤولون ونواب بريطانيون حكومة الاحتلال بشأن قضيته.

وقال أبو ضهير "الآن يُعِد أصدقاء بريطانيون لحملة تضامنية معه في لندن".

أما بسمة قمحية فقد ابيضت عينها حزنا، ولكنها ما تزال تعِدّ غرفة نوم ولدها الأسير وترتب أوراقه وجهاز حاسوبه ولا تسمح لأي من أشقائه الثلاثة باستخدامه.

المصدر : الجزيرة