في منتدى الجزيرة: الفراغ العربي يغري قوى الإقليم

المتحدثون من اليمين إلى اليسار الدرديري محمد أحمد غالب دالاي لويزة آيت حمادوش تركي الدخيل فهمي هويدي
المتحدثون بمنتدى الجزيرة من اليمين الدرديري محمد أحمد وغالب دالاي ولويزة آيت حمادوش وخالد الدخيل وفهمي هويدي (الجزيرة)

مجدي مصطفى-الدوحة

تناول منتدى الجزيرة الحادي عشر المنعقد في الدوحة القطرية -في جلساته أمس السبت تحت عنوان "أزمة الدولة ومستقبل النظام الإقليمي في الشرق الأوسط"- محورا يتعلق بالعرب والقوى الإقليمية الصاعدة.

وتطرق المشاركون بالمنتدى -الذي يختتم أعماله اليوم الأحد- إلى طبيعة القوى الإقليمية الصاعدة ومشاريعها، وتداولوا بالنقاش إمكانية أن تحل التحالفات الدولية محل الترتيبات الإقليمية على صعيد الأمن والاستقرار والتكامل الاقتصادي

واستهل فهمي هويدي -الكاتب الصحفي المتخصص في شؤون العالم العربي والإسلامي- النقاش بتشخيص واقع الدول العربية الذي يغري القوى الإقليمية بتنفيذ مشاريعها المتنافسة فيها.

وينطلق المفكر المصري مما يراه حقيقة واقعة في دولنا وهي "حالة التفكك والفراغ.. حيث أصبحنا بصدد عاصمة عربية يتصارع أعضاؤها مع بعض وانتقلنا من حالة التطلع لأشواق الأمة إلى تفسخ الأوطان".

ويمضي في تشخيص تلك الحالة، مشيرا إلى أن أسئلة من قبيل من هو العدو الإستراتيجي للأمة، وما الذي يجمع شمل العالم العربي؟ لم تعد مطروحة تماما مثل وجود إشكال في مفهوم الدولة وتراجع مفهوم الأمة، منبها إلى أن الانهيار أحدث فراغا وتتمدد الآخرون في الفراغ العربي، معتبرا أن المشكلة هي "مشكلة أنظمة لأن الشعوب لاتزال بخير".

وخلص هويدي إلى أن العرب يعانون من أزمة فراغ وغياب مشروع وانعدام الديمقراطية مما أضفى ضبابية على الرؤى الإستراتيجية "فلم نعد نعرف من هو العدو ومن هو الصديق" مؤكدا أنه لا سبيل للخروج من الحالة إلا بالشروع في بناء الدولة الوطنية دولة المؤسسات.

ومن جانبه، يرى خالد الدخيل أستاذ علم الاجتماع السياسي بجامعة الملك سعود سابقا أن السعودية ودول الخليج تأخرت في الاهتمام بـ اليمن ما سمح لـ الحوثيين بالتمدد خلال عام ونصف العام من عمران إلى صنعاء ظنا منهم أن ذلك يعني ضوءا أخضر ليفعلوا ما يريدون.

واعتبر الدخيل أن إيران استغلت الفراغ الأمني والأيديولوجي لتتدخل في شؤون المنطقة بشكل عدواني، قائلا "نحن نتحمل المسؤولية الرئيسية" في ذلك.

التشظي
أما غالب دالاي مدير البحوث بمنتدى الشرق الأوسط في إسطنبول، فيرى أن المنطقة تعيش حالة من التشظي تحول دون قيام حلف فيها، مضيفا أن الوضع الراهن يتغير وليس هناك في المنطقة بنية ثابتة، وقد يتبدل حليف اليوم إلى خصم.

العرب يعانون من أزمة فراغ وغياب مشروع وانعدام الديمقراطية ما أضفى ضبابية على الرؤى الإستراتيجية، فلم نعد نعرف من هو العدو ومن هو الصديق، مؤكدا أنه لا سبيل إلا بالشروع في بناء دولة المؤسسات

وحول موقف تركيا من الربيع العربي، قال دالاي إن أنقرة آزرت الربيع العربي.

وفي تقييمه لطبيعة التدخل التركي والإيراني في الأزمة السورية، قال دالاي "بسبب العسكرة في سوريا تحاول تركيا الوصول إلى ما هو مقبول وليس إلى ما هو مأمول".

وأضاف أن إيران تشعر بأنها تكسب بعض المعارك بينما ينتاب الرياض وأنقرة إحساس بأنهما تخسران. وأكد أن تركيا وروسيا لا يمكن أن تكونا حليفتين لأن لكل منهما رؤية مختلفة، مشيرا إلى أن المعضلة تكمن في كيفية مواجهة إيران وما إذا كان يجب التعامل معها كدولة طائفية أم قومية تسعى لتوسيع نفوذها.

 الموانع
وفي مداخلتها خلال الجلسة، طرحت لويزة آيت حمادوش أستاذة العلوم السياسية والعلاقات الدولية بجامعة الجزائر سؤالا عن الأسباب التي تمنع بروز قوى عربية صاعدة. وأشارت إلى متغيرين رئيسيين أحدهما اقتصادي يتعلق بثقل الدول وتأثيرها على السوق العالمية، والآخر إستراتيجي.

ووفق لويزة، فإن الميزة الاقتصادية الوحيدة للدول العربية تكمن في النفط والغاز، لكنها لم تعد تسيطر حتى على هذا القطاع الحيوي.

أما المتغير الإستراتيجي -برأيها- فبات محصورا في التسلح وشراء السلاح حتى أن دولتين عربيتين أفريقيتين (المغرب والجزائر) تستوردان وحدهما 50% من واردات الأسلحة الأفريقية "كما أن السعودية هي أكبر دولة عربية مستوردة للسلاح، وتنفق على هذا الغرض عشرة ملايين دولار في الساعة الواحدة".

وتساءلت لويزة عن المشاريع الإقليمية التي تدافع عنها الدول العربية، مشيرة بهذا الصدد إلى تداخل المبادرات الإقليمية وصراع المصالح التي تعطي أولوية للعلاقات الثنائية مع دول خارج المنطقة.

وأوضحت الأستاذة الجامعية أن الدول العربية اختارت على ما يبدو بدائل للمشاريع الإقليمية من خلال لجوئها إلى تحالفات وعلاقات تعاون مع دول تفرض شروطا تحول دون بروز مشاريع داخلية بناءة.

وآثر أستاذ القانون بجامعة الخرطوم الدرديري محمد أحمد أن يستهل حديثه بمطلع قصيدة للإمام الشافعي التي يقول فيها "نعيب زماننا والعيب فينا**** وما لزماننا عيب سوانا".

وقال الدبلوماسي السوداني السابق إن تدخلات القوى الإقليمية في شؤون الدول تلبس لبوسا شعبويا أو دينيا طائفيا أو حقوقيا.

ويرى الدرديري أن مكامن الضعف تتجلى في كون الدولة القُطرية العربية لا تتوفر على مقومات تضفي على بقائها المشروعية، مشيرا إلى أن القانون الدولي لا يعرف دولة ناقصة المشروعية، وأن العرب ليس لديهم مشروع يقر مبدأ المساواة والتكافؤ التام بين الطوائف والقوميات.

المصدر : الجزيرة