معرض الكتاب الكويتي يلفظ مدونا إسرائيليا ويؤكد عروبة القدس

معرض الكتاب بالكويت
معرض الكتاب في الكويت احتفى بالقدس وفلسطين (الجزيرة نت)

محمود الكفراوي-الكويت

وسط موجات التطبيع التي نشطت مؤخرا في الخليج العربي، نحت الكويت منحى آخر، وهذه المرة من بوابة الثقافة، إذ احتفت عبر معرضها الدولي الثالث والأربعين للكتاب بالقدس عاصمة أبدية لفلسطين، وهو العنوان الأبرز في معرض العام الحالي الذي بدأت فعالياته في 14 نوفمبر/تشرين الثاني الجاري وتستمر حتى 24 منه.

وتشمل المشاركات الفلسطينية -إلى جانب إقامة الندوات المتخصصة عن القدس- وجود اثنين من دور النشر، وهما دار الجندي ومقرها القدس، ودار شامل بنابلس، إضافة إلى جناح وزارة الثقافة الفلسطينية.

صهيوني يعكر الأجواء
الاحتفاء الكويتي بالقضية لم يخل مما يعكر الصفو، إذ استيقظ جمهور المعرض في اليوم الثاني منه على وقع صور نشرها المدون الإسرائيلي بن تزيون، أكد خلالها تجوله في المعرض كما عبر عن أمله في أن يوجد العلم الصهيوني إلى جوار أعلام دول مجلس التعاون الخليجي.

تصرف المدون الإسرائيلي -الذي دخل البلاد بجواز سفر أميركي- أثار موجة غضب عارمة، مما استدعى تدخل جهات الأمن الكويتية التي قامت بترحيله بعد مرور 18 ساعة من وجوده في البلاد.

المقاومة الثقافية
ومساء اليوم ذاته (الخميس الماضي)، كان جمهور المعرض على موعد مع ندوة لوزير الثقافة الفلسطيني إيهاب بسيسو، حملت عنوان "القدس.. المقاومة الثقافية وتحديات الاحتلال" التي شهدت نقاشا واسعا حول جدوى زيارة القدس من قبل المثقفين العرب، وما إذا كان الأمر يندرج في نطاق الدعم الثقافي أم التطبيع.

الاحتفاء الكويتي بالقدس لاقى ترحيبا كبيرا من الجالية الفلسطينية بالكويت(الجزيرة نت)
الاحتفاء الكويتي بالقدس لاقى ترحيبا كبيرا من الجالية الفلسطينية بالكويت(الجزيرة نت)

بسيسو، وانطلاقا من مفهوم يقوم على أن الثقافة هي مقاومة يحقق توظيفها دورا مهما في ديمومة الوعي تجاه القضية، رأى في معرض حديثه عن الزيارات أنها نوع من الدعم لا يمكن الاستغناء عنه.

وينطلق بسيسو في ذلك من أن قدوم أي مبدع أو فنان أو مثقف إلى القدس يجعله يدرك الواقع على الأرض بشكل أوضح يفوق بكثير ما يمكن أن يصله عبر وسائل الإعلام، مؤكدا أن القدوم إلى فلسطين جزء من النضال اليومي الذي يجب ألا يقتصر عند حد القدوم فقط وإنما علينا توظيفه لدعم القضية إبداعا وثقافة وإعلاما.

ويستبعد الوزير الفلسطيني حسم الجدل بشأن ما إذا كانت الزيارة دعما أم تطبيعا، لإيمانه بأن تلك الثنائية صيغت لخلق حالة من الفرقة. ويضرب مثالا لتأييد وجهة نظره بمطالبة الأسرى الفلسطينيين بزيادة عدد زيارات الأهالي لهم وتمديد فترات الزيارة، مما يعني أن ذلك يصب في مصلحة الأسرى وليس في مصلحة إسرائيل.

ليس دعما للسجان
وجهة النظر السابقة أيدها عدد من حضور الندوة، ودلل الصحفي بجريدة القبس محمود حربي على واقعيتها في مداخلة له بما قاله الشهيد فيصل الحسيني ذات مرة، من أن زيارة العرب للقدس هي تضامن مع السجين وليست دعما للسجان، متسائلا في الوقت ذاته عن آليات تفعيل الزيارات العربية إلى القدس مستقبلا.

وداخل جناحه يعرض مدير دار الجندي للكتاب سمير الجندي عددا من الروايات الفلسطينية والكتب التي تحكي عن القدس، من بينها رواية "فنتازيا" التي من تأليفه.

وزير الثقافة الفلسطيني متحدثا في ندوة
وزير الثقافة الفلسطيني متحدثا في ندوة "القدس..المقاومة الثقافية"(الجزيرة نت)

يقول الجندي للجزيرة نت إن الرواية تحكي قصة رجل يأتي من إحدى القرى الفلسطينية إلى القدس بحثا عن حبيبته، ويصف خلال بحثه المدينة وتفاصيلها التاريخية، لكنه يقرر في لحظة ما الذهاب إلى بغداد بحثا عن الحبيبة نفسها فلا يجدها، ويتكرر الأمر معه في بغداد والقاهرة، إلى أن يقتنع أخيرا بأن حبيبته في القدس ويقرر عندها العودة إليها مرة أخرى.

رواية فلسطينية ثانية يعرضها الجندي هي "أسرار أبقتها القدس معي" للأديبة نسب أديب حسين، وهي كاتبة من الشمال الفلسطيني جاءت إلى القدس للدراسة الجامعية وألفت روايتها التي تحكي عشقها للمدينة، وهناك أيضا رواية "صورة وأيقونة وعهد قديم" للكاتبة الفلسطينية سحر خليفة.

وداخل دار شامل الفلسطينية، يحكي بكر زيدان -وهو من سكان نابلس- عن مشاركته الأولى في المعرض، مشيرا إلى أنها تأتي وسط احتفاء كبير بالقدس، لكنه يرى أن المشاركات الفلسطينية في المعارض العربية لا تزال ضعيفة بسبب كثير من المعيقات التي يفرضها الاحتلال.

يؤكد زيدان أن المشاركة الفلسطينية في أي معرض تعطي دافعا كبيرا للمؤلفين في الداخل الفلسطيني لمواصلة إبداعهم رغم العراقيل التي يفرضها الاحتلال، مشيرا في الوقت ذاته إلى أن المشاركة هي مقاومة بالكلمة لا غنى عنها.

المشاركة الفلسطينية والاحتفاء الكويتي كانا محل ترحيب كبير من أبناء الجالية المقيمين في الكويت الذين حرصوا على تفقد الجناح الفلسطيني ومحتوياته، وهو أمر يؤكد نايف فارس -أحد أبناء الجالية، وقد حرص على اصطحاب أطفاله معه- أنه تأكيد على التضامن العربي عموما والكويتي خصوصا مع القضية.

ومن المقرر أن يشهد اليوم قبل الأخير للمعرض ختام تظاهرة الدعم بندوة تحمل عنوان "القدس عاصمة فلسطين الأبدية"، يلقيها مؤسس ورئيس هيئة أرض فلسطين في لندن سلمان أبوستة، يستعرض خلالها تاريخ وجغرافيا القدس منذ مئة عام، والمحاولات الإسرائيلية لاختلاق تاريخ يهودي مزيف للاستيلاء عليها.

المصدر : الجزيرة