شعار قسم ميدان

إيرلينغ هالاند إلى مانشستر سيتي.. هل تعاقد غوارديولا مع المهاجم المناسب؟!

إيرلينغ هالاند إلى مانشستر سيتي.. هل تعاقد غوارديولا مع المهاجم المناسب؟!

في اجتماع مجلس إدارة السيتي في وقت مبكر من هذا العام، قُدِّم لأصحاب القرار في النادي طلب بصرف 190 مليون جنيه إسترليني، وعندما سألوا عن السبب قيل لهم إنها قيمة التعاقد مع "لاعب"، بالتأكيد لن يكون هاري كين، فقد انهار طلب التفاوض مع ناديه بلا رجعة بعدما رفض توتنهام التفاوض على بيع نجمهم الأول بشكل قاطع. (1)

 

وبعد أسابيع من فشل انتقال كين إلى السيتي في سبتمبر/أيلول من العام الماضي 2021، بدأ الحديث يتمحور في مكاتب ملعب الاتحاد حول إمكانية التعاقد مع ذلك القاتل المأجور، بريء الوجه، إيرلينغ هالاند، ماكينة أهداف دورتموند، وبحلول أعياد الميلاد كان هناك تخوُّف حقيقي داخل النادي من تقدُّم ريال مدريد في مفاوضاته مع اللاعب، وهو ما سرَّع من دخول المديرين في سيتي على الخط لتغيير وجهة الدولي النرويجي.

 

أصبح هالاند الآن مهاجما لمانشستر سيتي بعدما نجح النادي الإنجليزي في إقناعه، لكن ما لا يعلمه الكثيرون أن هالاند لم يكن الطرف الوحيد الذي كان على النادي إقناعه بالقدوم، ولكن بيب غوارديولا كذلك! إذ كان مغرما بهاري كين ويراه المهاجم الأنسب لفريقه، وهو ما يجعلنا نتريَّث قليلا قبل إطلاق العنان لتوقعاتنا من الصفقة، لأن محاولة الإدارة "إقناع" المدرب بالتعاقد مع اللاعب الأفضل في جيله ينبغي أن تُشعرنا جميعا بالقلق. (2)

 

أفضل من الجميع؟

Soccer Football - Bundesliga - Borussia Dortmund v Hertha BSC - Signal Iduna Park, Dortmund, Germany - May 14, 2022 Borussia Dortmund's Erling Braut Haaland says goodbye to the fans after playing his last match REUTERS/Leon Kuegeler DFL REGULATIONS PROHIBIT ANY USE OF PHOTOGRAPHS AS IMAGE SEQUENCES AND/OR QUASI-VIDEO.
إيرلينغ هالاند (رويترز)

وفقا لـ "إف بريف" (FBref)، فإن لاعبا واحدا فقط تخطى إيرلينغ هالاند منذ بداية عام 2020 في عدد مرات وضع الكرة في شباك منافسيه (54)، وهو ليفاندوفسكي بـ 75 هدفا، سجَّل هالاند في تلك الفترة أكثر من ميسي ورونالدو وبنزيما وحديث الساعة كيليان مبابي، ليس ذلك فحسب، ما يزيد الأمر استثناء أن النرويجي حقَّق ذلك وهو في الحادية والعشرين فقط من عمره، كما أنه احتاج إلى 5.386 دقيقة فقط لفعل ذلك، بينما لم يلعب أي لاعب من المذكورين أعلاه أقل من 6 آلاف دقيقة، أي إن النرويجي يُسجِّل تقريبا هدفا في كل مباراة. (3)

 

ونزيدك من الشعر بيتا، منذ بداية مسيرته الاحترافية، سجَّل ذلك المسخ 140 هدفا مع الأندية ومنتخب بلاده في كل البطولات قبل أن يتم عامه الثاني والعشرين، وبالنظر إلى معدل الأهداف في "الدوري المحلي" التي سُجِّلت في كل عمر، فإن معدل تسجيل هالاند (93) في عمره الحالي أعلى من مُعدلات الأباطرة وهم في مثل عمره، وتحديدا؛ ميسي، ورونالدو، وكريم بنزيما، وليفاندوفسكي. (4)

لا يُسجِّل هالاند فقط أكثر من أقرانه الذين هم في عمره، ولكن أكثر من الأباطرة الذين احتاجوا إلى سنوات وسنوات من الخبرة والتراكمات المعرفية الغزيرة على المستوى الفني والتكتيكي ليصلوا إلى ذلك التفرُّد، وهنا تحديدا تكمن عظمة النرويجي، فالسرعة والقوة فقط لن يصلا به إلى ذلك الحد من التميز، إنما وصل إلى ذلك لأنه حصَّل مرجعيات تقنية وخططية سليمة في عمر مبكر، بفضل قدراته الإدراكية الفذة التي سمحت له باستيعاب أمور معقدة للاعب في مثل عمره، كما يؤكد مدربه السابق بفريق "براين" النرويجي "ألفي بيرنستين".

 

يُتقن هالاند العلاقة بين الوقت والمساحة التي يُعرِّفها المدرب الهولندي "رايموند فيرهايم" بـ "Space-time characteristics"، حيث يعرف جيدا كيف يعيش في أظهر المدافعين ويبدأ تحركاته من هناك، مع ضبطه التام لتوقيتات الهجوم، كما أنه لا يخطئ أبدا في الاتجاه، ودائما ما يتحرك بالسرعة المناسبة في المسار الصحيح الذي يجعله في النهاية في حلق المرمى، وذلك الإتقان ليس طبيعيا للاعب في عمره.

"منذ الحادية عشرة تعلَّم هالاند مُختلف أنواع التحركات، فأصبحت في اللا وعي الخاص به، في سن الـ 13 يُطلب من الأطفال أن يُقرِّروا ما إذا كانوا يريدون الاستمرار مع فريق البراعم وممارسة اللعبة للاستمتاع بدون ضغوط، أو اللعب مع فريق "النخبة" الذي يتدرب فيه اللاعبون أكثر على الجانب الفني والتكتيكي والاحتكاك بفِرَق الدرجة الأولى، وقطعا اختار هالاند الارتقاء، وذلك ما طوَّر عملية اتخاذ القرار لديه، لأنك إذا كنت تتدرَّب مع لاعبين جيدين، فستصبح أفضل لأن سرعة اللعب أعلى، وعليك التفكير بشكل أسرع، وبعد فترة لن يكون عليك التفكير لأنك ستتصرف تلقائيا". (5)

يتفق آلان شيرار في أن ما يميز هالاند حقا ليس دقة تسديداته وقدرته الفذة على الإنهاء، ولكن تحركاته التي تصل به إلى تلك المرحلة من الأساس، حيث يعتقد أن تحركات النرويجي يجب أن تكون محط الاهتمام بالنسبة للاعب في مثل حجمه، لأنه يكون بها غير قابل للمراقبة، يرى شيرار أن هالاند قادر على تسجيل 40 هدفا في الدوري مع مان سيتي، وهنا يجب أن نسكت قليلا، لأن كل ما ذُكِر رغم عظمته فإنه لا يُعَدُّ ضمانا على استمرارية تلك المعدلات في المستقبل عموما، وخاصة مع مانشستر سيتي تحديدا. (6)

 

ليست ضمانا

Soccer Football - Bundesliga - Borussia Dortmund v Hertha BSC - Signal Iduna Park, Dortmund, Germany - May 14, 2022 Borussia Dortmund's Erling Braut Haaland in action with Hertha BSC's Lucas Tousart REUTERS/Leon Kuegeler DFL REGULATIONS PROHIBIT ANY USE OF PHOTOGRAPHS AS IMAGE SEQUENCES AND/OR QUASI-VIDEO.

هناك اعتقاد شائع بأن الأندية تُوقِّع مع اللاعبين فقط لما اعتادوا فعله مع فِرَقهم السابقة، لكن يكمن العمل الأكبر الآن على تحليل "المتوقَّع" تقديمه من اللاعب في البيئة الجديدة، وتقدير احتمالات نجاحه، وعندما يتعلق الأمر بالتوقيع مع المهاجمين، فإن علينا فهم حقيقتين؛ الأولى، أنه بات من المعلوم جيدا أن عدد أهداف المهاجم في الماضي لا يُعَدُّ بالضرورة ضمانا لتسجيله بالمعدلات نفسها في المستقبل، والثانية أن كرة القدم ليست لعبة خطية تستقيم فيها المعادلات، بل على النقيض تماما، هي لعبة معقدة وفوضوية، وكل ما يحاول الجميع فعله هو فهم فوضويتها والحد منها نسبيا.

 

يمكننا الاستعانة ببعض الأسماء بوصفها أدلة، فقد كان لوكاكو وهافيرتز وتيمو فيرنر على القمة مع فِرَقهم السابقة قبل تغيير الوجهة، ومن ثم حدث انحدار مُدوٍّ في المستوى، حيث لم يستطع أيٌّ منهم تسجيل نصف ما سجَّل من قبل، وجزء من ذلك يكمن في تغيُّر البيئة؛ أسلوب اللعب، والمدرب والزملاء، والخصوم وخصائص اللعب في الدوري الجديد، وفي حالة هافيرتز وفيرنر ربما نضيف ما يُسمى بـ "ضريبة" الدوري الألماني.

بينما يكمن الجزء الآخر في أن قدرة المهاجمين على صناعة فرص التهديف والحصول عليها عادة ما تكون أكثر ثباتا من قدرتهم على الإنهاء، وأحد أسباب وجود مقياس "الأهداف المُتوقَّعة" أنها تُمثِّل دليلا أكثر موثوقية من الأهداف الفعلية للغرض الوحيد الذي يريده النادي حقا من مهاجمه الجديد؛ الأهداف المستقبلية وضمان احتمالات التسجيل على المدى الطويل.

 

يمنحنا مُعدل الأهداف المتوقَّعة فكرة عن قدرة المهاجم على التحرك ومدى جودته في احتلال أخطر الأماكن وأقربها للمرمى، وهو ما يزيد تباعا من فرص فريقه في التسجيل. صدِّق أو لا تُصدِّق، مُشكلة هالاند الأولى أنه يُسجِّل أكثر "بكثير" من المُتوقَّع، فقد سجَّل 74 هدفا في الدوري ودوري الأبطال منذ انتقاله إلى دورتموند من متوقَّع 54.5 هدفا، وبالقياس على مُعدلات إنهاء أفضل هدافي اللعبة، فإن هالاند بمُعدل إنهاء ليو ميسي منذ 2017 كان سيُسجِّل منذ انضمامه إلى الدوري الألماني 49 هدفا بدلا من 54 و43 بمُعدل كرستيانو رونالدو، ما يوضِّح أن هالاند سيستمر في الفتك بخصومه، لكن من غير المرجَّح استمراره بالمعدلات الحالية التي يتفوق بها كثيرا على نفسه. (7)

الذين لا يركضون

مشكلة هالاند الثانية لمانشستر سيتي تحديدا أنه يركض أكثر من اللازم، وهو أمر منطقي تماما بالنسبة لأسرع لاعب في البوندسليغا، إذا كنت تمتاز بتلك السرعة فمن الطبيعي أن تحاول استغلالها، لأنك تعلم أن في 9 من 10 وضعيات ستكون الطرف الفائز ضد خصومك، وذلك ما يميز هالاند في التحولات الهجومية مقارنة ببقية المهاجمين في تلك المرحلة، تحديدا في حجم المساهمات الهجومية. (8)

 

ولكن ما الذي يجعل أهم خواص النرويجي على الإطلاق مشكلة في ملعب الاتحاد؟ لأنها ببساطة تُمثِّل تعارضا منهجيا، دعنا نَعُد إلى الماضي قليلا؛ بعد خسارته أمام توتنهام يوم 21 نوفمبر/تشرين الثاني 2020، احتل السيتي المركز الـ 13 في الدوري الإنجليزي الممتاز، بعدما بدا فريقا بائسا بالكرة وغير قادر على استخدامها بفاعلية، وبدونها كان فريقا مُستباحا، لكن منذ أوائل يناير/كانون الثاني من العام الماضي، لم يخسروا أي مباراة حتى النهاية، ونجحوا في الفوز باللقب والعودة من بعيد، فما الذي تغيَّر؟

"الاختلاف الوحيد هو أننا نركض أقل، كنا نركض كثيرا، أكثر من اللازم، بدون الكرة يجب أن تركض، لكن بالكرة عليك أن تمشي أو تركض أقل من ذلك بكثير، وتحافظ على تمركزك وتبقى في موقعك وتدع الكرة تركض بدلا منك، لقد تحسَّنَّا في ذلك خلال هذه المباريات".

(بيب غوارديولا) (9)

من خلال إبطاء النسق، فاز سيتي بدوري الموسم الماضي، واستطاع انتزاع اللقب مرة أخرى هذا الموسم في الدقائق الأخيرة ضد أستون فيلا، خلال الموسم الماضي، تحركت الكرة بين أقدام لاعبي الفريق في نوبات استحواذه التي انتهت بتسديدات بمقدار 1.47 متر في الثانية، ما جعله الفريق الأبطأ في أوروبا، كما كان المتوسط الزمني لتلك النوبات 13.14 ثانية للنوبة الواحدة، وبذلك حظي الفريق بأطول استحواذ من بين كل فِرَق أوروبا.

 

لقد وجدوا طريقة أخرى لكسب السباق، لا بزيادة السرعة، ولكن من خلال إمساك الفرامل، وهو ما يقودنا إلى سؤال آخر جوهري؛ لماذا سلك غوارديولا ذلك الاتجاه تحديدا؟ لأن ذلك تزامن مع كبر سن أغويرو وعدم قدرة خيسوس على قيادة الخط الأمامي للفريق، وهو ما دفع بيب إلى العودة إلى الأساسيات؛ الأهداف في كرة القدم لا تضمن لك الانتصار، ولكن فارق الأهداف، لذا كان على بيب في المقام الأول ضمان الحماية والاستقرار لفريقه في الملعب حتى لا يخسر إذا لم يستطع الحفاظ على إنتاج هجومي وفير دون مهاجم، والطريقة الوحيدة التي يعرفها بيب لتحقيق ذلك تكمن في امتلاك الكرة وتهدئة النسق وعدم خسارتها أبدا في محاولة للدفاع بها.

 

لذا كان على تشيكي إقناعه بفكرة هالاند الذي يُجيد كرة قدم مختلفة ونسقا آخر مُغايرا، لم نشاهد هالاند من قبل يُسجِّل من المواقف التي يصنع منها السيتي عادة فرصه، حيث الاستحواذ المستقر وتدوير الكرة من جانب إلى آخر في محاولة فك تكتلات الخصم في ثلث الأخير، بالنظر إلى أهداف النرويجي سنلاحظ نمطا غالبا على أهدافه، وهو أن الجزء الأكبر منها يأتي إما من خلال التحولات الهجومية، وإما بالهروب في المساحة خلف خط دفاع الخصم، وهي روافد لا يستطيع مان سيتي ضمانها لأسباب عدة، إلا لو قرَّر الفريق عند لحظة ما تغيير فلسفته والبحث عن كيفية التكيُّف مع خصائص مهاجمه الجديد.

DORTMUND, GERMANY - MAY 14: Erling Haaland of Borussia Dortmund scores their side's first goal from the penalty spot past Marcel Laurenz Lotka of Hertha BSC during the Bundesliga match between Borussia Dortmund and Hertha BSC at Signal Iduna Park on May 14, 2022 in Dortmund, Germany. (Photo by Lars Baron/Getty Images)

لا مجال للرمادي

يعتقد المحلل والكاتب الأميركي "ريان أوهانلون" أنه أمر محير أن أفضل هداف على ذلك الكوكب ربما لا يستطيع جعل فريقه أفضل، وجزء من ذلك بسبب وجود ذلك الفريق بالفعل على قمة اللعبة، وفقا لـ "ستاتس بيرفورم" (Stats perform) فإن فارق الأهداف المتوقَّعة للسيتي هذا الموسم هو 1.87 هدف له، ومنذ 2010 فإن الفريق الوحيد في البطولات الخمسة الكبرى الذي امتلك مُعدلا أفضل هو باريس سان جيرمان بـ 1.93 هدف في موسم 2019-2020، وبالنظر إلى المستوى التنافسي للدوري الإنجليزي حاليا، فمن غير المرجَّح للسيتي تحقيق رقم أكبر أو حتى تكرار الرقم الحالي. (10)

 

يرى ريان أنه يمكن تقسيم فترة مانشستر سيتي مع غوارديولا إلى حقبتين؛ الأولى حقبة فيرناندينيو، والثانية حقبة كايل واكر. بُنيَ السيتي في أول موسمين حول البرازيلي أكثر من أي لاعب آخر، وقتها لعب الفريق بكيفن دي بروينا ودافيد سيلفا في القنوات الداخلية بأدوار هجومية بحتة في أنصاف المساحات، تمكَّن سيتي من القيام بذلك لأن لديهم فرناندينيو الذي لم يكن له مثيل، بسبب قدرته غير العادية على تغطية المساحات وإيقاف الهجمات المرتدة بمفرده، إلى جانب قدراته على استخدام الكرة في فترات الحيازة وإمداد الفريق دائما بالتمريرات الكاسرة للخطوط. (11)

 

استطاع السيتي بتلك الديناميكية الفوز بلقبَيْ دوري على التوالي بمجموع 198 نقطة، قبل أن يتراجع في الموسم الثالث بسبب تراجع أهم لاعبيه؛ فيرناندينيو، احتل السيتي المركز الثاني، صحيح أنهم سجَّلوا 102 هدف، لكنهم سمحوا بـ 12 أكثر من الموسم الذي سبقه. ثم انهار كل شيء في الأشهر القليلة الأولى من الموسم الماضي، وهنا استُبعِد فرناندينيو تدريجيا لحساب رودري على مستوى المركز، لكن بديل فيرناندينيو الحقيقي على مستوى الوظائف كان لاعبا فريدا آخر يُدعى كايل ووكر.

 

مع تحسُّن رودري، وميول كانسيلو المستمرة للعُمق، تمكَّن السيتي من الاحتفاظ بالكرة لفترة أطول، وبالتالي تقلَّص وقت الفريق في الحالة الدفاعية حيث الضغط والمطاردة، كان ذلك من جهة، ومن جهة أخرى كان كايل واكر بمنزلة زر أمان الفريق لقمع أي خطر محتمل في التحولات، بسبب سرعة ارتداده القياسية وتفوُّقه في المواجهات الثنائية بشكل يساعده على تغطية المساحات الشاسعة في المرتدات وتعويض زملائه بانتظام غير مسبوق.

 

الجدير بالذكر أن مان سيتي لم يتلقَّ أي هدف ضد ريال مدريد في وجود ووكر في الملعب، بينما استقبل 6 أهداف في المباراتين في غيابه، وذلك تحديدا ربما يكون سبب التعاقد مع هالاند وفقا لأوهانلون. ما علاقة هالاند بكل ذلك؟ تكمن الفكرة في بلوغ ووكر عامه الـ 32، وهو يلعب أحد أكثر الأدوار البدنية تطلُّبا في اللعبة، إذ لم يتجاوز حاجز الـ 2000 دقيقة في الموسمين الأخيرين بسبب الإصابات، ومن غير المعقول استمرار الفريق في الاعتماد عليه بالشكل نفسه.

Soccer Football - Bundesliga - Greuther Fuerth v Borussia Dortmund - Sportpark Ronhof Thomas Sommer, Fuerth, Germany - May 7, 2022 Borussia Dortmund's Erling Braut Haaland shoots at goal REUTERS/Heiko Becker DFL REGULATIONS PROHIBIT ANY USE OF PHOTOGRAPHS AS IMAGE SEQUENCES AND/OR QUASI-VIDEO.

وهنا يرى أوهانلون أن التعاقد مع هالاند رُبما يكون إشارة إلى رغبة الفريق في النمو في اتجاه مختلف، أقل سيطرة، وأكثر سرعة، بشكل يتناسب مع كل المعطيات الحالية، لأن الفريق لن يستطيع تحقيق القدر نفسه من الأمان بدون ووكر، كما أن خصائص هالاند لا تناسب مانشستر سيتي الحالي، بالتالي على أحدهما التغيُّر لأجل الآخر، وهنا مهمة بيب غوارديولا، إما أن ينجح في خرط هالاند داخل الفريق، وإما أن يُعيد تشكيل الفريق بما يتناسب مع المهاجم الأفضل في العالم، لا توجد أرض مشتركة على الأقل بالنسبة لريان.

 

تظل نظرية "أوهانلون" حبرا على ورق، قد يجد طريقه إلى الواقع وفقا للمعطيات السابق ذكرها، أو قد يجد الواقع طريقا آخر وفقا لمعطيات أخرى لم يحسب لها الكاتب الأميركي حسابا. أولا، لأن تحقق رؤيته يعني خروج بيب من نفسه، وتخليه عن منهجيته، وأن يصبح مدربا آخر بعد كل ما حققه من نجاحات بأسلوبه ومعتقداته، وتلك احتمالية غير مُرجَّحة، وثانيا، لأن كرة القدم ليست خطية، وخاضعة للكثير من المتغيرات، وأحد هذه المتغيرات هو وجود حل آخر تماما لم يخطر إلا على بال بيب غوارديولا، تماما كتحويل ووكر إلى فيرناندينيو الذي جاءه من العدم حينها.

 

ويجب ألا ننسى عند ذكر المتغيرات أننا نتحدث عن لاعب في الحادية والعشرين من العمر، لم يبلغ ذروة مستواه بعد، وكذلك لم يصل إلى نهاية حدوده بالتعلُّم. وفقا لمدربيه السابقين، فإن هالاند لاعب قابل للتدريب (Coachable)، وتُعَدُّ هذه الصفة واحدة من أهم الصفات التي يبحث عنها المدربون في لاعبيهم، وبالتالي فإن احتمالية تأقلم النرويجي مع أسلوب "بيب" واكتساب خصائص جديدة في مراحل لعب مختلفة واردة. (13)

 

في نهاية المطاف، إن كنت واحدا من مشجعي السيتي، وقد أزعجتك نظرية "أوهانلون"، فلا يمكننا نصيحتك إلا بالوثوق بمدربك التاريخي ولاعبك الجديد، أما إن كنت منافسا، فبالتأكيد ستتمنى صدق النظرية. أما إن كنت لا هذا ولا ذاك، فإن اعتقادك بنجاح "هالاند" المسلَّم به قد ضربه الشك، ليظل سؤالنا الرئيسي بلا إجابة، مثله مثل النهايات المفتوحة، حتى يُقرِّر "هالاند" بنفسه الرد على المشككين وكتابة النهاية بنفسه.

—————————————————————————————

المصادر

  1. كيف تعاقد سيتي مع هالاند
  2. المصدر السابق.
  3. أرقام إيرلينغ هالاند في دورتموند
  4. هالاند الذي يُسجل أكثر من ميسي ورونالدو
  5. تصريح مُدرب هالاند السابق في "بروينا" ألفي بيرنستين
  6. آلان شيرار يحلل إيرلينغ هالاند
  7. لماذا لا يناسب هالاند مانشستر سيتي الحالي
  8. هالاند يتخطى ألفونسو دايفز كأسرع لاعبي البوندسليغا
  9. تحليل بيب غوارديولا لانخفاض مستوى مانشستر سيتي الموسم الماضي
  10. إدراج هالاند في مانشستر سيتي قد يتطلب تغيير كامل في خطط غوارديولا – ريان أوهانلون
  11. استخدام غوارديولا الثوري لكيفن دي بروينا ودافيد سيلفا
المصدر : الجزيرة