المعمري.. ناشط عذبه الحوثيون فأصيب بالشلل

المعمري يروي صنوف التعذيب التي تعرض لها بسجون الحوثيين
الناشط السياسي الشيخ جمال المعمري توعد الحوثيين بالملاحقة القضائية

الجزيرة نت-مأرب

ظهر الناشط السياسي الشيخ جمال المعمري لأول مرة بعد أيام من إطلاقه بموجب صفقة تبادل أسرى عقب أكثر من ثلاثة أعوام عاشها بسجون مليشيا الحوثيين في صنعاء تعرض فيها لصنوف من التعذيب مما أصابه بشلل كلي.
 
وروى المعمري -وهو وجيه قبلي ينتمي إلى محافظة عمران شمال العاصمة صنعاء- في جلسة استماع عقدها بمدينة مأرب جزءا مما حدث معه خلال 1114 يوما في الاختطاف بسبب معارضته للحوثيين.
 
بدأت قصة المعمري عندما اختطفه مسلحون حوثيون من فندق بصنعاء في 13 مارس/آذار 2015، أي قبل انطلاق "عاصفة الحزم" بأسبوعين، ونقلوه لمنزل نائب الرئيس اليمني الحالي علي محسن الأحمر الذي احتله الحوثيون وحولوه إلى سجن لكبار معارضيهم.
 
تعذيب حتى الشلل
ويقول الناشط السياسي اليمني إنه ما إن وصل لمركز الاعتقال حتى تلقى ضربا مبرحا بأعقاب البنادق على أجزاء مختلفة من جسده، وسُحل في المبنى حتى فقد وعيه. ولم يُفق إلا أثناء إخراجه في اليوم الثاني من مستشفى الشرطة بعد علاجه.
 
ولم يتوقف التعذيب، بل استمر بعدها بالآلات الحادة، والإحراق بالنار المباشرة والصعق الكهربائي في فمه. كما أُحرقت قدمه اليُسرى وظلت تنزف دما لعدة أيام، وثقبوا جسمه ثُقبين بمثقاب (دريل) كهربائي. كما كووه بأعقاب السجائر، وإبر محرقة، وحرموه النوم لمدة ثمانية أيام متصلة.
‪أمهات مختطفين بمحافظة إب اليمنية يطالبن بإطلاق أبنائهن المرضى من سجون الحوثي‬ (الجزيرة)
‪أمهات مختطفين بمحافظة إب اليمنية يطالبن بإطلاق أبنائهن المرضى من سجون الحوثي‬ (الجزيرة)

كان السجانون الحوثيون يربطون الشيخ المعمري على كرسي، ويشدون يديه ورجليه للخلف بشكل حلزوني لفترات طويلة، مع الاستمرار بضربهما، مما أدى لتمزق أعصاب طرفية بجسمه تسببت في إصابته بالشلل. وتزامن التعذيب المادي مع تعذيب نفسي من خلال التهديد بهتك العرض، وإسماعه أصوات صراخ امرأة في غرفة مجاورة وإخباره بأنها زوجته.

بعد هذه الأنواع المختلفة من التعذيب القاسي، نقل المعمري مع آخرين إلى سجن تابع لجهاز الأمن القومي (الاستخبارات) شرق صنعاء، حيث بقي في زنزانة ضيقة بلا إنارة أو نافذة لأكثر من سنة وثلاثة أشهر.

شاهد على القتل
يروي الرجل أنه كان شاهدا على مقتل عدد من المختطفين داخل السجن، إذ شاهد من فتحة صغيرة بباب زنزانته كيف ضرب مسلحون حوثيون معتقلا أميركيا في صدره بقوة، رغم أنه كان يعاني من مرض في القلب، وظل يئن ساعات حتى لفظ أنفاسه الأخيرة، وادّعوا حينها أنه انتحر.

وكان السجناء يسمعون عمليات تدريب لمئات المجندين الجدد من مليشيا الحوثي خارج مبنى الموقع العسكري والسجن في الوقت نفسه، وهم يتدربون بمختلف أنواع الأسلحة، بينما كان المختطفون أشبه بدروع بشرية بهذا الموقع من غارات التحالف العربي.

وتحدث المعمري عن حادثة تمرد بالسجن عندما تمكن أحد السجناء من رؤية مسلحين حوثيين خارج المبنى يجهزون أصابع الديناميت، فيما يبدو محاولة لتفجير المبنى، فكسر السجناء أحد الأبواب وتمكنوا من الاتصال هاتفيا بمكتب الأمم المتحدة لإخبارهم بما يجري في الموقع.

لكن الحوثيين أطلقوا مئات الطلقات من رشاشاتهم على المبنى أسقطت قتلى وجرحى من السجناء بينهم تاجر من محافظة صعدة معقل الحوثيين يدعى "حسين راشد الحسوي".

الحوثيون اختطفوا يمنيين وأجانب وزجوا بهم في سجون سرية(رويترز)
الحوثيون اختطفوا يمنيين وأجانب وزجوا بهم في سجون سرية(رويترز)

عقب حادثة التمرد المذكورة، نُقل المعمري مع المعتقلين الآخرين لسجن جهاز الأمن السياسي، حيث كان شاهدا مرة أخرى على عمليات تعذيب أدت للوفاة، ومنهم زميل له في زنزانته قضى نحبه تحت ضربات بمطارق حديد، وادّعى الحوثيون حينها أنه توفي متأثرا بوباء الكوليرا.

ملاحقة الحوثيين
ولم يحصل المعمري على أول زيارة عائلية إلا في الرابع من أبريل/نيسان 2017 -بعد أكثر من عامين لاختطافه- حيث صُعقت أسرته لما شاهدته وهو عاجز عن الحركة، ونحيل (40 كيلوغراما) بسبب الإضراب عن الطعام.

وبعد رحلة عذاب أفرج عن الشيخ المعمري بصفقة تبادل أسرى مع الحوثيين، بعد يومين من زيارة يحيى الحوثي -شقيق زعيم مليشيا الحوثي عبد الملك- له، حيث صوروا معه مقطع فيديو اضطر فيه لمجاراتهم حتى تستمر إجراءات الصفقة ولا تتعثر. لكنه توعد بعد ذلك الحوثيين الذي وصفهم بـ"المليشيا الإرهابية الإجرامية" بالملاحقة القضائية.

وطالب المعمري الأمم المتحدة والمنظمات الدولية بالتحرك لوقف ما وصفها بالإبادة الجماعية التي يتعرض لها المختطفون لدى الحوثيين، أدت إلى مقتل عشرات منهم. كما طالب بلجنة طبية محايدة بإشراف دولي للكشف عن آثار التعذيب في جسده، حيث ما زالت ظاهرة رغم محاولة الحوثيين إبقاءه أطول فترة ممكنة حتى تختفي تلك الآثار.

وخاطب الحوثيين بقوله "أعاهد الله أنه ليس لدي أدنى خوف منكم وإن عُلقت المشانق"، ووجه خطابه لعبد الملك الحوثي "جمال المعمري وإن كان يرتدي الحفاظات سيظل وراءكم وأعاهد الله حتى النهاية".

يذكر أن الناشط السياسي الطبيب عبد القادر الجُنيد الذي اختطفه الحوثيون لمدة 11 شهرا من مدينة تعز، قبل أن يفرجوا عنه وينتقل مع عائلته إلى كندا هو أول من أثار قصة جمال المعمري الذي شاركه زنزانة واحدة أكثر من ثلاثة أشهر، تمكن خلالها الجنيد من إجراء تشخيص طبي لحالة المعمري.

المصدر : الجزيرة