شعار قسم ميدان

هنا باريس سان جيرمان.. حينما أطاحت القوة بما تبقَّى من عقلانية

لا يحتاج الوضع الحالي في باريس إلى مقدمات طويلة ومعقدة تمهيدا لشرح ما هو واضح كالشمس، فقد تحدَّث محلل "ذا أثلتيك" مايكل كوكس عن المشكلات الدفاعية للفريق، خاصة بعد انتداب ليو ميسي ووجوده رفقة مبابي ونيمار في الوقت ذاته، وهو وضع مُشابه لما يعيشه مانشستر يونايتد بعد عودة رونالدو، وهنا يمكن أن نطرح تساؤلا من وجهة نظر تحليلية؛ هل تسليط الضوء على تلك المشكلات كافٍ لحلها؟ أم أن للأمر طبقات أخرى من التعقيد؟ (1)

برز وضع الفريق المزري في ملعب الاتحاد يوم الأربعاء الماضي، يوم اغتيل العقل بعدما فقد موقعه كونه أداة ترجيح نهائية في الأمور الرياضية، بل ربما لم يعد أداة ترجيح من الأساس، وحلَّت محله القوة في تلك المكانة، إذ باتت تجعل من اللا عقلاني عقلانيا ومعقولا حيثما شاءت، بعدما تضخَّمت وأصبح لها الكلمة العُليا وصاحبة امتياز الفصل ولو كانت في غير موضعها.

حسنا، يتمتع النادي الفرنسي بقوة لا تكاد تُضاهى، وهو يُجسِّد حرفيا نموذج أندية السوبر ليغ ولو لم ينضم للمشروع، فمن البديهي أن يرفض البشر ما يجعل امتيازاتهم الحصرية محلا للمشاركة، لكن بما أن لكل شيء تكلفة، فقد كلَّف ذلك القائمين على المشروع تراجع العقلانية للمقعد الخلفي وتصدُّر القوة فيما يتعلَّق بالتخطيط الرياضي، فلن تُتاح فرصة لضم "نجم" إلا ويضغطون على زر التفعيل، حتى لو لم يكن للفريق حاجة إليه من الأساس، وحتى إذا سبَّب وجوده خللا خططيا وصداعا للمدير الفني مثلما يحدث حاليا خلف الكواليس في قضايا دوناروما ونافاس حارسَيْ المرمى، أو جيني فينالدوم، أو حتمية وجود ميسي في كل مباراة رفقة نيمار ومبابي مهما كان لذلك من توابع. (2)

لماذا نحن هنا؟

لاعبون أمثال إدريسا غاي، وأندير هريرا، وسارابيا، وباريدس، لم يكونوا ليدخلوا النادي دون المساعي الجادة من توماس توخيل. (رويترز)

من المعروف عن باريس أن التخطيط الرياضي للفريق ليس رياضيا خالصا، فدائما ما كان للنادي توجُّهات أخرى فيما يتعلق بالانتدابات، وهو الأمر الذي عانى منه توماس توخيل ودخل بسببه العديد من الصراعات مع المديرين الرياضيين من أجل جلب انتدابات تخدم الأهداف الرياضية للفريق بغض النظر عن مدى نجوميتهم، لاعبون أمثال إدريسا غاي، وأندير هريرا، وسارابيا، وباريدس، لم يكونوا ليدخلوا النادي دون المساعي الجادة من توماس توخيل، الذي نجح في تشكيل هيكل خططي للفريق سمح له بالوصول إلى نهائي دوري الأبطال للمرة الأولى في تاريخ النادي. (3)

وعلى الرغم من مجهودات توخيل، فإن الهيكل الخططي للفريق كان غير متزن بالدرجة التي تمنَّاها المدرب الألماني، إذ يتطلَّب وجود نيمار ومبابي ودي ماريا في ملعب واحد مجهودات مضاعفة في تنظيم ديناميكية الفريق بالكرة وأكثر بدونها، كما يتطلَّب مجهودا كبيرا لإقناع أولئك النجوم بضرورة العمل الجماعي إذا ما أرادوا الوقوف على منصات التتويج وخاصة الأوروبية، وبالفعل آتت تلك الجهود أُكلها خاصة مع أنخيل دي ماريا، النجم الأقل تمركزا حول ذاته من بين الثلاثة، واللاعب الذي كان يضمن لفريقه تحقيق الحد الأدنى من العقلانية التي تمنح المعنى للمشروع برُمَّته، وقد نجح الفريق بتلك الهيكلة في الوصول إلى نهائي دوري الأبطال رفقة توماس توخيل، ونصف نهائي دوري الأبطال للموسم الثاني تواليا مع مدرب الفريق الحالي ماوريسيو بوتشيتينو.

رغم ذلك، لم تكن نتائج الموسم الأخير للفريق مقنعة، حيث خسر الفريق الدوري ودوري الأبطال، الأمر الذي دفع الإدارة الرياضية إلى دخول سوق الانتقالات وجلب كل مَن هو نجم وكل مَن هو متاح، بما في ذلك ليو ميسي، الذي يعني وصوله إقصاء دي ماريا من التشكيل الأساسي والإطاحة بماوريسيو بوتشيتينو نفسه إذا اعترض على ذلك، وهنا اغتيلت جدية المشروع بإخراج أكثر لاعب هجومي يضمن توازن الفريق، ودخول لاعب لا يحتاج إليه الفريق، بل ويخلق وجوده رفقة الثنائي الآخر أعباء لا نهائية.

ليو ميسي (أمام) وأنخل فابيان دي ماريا  (رويترز)

بالطبع لا نملك أي ضغينة ضد اللاعب الأفضل في تاريخ اللعبة، ميسي هو ميسي، لكن المتابع الجيد يعرف مدى صعوبة إدراج ميسي في فريق جديد مع توقُّع نجاحه سريعا كما أثبتت التجربة مع المنتخب الأرجنتيني، بسبب وضعه الشخصي كأسطورة حية، وبسبب خصائصه الخططية وتفضيلاته الحدسية غير الممنهجة، فهو جناح أيمن لا يلعب أبدا في مركز الجناح الأيمن، بل يدخل إلى الممرات المركزية في عمق الملعب أثناء الحيازة، ومؤخرا أصبح يتسلل إلى الجانب الأيسر متى شعر بحاجة إلى ذلك، ما يُخلِّف ألغازا خططية لمدربه وزملائه في الفريق لحلها وبدء متواليات الترحيل والتغطية.

المشكلة الأكبر أن ذلك ينطبق أيضا على نيمار ومبابي، اللذين يملكان كامل الحرية داخل الملعب ويتخذان القرارات من منطلق ارتجالي، ما يجعل من تنظيم تداخلات الثلاثي أمرا مستحيلا، وهو ما أوضحه بيب غوارديولا في مؤتمر ما قبل اللقاء الأخير في دوري الأبطال حينما سُئل عن خططه لإيقاف لاعبه السابق: "خطط لإيقاف ميسي؟ الأمر معقد جدا، كيف سأخبر لاعبِيَّ عن توجُّهاته وهو نفسه في كثير من الأوقات لا يعلم ما الذي سيفعله، وإلى أي مكان سوف يذهب، وكذلك نيمار ومبابي ودي ماريا، فكلٌّ منهم نجم متكامل يمكنه قيادة أي فريق في العالم، والآن هم جميعا في فريق واحد".

مهزلة

حينما يتعلَّق الأمر بالمواجهات المباشرة، يعرف بوتشيتينو بيب جيدا، إذ يمكث الإسباني عادة قبل المواعيد الكبرى عشرات الساعات داخل مكتبه لإيجاد حلول للاعبيه لاحتلال أنصاف المساحات في الثلث الأخير، وهو ما يقابله بوتشيتينو عادة بإغلاق عرض الملعب بخماسي دفاعي في الكتلة العميقة أو تكليف محاور الارتكاز بالاندماج في الخط الخلفي والدفاع أسفل الأطراف لإغلاق المساحات بين الأظهرة وقلبَيْ دفاع الفريق، على أن تعود الأجنحة لتقديم المساندات الدفاعية.

كان ذلك هو السيناريو المعتاد أثناء مواجهات المدربين في الدوري الإنجليزي، واستمر بالنمط نفسه خلال المواجهات الأوروبية بالموسم الماضي، وقتها دخل بوتشيتينو في المواجهة الأولى من الدور نصف النهائي، بنظام 4-4-1-1، رباعي دفاعي، أمامهم باريديس وإدريسا غاي، بينما لعب فيراتي على الرواق الأيسر لمساندة الظهير باكير، ودي ماريا بطبيعة الحال على الجهة اليُمنى مع مساندات طفيفة من نيمار ومبابي. مكَّنت هذه الطريقة الفريق من الدفاع بأريحية في الكتلة العميقة بهيكل 4-4 يتحول إلى 5-3 حينما يهاجم لاعبو السيتي أنصاف المساحات، حيث يعمل فيراتي على إغلاق المساحة بين باكير وكيمبيمبي، بينما يعود نيمار خطوات للخلف، وفي حالة كان الهجوم من الجهة اليمنى، ينضم فلورينزي للداخل كقلب دفاع ثالث على أن يكون دي ماريا هو الظهير، وفي حالة تأخر دي ماريا عن أداء الدور فإن باريدس يغلق المساحة بين فلورينزي وماركينيوس.

هكذا عمل بوتشيتينو على توفير التوازن لفريقه في مباراتَيْ الموسم الماضي، وهو ما عجز عن تنفيذه في 180 دقيقة هذا الموسم بسبب انعدام المساندات الدفاعية من مهاجميه في كل المراحل الدفاعية لوجود ميسي رفقة نيمار ومبابي في ملعب واحد، بالتالي يُجبَر الفريق على الدفاع بـ 7 لاعبين فقط في الكتلة العميقة بهيكل 4-3 يُجبَر على التحوُّل إلى 5-2 إذا ما كثَّف السيتي من محاولاته في الاختراق، وضعية لا تملك فِرَق المستوى العالي رفاهية معايشتها؛ حيث تعاني الفِرَق حينما يُقصِّر لاعب واحد في أداء مهامه الدفاعية لأن ذلك قد يؤدي إلى تفكك الهيكلة الدفاعية بالتبعية خضوعا لتأثير الدومينو، بينما لدى باريس سان جيرمان ثلاثة لاعبين من تلك النوعية دفعة واحدة!

وضع بيب خلال المباراة الأخيرة منافسه في خانة اليك، بسبب التمديد العرضي لأطراف الملعب بستيرلينغ ومحرز إلى جانب التحركات العمودية من بيرناردو وغوندوغان وزينشينكو لمهاجمة أنصاف المساحات ومنطقة الجزاء، وهنا كان بوتشيتينو مُجبرا على خيار من اثنين؛ إما الدفاع عن غارات لاعبي السيتي نحو أنصاف المساحات باندماج لاعبي الارتكاز في الخط الخلفي، وهذا يعني تفريغ الخط الثاني وظهور المساحات على حافة منطقة الجزاء، وإما الحفاظ على الدفاع بخطين، وهذا يعني عجز الفريق عن إغلاق أنصاف المساحات والتحركات العمودية من لاعبي السيتي في القنوات.

ذهب لاعبو المدرب الأرجنتيني في معظم أوقات المباراة للخيار الأول لأن الأولوية دائما للدفاع ضد أقرب خصم للمرمى، وهنا ظهرت المساحات على حافة منطقة الجزاء، ما سمح لكانسيلو باتخاذ تلك المساحات منصة لإرسال العرضيات أو التمريرات القُطرية للجهة المقابلة، حيث عاش رياض محرز فترات اللقاء كافة، تماما كما توضِّح خريطة تمريراته الطويلة من الجهة اليسرى.

عند انتهاء المباراة، تشعر بأن السيتي قد قدَّم مباراة هجومية مثالية، بينما عند إعادة المشاهدة تكتشف أن الفريق كان يمكنه استغلال المساحات التي تكشَّفت على حافة منطقة الجزاء -بسبب ضعف المساندات الدفاعية من ثلاثي باريس الهجومي- بشكل أفضل، وهنا تُدرك كم كان باريس محظوظا بالخروج بتلك النتيجة، وهذه هي المفارقة الساخرة في الموضوع؛ أنه على الرغم من هزلية المشهد، فإن النتيجة المتقاربة أجَّلت أجراس الإنذار داخل النادي، وعلى الأغلب سيُسوَّى الأمر داخليا بين اللاعبين على أنها مباراة متكافئة خسروها بشكل غير مستحق، تماما كما صرَّحوا عقب المباراة.

عبَّر المشهد المتكرر لمهاجمي باريس أثناء استحواذ السيتي عن حجم الورطة التي يمر بها بوتشيتينو، ومدى صعوبة إدارة تلك الفئة من النجوم، وعن حالة فقدان السيطرة ودرجة العبثية التي لم ينجح الفرنسيون في إخفائها في مباراة بهذا المستوى أمام أنظار العالم، خاصة بعد خروج بعض الفرضيات بعد المباراة الأولى مفادها أن ما حدث في ملعب حديقة الأمراء كان عبارة عن استدعاء من بوتشيتينو للسيتي في مناطق متقدمة لخلق المساحات لمهاجميه للارتداد خلف خطوط الخصم.

هذه الفرضية مرجعيتها النتيجة، وما كانت لتخرج لو خرج السيتي فائزا، لكنها أُجهضت تماما في المباراة الأخيرة على ملعب الاتحاد بعدما كان على مدافعي باريس إما التصدي للتسديدات بدلا من حارسهم وإما إخراج الكرة أكثر من مرة من على خط المرمى، وبالتأكيد لا يمكن لمدرب الوصول بقدراته التكتيكية لدرجة تحديد أين وكيف يُشتِّت مدافعوه الكرات من على خط المرمى، ولا يمكن لمدرب أن يكون سعيدا وفريقه يُهان، خاصة إذا كان ذلك الفريق هو الأغلى في العالم!

ما كان ساذجا أيضا هي الطريقة التي احتُفيَ بها بليونيل ميسي بعد تسجيله هدف الفوز في مباراة الذهاب، وكيف أنه استطاع بتفرُّده ترجيح كفة فريقه، فبغض النظر عن بداهة وتفرُّد ميسي، فإنه كان السبب الأكبر في الوضعية المتدنية التي كان عليها الفريق خلال المباراة، إذ كيف يمكن مدح لاعب على تغطية أزمة وجوده؟ أزمة لم تكن موجودة بتلك الفداحة من الأساس قبل مجيئه.

شراء الوهم

ماوريسيو بوتشيتينو

لا يملك المتابع الجيد لمسيرة ماوريسيو بوتشيتينو التدريبية سوى التقدير والاحترام، كونه نجح بدرجة كبيرة في كل محطاته التدريبية منذ وصوله إلى أوروبا؛ ابتداء من إسبانيول مرورا بمحطة ساوثهامبتون التي كانت بوابته الحقيقية للعالم بعدما تمكَّن من إقناع دانيال ليفي بقيادة مشروع توتنهام، وقد نجح في بناء فريق شاب يلعب كرة قدم شجاعة، واستطاع به مقارعة الكبار والوصول إلى نهائي دوري الأبطال للمرة الأولى في تاريخ النادي، كما كان له الفضل الأكبر في مساعدة النادي على بناء ملعبه الجديد من خلال نجاحاته الرياضية.

عند تقييم بوتشيتينو على المستوى الخططي من خلال فترته في توتنهام، وبالنظر إلى مراحل اللعب، سوف نتحدث عن 3 أنواع من المراحل، النوع الأول؛ مراحل كان جيدا جدا بها نظرا لجودة لاعبيه المسؤولين عن الأداء في تلك المرحلة مثل مرحلتَيْ بناء اللعب والتقدُّم، حيث كان يملك كلًّا من يان فيرتونخن وموسى ديمبيلي وكرستيان إيريكسن وناصر شاذلي الذين اعتمد عليهم بشدة في عملية التحضير ومن ثم نقل الكرة من الثلث الأوسط إلى الثلث الثالث.

النوع الثاني؛ مراحل لم يُجِدها بكفاءة مثل التحوُّل الدفاعي، ومرحلة الدفاع بكتلة منخفضة خاصة عند مواجهة الفِرَق المهيمنة، وهي مشكلة عانى منها بوضوح أمام خصوم مثل مانشستر سيتي وبرشلونة وأياكس وبايرن. النوع الثالث هي المراحل التي كان يُجيدها بكفاءة كبيرة كالضغط العالي والدفاع بكتلة متوسطة، حيث كان توتنهام من أفضل الفِرَق في تلك المراحل كما تُظهر لنا خريطة التدخلات الدفاعية للفريق معه في الموسم الثاني والثالث وفقا لـ "ستاتس بومب".

بالمقارنة بوضعه الحالي في باريس، فإن بوتشيتينو قد تراجع تراجعا ملحوظا في مراحل إجادته، خاصة في مباريات دوري الأبطال أمام فِرَق النخبة، إذ يسمح فريقه هذا الموسم بمتوسط 11 تمريرة قبل أي تدخُّل دفاعي بعدما كان يسمح بـ 8 تمريرات فقط، بينما تراجع ارتفاع الكتلة التي يدافع بها فريقه بعيدا عن مرماه منذ بداية توليه من 43.58 مترا أمام برشلونة بالموسم الماضي إلى 37.16 مترا أمام مانشستر سيتي الأسبوع الماضي، أي إن حِدَّة الفريق في الضغط تتراجع، وهو ما يدفع بوتشيتينو إلى الدفاع بكتلة متأخرة وتخفيض مناطق الافتكاك، كما هو واضح في المسار البياني أدناه.

لا يمكن اعتبار ذلك مصادفة عابرة، ومن غير المعقول فصله عن حقيقة وجود ميسي بجانب نيمار ومبابي معا، الثلاثي الذي أجبر بوتشيتينو على قرارات لا يُفضِّلها، وضرب بأي اجتهاد منه -للحصول على هيكلة دفاعية أفضل من الموسم الماضي- عرض الحائط، ليجد المدرب نفسه في موقف غير محمود، صحيح أنه أراد الحصول على فرصة تدريب في مستوى أعلى، لكنه بكل تأكيد لم يرغب في تدريب فريق يمتلك ثلاثيا مماثلا يجعله عاجزا وفاقدا للسيطرة خارج الخط.

ربما يتعامل ماوريسيو مع الأمر من منظور التحدي وأن عليه التأقلم ليحل "مشكلات العمل"، لكن ماذا لو تجاوز الأمر مفهوم التحدي وبلغ من المنطلق الرياضي درجة من الجنون يعجز أمامها بوتشيتينو وبيب وكلوب مجتمعين؟ هل سيستمر في تصديق الوهم؟ من المعلوم أن التوجهات الرياضية لباريس سان جيرمان تسير لخدمة أهداف معينة لا تتعلق بالرياضة وحجمها، فإذا كان هو في موقع يجعله مُجبرا على تصديق الوهم، فهل يتعيَّن علينا نحن أيضا شراءه وأخذ تلك العبثية على محمل جاد؟!

يُعتبر غياب الحد الأدنى من العقلانية من مفسدات الأمور، إذ يؤدي إلى فقدان الجدية وتحويل المشهد برُمَّته إلى عبثية محضة يأبى مَن كان له عقل أن يكون جزءا منها ولو بالمتابعة العابرة، وهو ما لا يريده النادي الفرنسي بداهة، إذ إن من أسباب ضم النادي لتلك الكوكبة من النجوم كان لأجل توجيه مزيد من الأنظار إليه ورفع نِسَب متابعته خاصة من خارج فرنسا، لكن من الواضح أن العقد قد انفرط من أصحاب القرار في النهاية.

أمام مانشستر سيتي، ارتدى باريس سان جيرمان طقما يحمل شعار "إير جوردان" على قمصانهم، مع سروال يحاكي تصميم شيكاغو بولز، فمثل الكثير من أندية كرة القدم، يميل باريس سان جيرمان إلى الترويج لثقافة ارتداء الملابس الرياضية في المعيشة خارج إطار الرياضة. الهدف من هذه الإستراتيجية هو جعلك تشعر بأن باريس سان جيرمان نادٍ رائع، وشيكاغو بولز رائع، وكرة القدم رائعة، وكل ما يتعلق بالنادي رائع. يريد المسؤولون تأطير النادي في أذهان الرأي العام بشكل ممنهج، كي تتشكَّل صورته لدى العامة بوصفه منظمة رائعة مملوكة لبلد رائع، لكن المشكلة أن ذلك يأتي على حساب المهمة الأساسية المفترض أن يؤديها النادي وهي لعب كرة القدم جيدا وبفعالية.

__________________________________________________________

المصادر

  1. تقرير مايكل كوكس عن مشكلات عدم التزام ميسي بالأدوار الدفاعية
  2. تقرير مايكل كوكس عن المشكلات التكتيكية التي يُسبِّبها وجود رونالدو في مان يونايتد
  3. الأزمة بين نافاس ودوناروما
  4. المراحل الخمسة التي أدَّت إلى انفصال توخيل عن باريس سان جيرمان
  5. كيف حوَّل بوتشيتينو توتنهام إلى ما هو عليه الآن؟

 

المصدر : الجزيرة