شعار قسم ميدان

"ورطة ترودو".. هل يسقط الفساد أسطورة الرئيس الوسيم؟

ميدان - ترودو وجودي ويلسون
تقديم

في صورة تبدو مناقضة للنظرة المثالية التي يُرى بها رئيس الوزراء الكندي الحالي "جاستن ترودو"، صاحب الابتسامة الهادئة والخطابات المدافعة عن حقوق "المهمّشين"، شهدت "لجنة العدل" بمجلس العموم الكندي، ومنذ أسبوع واحد فقط، وفي السابع والعشرين من فبراير/شباط المنصرم، واحدة من أكثر جلسات الاستماع إثارة للجدل في تاريخ البرلمان، والتي كان محورها شهادة وزيرة العدل والمدعية العامة الكندية السابقة "جودي ويلسون-رايبولد" حول القضية الخاصة بشركة SNC-Lavalin الهندسية الكندية- ومقرها مونتريال، حين زعمت "جودي" أنها تعرضت لضغوط «ثابتة ومتواصلة» من قبل رئيس الوزراء الحالي "اللامع" "جاستن ترودو" وعدد من مساعديه لأجل دفع مسار القضية، والتي تواجه فيها الشركة اتهامات بالاحتيال ودفع الرشاوي، في اتجاه اتفاق تقوم بموجبه الشركة بدفع غرامة مالية لتجنب الحُكم الجنائي.

 

شهدت القضية جدلا واسعا في كندا على مدار السنوات الثلاث الماضية منذ نقطة تحولها عام 2015، واُعتبرت «الفضيحة السياسية الأبرز» لإدارة ترودو حتى الآن، وأشعلت خلافا واسعا بين الحكومة والمعارضة طوال الشهر الماضي، وتكاد على ما يبدو أن ترسم أولى خطوات خروج ترودو من معركة الانتخابات البرلمانية المقررة في أكتوبر/تشرين الأول المقبل، إن لم يجد طريقه للخروج منها محتفظًا بمصداقيته السياسية في الداخل الكندي.

   

شركة SNC.LAVALIN (مواقع التواصل)
شركة SNC.LAVALIN (مواقع التواصل)

   

تأسيس: كيف بدأت القضية؟

تعود البدايات الأولى للصراع الحالي لعام 2011، عندما أعلنت السلطات السويسرية، وبالتنسيق مع الشرطة الملكية الكندية المعروفة اختصارًا بـ RCMP، انطلاق التحقيقات(1) في مزاعم دفع شركة SNC-Lavalin رشاوى لمسؤولين ليبيين لأجل الحصول على عقود بناء «مُربحة» في الداخل الليبي، وقُدم وقتها "رياض بن عيسى" _نائب رئيس الشركة السابق وأحد مسؤولي مشاريعها في شمال إفريقيا_ للقضاء السويسري بتُهمتي «الفساد ودفع الرشاوى»، وهما تهمتان اعترف بهما "ابن عيسى" ليُحكم عليه في أغسطس/آب لعام 2014 بالسجن لمدة 29 شهرا -كان قد قضاها بالفعل خلال مدة المحاكمة- إلى جانب رد ملايين الدولارات التي أنفقت في الرشاوى إلى الشركة.

  

لم تُنكر إدارة الشركة العملاقة -ذات القيمة السوقية البالغة 10 مليارات دولار تقريبًا- حدوث ما أطلقت عليه «أخطاء» في ليبيا، وإن ألقت باللوم في النهاية على من أسمتهم «موظفيها المارقين»، لكن الخسارة التي تسببت بها القضية لسُمعة الشركة عالميا جعلتها تُطلق حملة شاملة في عام 2012 لتطوير وبناء ما أسمته بـ «إطار امتثال أخلاقي عالمي» أعادت بموجبه تشكيل أطقمها الإدارية حول العالم، بينما حددت العناصر الثلاث التي تحكم برنامجها "الأخلاقي" العالمي وهي «الوقاية – التحري/الاكتشاف – الاستجابة»، في إشارة إلى نهج شامل تسلكه الشركة للحفاظ على بوصلتها "الأخلاقية"(2) على المدى الطويل.

  

لكن هذا النهج "الأخلاقي" الدعائي لم يبد ذي تأثير يذكر على مسار تحقيقات الشرطة الكندية، التي أعلنت في التاسع عشر من فبراير/شباط لعام 2015 تقديم اتهامات جنائية لعملاق الهندسة والمقاولات الكندي(3) على خلفية مزاعم «رشوة واحتيال» المتعلقة بأعمالها في ليبيا ما بين عامي 2001-2011، وحاولت وقتها إدارة الشركة الخروج من المأزق بعقد اتفاق مع الادعاء العام الكندي تقوم بموجبه الشركة بدفع الغرامة المطلوبة مقابل إسقاط التهم الجنائية الموجهة إليها، لكن مثل هذه الاتفاقات لم يكن مُعترفا بها قانونيًا في كندا في ذلك الوقت، وظلت ذلك الأمر ثابتًا حتى يوم 19 سبتمبر/أيلول للعام الماضي 2018 عندما تم تفعيل هذه الاتفاقات تحت المظلة القانونية الكندية الرسمية، وهو تاريخ يمكن اعتباره بداية لأزمة ترودو المتراكمة الحالية.

    

تعرضت
تعرضت "جودي ويلسون" لضغوط من قبل رئيس الوزراء "ترودو" وبعض معاونيه لأجل التدخل وتحويل مسار قضية "لافالين" لاتجاه اتفاق ادعاء آجل
 

شهدت قضية "لافالين" وقتها نقطة تحول رئيسة عندما أُعلن في اليوم المذكور عن دخول تعديلات(4) على القانون الجنائي الكندي حيز التنفيذ، وفيه يُسمح للسلطات بإجراء ما يُعرف باتفاقية الادعاء الآجلة "Deferred Prosecution Agreement"، وهو إجراء يسمح للسلطات القضائية والنيابية الكندية، وتحديدًا "الادعاء العام الفيدرالي"، بالتفاوض مع الشركات والمؤسسات المرتكبة لمخالفات قانونية على دفع غرامة بدلا من التقاضي حتى الإدانة الجنائية، وهي إدانات إن حدثت قد تُوقف أي شركة عن العمل لعشر سنوات في المتوسط داخل السوق الكندي وعالميا، وكانت تلك الإدانات هي شبح "لافالين" المعرضة له إن تمت إدانتها في المحاكم الكندية، خاصة بعدما أعلن الادعاء العام في العاشر من أكتوبر/تشرين الأول المنصرم، وبعد أقل من شهر من التعديلات القانونية، عن الاستمرار في توجيه التهم الجنائية للشركة.

  

لكن ترودو أتى للمشهد بوضوح في الرابع عشر من يناير/كانون الثاني المنصرم، حينما أقال "جودي ويلسون" من منصبها كوزيرة للعدل وعينها في وزارة "شؤون المحاربين القدامى" ليبدلها بـ "دايفيد لامتي" كوزير عدل جديد، وعنى ذلك ضمنيا تهميشًا لـ "ويلسون" في الحكومة الاتحادية، وهو تهميش لم تتحمله الوزيرة السابقة طويلًا، لتقدم استقالتها من منصبها الجديد بعد أيام من صدور تقرير صحيفة The Globe and Time الكندية في السابع من فبراير الماضي، وهو تقرير وضع التفاصيل الخفية وراء "الإطاحة" بالوزيرة من وزارة العدل في دائرة الضوء وعلى مرمى من أعين الكنديين جميعهم.

  

وضح تقرير الصحيفة تعرض "ويلسون" لضغوط من قبل رئيس الوزراء "ترودو" وبعض معاونيه لأجل التدخل وتحويل مسار قضية "لافالين" لاتجاه اتفاق ادعاء آجل، وهو ما رفضته "ويلسون"، ومع استمرار الرفض وفشل محاولات الضغط تمت إقالتها عن منصبها بوزارة العدل بعد ذلك. إلا أن الصحيفة أعلنت أيضا أن شركة "لافالين" كان لديها علم برفض الادعاء العام الكندي طلبها عقد اتفاق منذ الرابع من سبتمبر/أيلول الماضي، وقبل أن يُعلن عن ذلك الرفض بشكل رسمي الادعاء بأكثر من شهر.

    

وزيرة العدل والمدعية العامة الكندية السابقة جودي ويلسون (رويترز)
وزيرة العدل والمدعية العامة الكندية السابقة جودي ويلسون (رويترز)

   

لا تعتبر ويلسون محامية ذات تاريخ ناصع فقط، بل إنها أول مدعي عام كندي من سكان البلاد الأصليين(5)، وجاء تعيينها في حكومة "ترودو" كخطوة أولى على طريق ما اعتبره البعض إعادة ضبط العلاقات بين رئيس الوزراء الشاب وحكومته وبين السكان الأصليين، لكنها خطوة ما لبثت أن تهاوت بعد استقالة ويلسون، وإعلان "ترودو" نيته النظر في مستقبلها داخل الحزب، وهو ما لم يمنعها من الإعلان أول أمس السبت نيتها الترشح(6) في الانتخابات القادمة، وتحت راية الحزب الليبرالي، عن منطقة "فانكوفر جرانفيل" بإقليم "كولومبيا البريطانية".

  

إذن، ومع انتشار التقرير الصحافي الكاشف في أوساط العاصمة أوتاوا السياسية، مَنْح ترودو لـ "ويلسون" حق الحديث عن المدة التي قضتها في وزارة العدل فقط، وهو أمر لم تكن الوزيرة السابقة قادرة على فعله من قبل بسبب قوانين السرية وكونها المدعي العام السابق للحكومة، ثم أتى التطور السياسي المتوقع متمثلًا في جلسة الاستماع المثيرة للجدل في البرلمان الكندي الأسبوع الماضي، والتي كانت هي الأخرى نقطة تحول جديدة لقضية الشركة ولمكتب رئاسة وزراء كندا.

   

الأزمة: لماذا كل هذا الجدل حول "لافالين"؟

تأسست شركة SNC عام 1911 على يد أرثر سورفيير Arthur Surveyer لتصبح الشركة خلال سنوات قليلة واحدة من أهم شركات مونتريال المتخصصة في تقديم الخدمات الهندسية لمشاريع الطاقة، وطوال عقود طويلة ظلت الشركة من أنجح الشركات الكندية، قبل أن تندمج مع شركة Lavalin الهندسية عام 1991 لتشكلا معًا عملاق خدمات البناء والاستشارات الهندسية واستثمارات الطاقة SNC-Lavalin، من يقدم خدماته الآن في كندا و160 دولة أخرى حول العالم.

     

الجدل حول
الجدل حول "لافالين" لا ينبع فقط من أهميتها المادية وانتشارها العالمي، وإنما أيضًا من الصيت الذي اكتسبته الشركة على مدار عقود سابقة بتورط عدد من مسؤوليها في قضايا فساد مالي
   

وصلت أرباح شركة "لافالين" في العام الماضي فقط لأكثر من عشرة مليارات دولار(7)، ما يجعلها واحدة من أهم الشركات العالمية في مجالها، ويُضيف إلى قيمتها المادية قيمة استراتيجية أخرى كونها توفر وظائف لأكثر من 50 ألف شخص حول العالم، لكن هذه القيمة تتضاعف محليًا خاصة في مدينة "كيبك" ثاني أكبر المقاطعات الكندية، حيث توظف الشركة 3.400(8) شخصًا من مجموع تسعة آلاف يعملون في مقارها المختلفة هناك، لذا تُعتبر لافالين واحدة ضمن عشر شركات يُشكلون المورد المالي الرئيس لاقتصاد الإقليم.

   

لكن الجدل حول "لافالين" لا ينبع فقط من أهميتها المادية وانتشارها العالمي، وإنما أيضًا من الصيت الذي اكتسبته الشركة على مدار عقود سابقة بتورط عدد من مسؤوليها في قضايا فساد مالي ودفع رشاوى، كان أبرزها في كندا ذاتها عام 2009 عندما ألقت الشرطة القبض على بيير دوهايم Pierre Duhaime نائب الرئيس التنفيذي السابق للشركة، بتهم تتعلق بدفع الرشاوى في الفضيحة التي ارتبطت في ذلك الوقت بأعمال بناء مستشفى مونتريال ذو التكلفة البالغة 1.3 مليار دولار، وقد أقر بيير بالفعل في الأول من فبراير للعام الحالي بتورطه ودوره في قضية الرشاوى الكبرى تلك ليمثل آخر من سقطوا فيها. 

   

بعدها بعامين وفي 2011 وضعت أزمة جديدة الشركة العملاقة في مأزق عندما فتحت تحقيقات حول تورطها في دفع رشاوى لمسؤولين في بنغلاديش، ثم أتت نقطة سوداء أخرى في تاريخ الشركة بقرار(9) البنك الدولي في السابع عشر من أبريل/نيسان لعام 2013 بحظر أعمال الشركة في كافة مشاريع البنك حول العالم لعشر سنوات كاملة. ثم جاءت أخبار تورط مسؤولي الشركة في قضايا فساد ليبيا محل الجدل الحالي، وإدانة "بن عيسى" في سويسرا بعد اعترافه بدفع رشاوى لـ"الساعدي بن القذافي" لتسهيل حصول الشركة على مشاريع شملت بناء مطار جديد ونظام ري وسجون، لتكون تلك القضايا بمثابة قشة شبه أخيرة تكاد تقصم سمعة الشركة في العالم.

   

ما الذي حدث في جلسة الاستماع الاستثنائية؟

undefined

  

أدلت ويلسون بأقوالها في جلسة الاستماع البرلمانية لمدة قاربت على أربع ساعات كاملة تقريبا حول ضغوط ترودو ومساعديه عليها في قضية "لافالين"، وهي أقوال احتلت نقاطها الرئيسة أخبار الصفحات الأولى لكل صحيفة كندية، وفيها وضحت الوزيرة السابقة تفاصيل عشرة اجتماعات ومثلها من مكالمات هاتفية جرت _خلال الفترة ما بين سبتمبر/أيلول وديسمبر/كانون الأول الماضيين_ بينها وبين 11 عضوًا في الحكومة الكندية(10)، أتى على رأسهم "ترودو" نفسه، ووزير المالية "بيل مورينو"، ومسؤول المكتب الملكي الخاص "مايكل ورنيك"، ومساعد ترودو ومستشاره المقرب "جيرالد بوتس"، من أعلن استقالته على خلفية الأزمة الحالية.

   

تدعي "ويلسون" أن ترودو قد أخبرها في لقاء عُقد بينهما في السابع عشر من سبتمبر/أيلول المنصرم أن عليها أن تجد حلا للأزمة التي تخوضها شركة "لافالين"، وفي حين أن اللقاء لم يكن يتعلق بالشركة، فإن ويلسون قد قابلت طلبه بالإقرار بأنها لن تتدخل في القضية، وستترك الأمر للادعاء العام (النيابة العامة) ليبت في شأنها، إلا أن هذا لم يوقف رئيس الوزراء عن استكمال حديثه مثيرا احتمالية فقدان آلاف الأشخاص العاملين بالشركة لأعمالهم في الداخل الكندي وعالميًا إذا ما تمت إدانة الأخيرة في القضاء المحلي، وهي إدانة إن تمت فقد تعني حظر الشركة من الدخول في مزايدات حكومية داخليًا وخارجيًا كما ذكرنا.

   

كررت ويلسون وقتها رفضها، إلا أن رد ترودو حسب أقوالها جاء محملًا بما بدا وكأنه إشارة مبطنة مذكرًا إياها بأنه هناك انتخابات إقليمية قادمة، مما جعلها تسأله عما إن كان يتدخل بمنصبه في قرارها ودورها كمدعي عام، وهو ما نفاه ترودو قائلًا «نحن بحاجة فقط لإنهاء الأزمة». وجدير بالذكر أن القانون الكندي يمنح المدعي العام (وزير العدل) حق التدخل في مثل هذه القضايا وإعطاء توجيهات بشأنها، بل ويمنحه الصلاحية لتولي القضية بشكل كامل إن أراد ذلك، وهي صلاحية يمكن أن تفسر تصريح وزير العدل الحالي في العاشر من فبراير الماضي، وبعد أيام فقط من نشر تقرير The Globe، بأنه يمكن أن يتخذ قرارًا بتولي قضية "لافالين" بالكلية، وهو ما أعطى نظرية تدخل ترودو في مسار التحقيقات وصولًا لإقالة "ويلسون" الضمنية مصداقية أكبر.

  

هل يخسر ترودو مستقبله السياسي الصاعد؟

undefined

  

يُشير استطلاع للرأي(11) نشره معهد "أنجوس ريد" الكندي منذ أسبوع واحد إلى أن حوالي 66% من الكنديين يعتقدون بوجود «فضيحة أعمق» في مكتب رئيس الوزراء "جاستن ترودو"، بينما صوت حوالي 63% لضرورة الاستمرار في مقاضاة شركة "لافالين" بشكل جنائي حتى النهاية، أما فيما يتعلق بشعبية "الحزب الليبرالي" الذي يقوده ترودو، وبحسب الاستطلاع، فقد انخفضت للمرتبة الثانية أمام حزب المحافظين الذي يقوده "أندرو شير"، والذي دعا ترودو لتقديم استقالته على خلفية الفضيحة الحالية معللا طلبه -الذي رفضه ترودو بطبيعة الحال- بأن الأخير قد «فقد المصداقية والشفافية التي أتت به لمكتب رئاسة الوزراء».

   

دعا قادة المعارضة كذلك، وبتأييد من مجموعة من المحامين ومدعي العموم السابقين، "الشرطة الملكية الكندية" للتحقيق في الدعاوى التي أثارتها شهادة ويلسون بشأن ترودو ولافالين، إلا أن ممثلا عن الشرطة الكندية أعلن من قبل أن الشرطة الملكية لا تُحقق إلا في القضايا التي يتم تقديم اتهامات بشأنها، وهو ما لم يجد داعيا له بعد حد قوله، إذ تظل الأزمة القائمة «أخلاقية في مجملها»، وإن كانت تستدعي أنظار الكنديين بالقدر نفسه الذي تنجح فيه القضايا الجنائية، إن لم يكن أكثر، وهو ما سيجعل ترودو يتحلى بالكثير من الحذر والتردد في قراراته كي لا تُثير المزيد من الغضب المحتمل في صفوف الكنديين وبالتالي التأثير على فرصه وفرص حزبه في الانتخابات القادمة.

   

يؤكد "ترودو" للآن أن ادعاءات المدعية العام السابقة "جودي ويلسون" ليس لها أساس من الصحة، ويرى أنها قد أساءت فهم ما حدث مبررا إياه بسعي الحكومة التي هو رئيسها للحفاظ على الوظائف المهددة لعشرات الآلاف من الكنديين داخل وخارج البلاد، وفيما يعتقد "دانيال بيلاند"، المحلل السياسي ومدير معهد جامعة "ماكجيل"، أن الأزمة الحالية تثير تساؤلات حول أجندة ترودو(12) وما يرتبط بها من مصالحته مع السكان الأصليين لكندا، إلا أن الأزمة برمتها تعيد لذاكرة الكنديين، والحزب الليبرالي خاصة، ذكرى الفضيحة التي مني بها الحزب عام 2006(13)، والتي دارت حول اتهامات بالفساد والرشوة في برنامج الحزب لرفع الوعي بإقليم كيبيك، وهي فضيحة خسر على إثرها الحزب جزءًا ليس باليسير من شعبيته وكذا مقعد رئاسة الوزراء لتسع سنوات تالية، قبل أن ينجح ترودو في إحيائه من جديد والعودة به مرة أخرى وبنجاح مدوي للمنصب، وهو نجاح تحوم الآن حوله شكوك تدفع الكنديين للتساؤل عما إن كان ترودو نفسه كذلك هو من سيُفقد الحزب مرة أخرى القدرة على تشكيل الحكومة، وبفضيحة جديدة محتملة ربما لا يمكن لليبرالي كندا التعافي منها لسنوات طويلة.