ميلتون فريدمان

Milton friedman -الموسوعة

اقتصادي وأكاديمي أميركي، حائز على جائزة نوبل في الاقتصاد لسنة 1976. يُعد من بين الوجوه البارزة على مستوى المدرسة الليبرالية في الاقتصاد، وأحد أهم منظري "النظرية النقدية".

المولد والنشأة
ولد ميلتون فريدمان يوم 31 يوليو/تموز 1912 في مدينة نيويورك، وترعرع في أسرة يهودية -متواضعة الحال- هاجرت إلى الولايات المتحدة قادمة من مدينة هنغارية تقع حاليا في أوكرانيا.

الدراسة والتكوين
تلقى تعليمه الثانوي في مدينة رُووِي، ثم انتقل إلى جامعة روتجرز بمدينة نيوبرونسويك حيث درس الرياضيات والاقتصاد، وحصل على البكالوريوس سنة 1932، وواصل دراساته العليا في جامعة شيكاغو، وحصل على درجة الماجستير عام 1933، وحصل على دكتوراه من جامعة كولومبيا بنيويورك سنة 1946.

التوجه الأيديولوجي
تأثر فريدمان بالمدرسة الليبرالية في الاقتصاد، حيث ترك احتكاكه بمفكري "مدرسة شيكاغو"( فرانك نايت وجاكوب فينر وهنري سيمونس) أثرا عميقا في توجهاته الفكرية. كما تأثر بكتابات الاقتصادي الأمريكي إرفين فيشر في مجال الاقتصاد النقدي ونظريته الكمية للنقود.

الوظائف والمسؤوليات
عمل أستاذا مساعد بجامعة كولومبيا، ثم عاد إلى جامعة شيكاغو مساعدا للاقتصادي هنري شولتز. واشتغل باحثا اقتصاديا في الفترة 1935ـ1937 بالمجلس القومي لتخطيط الموارد في العاصمة الأمريكية واشنطن، ثم انضم إلى الاقتصادي المشهور سيمون كوزنتس في المكتب القومي للأبحاث الاقتصادية في نيويورك خريف 1937.

وعمل لسنتين (1942ـ 1943) في وزارة المالية، وأمضى الفترة 1944ـ 1945 إحصائيا بجامعة كولومبيا، ثم التحق بجامعة مينيسوتا في السنة 1945.

وعُين أستاذا مساعدا بجامعة شيكاغو سنة 1946 بعد مناقشته لرسالة الدكتوراه في جامعة كولومبيا، وكانت أطروحته حول الشروط القانونية لمزاولة المهن الحرة. واستمر في التدريس بالجامعة نفسها حتى تقاعده الرسمي سنة 1977، ثم التحق بمعهد هوفر بجامعة ستانفورد في مدينة "بالو ألتو" بولاية كاليفورنيا زميلا باحثا في السنة ذاتها.

التجربة الفكرية
يُعتبر ميلتون فريدمان أحد أهم منظري "النظرية النقدية"، ومن أبرز الأكاديميين المحسوبين على "مدرسة شيكاغو" في الاقتصاد، وقد عرف بمعارضته للنظريات "الكينزية"، التي كانت مهيمنة في الأوساط الأكاديمية الأميركية في سنوات الخمسينيات، وانتقد السياسات العمومية المنبثقة عنها.

واعتبرها غير فعالة وغير قادرة على التأثير في النمو، سواء تعلق الأمر بالسياسة النقدية أو الإنفاقية، وأمضى حياته مدافعا عن المذهب الليبرالي والأسواق الحرة، ومروجا للأفكار الليبرالية عبر العالم من خلال محاضراته وبرنامجه التلفزيوني: "حرية الاختيار" الذي أُذيع في عدة بلدان.

سطر ملامح نظريته النقدية في كتاب "التاريخ النقدي للولايات المتحدة" الذي ألَّفه رفقة الباحثة أَنَّا شوارتز، وطورها في كتابات لاحقة مثل "النقود: النظرية الكمية" و"الثورة المضادة في النظرية النقدية". وأكد أن السياسة النقدية الرامية إلى تحفيز الاقتصاد من خلال رفع حجم الكتلة النقدية هي سياسة غير فعالة وتؤدي فقط إلى ارتفاع مستوى الأسعار (التضخم).

و قد ساهم بذلك في إحياء النظرية الكمية حول النقود من جديد، مشددا على أن زيادة الكتلة النقدية هي المسبب الوحيد في ارتفاع الأسعار، وكتب قائلا: "التضخم هو دائما وأينما وُجد، ظاهرة نقدية بالنظر إلى أنه ينتُج عن زيادة في كمية النقود تفوق زيادة الإنتاج، وأنه لا يمكن أن يكون نتيجة لغير ذلك".

اقترح تبعا لهذا التحليل، خفض الكتلة النقدية ورفع أسعار الفائدة من أجل التخلص من التضخم، الذي اعتبره آفة تضُر بالاقتصاد على المدى البعيد. وكان من أوائل الداعين إلى استقلالية البنوك المركزية عن الحكومات للحيلولة دون لجوء هذه الأخيرة إلى التضخم وسيلة لتمويل برامجها وتحقيق أغراضها الانتخابية.

قدَّم فريدمان تفسيرا لظاهرة "الركود التضخمي" (نمو بطيء مصحوب بتضخم قوي) التي واجهتها الاقتصادات الغربية في السبعينيات بعد أزمتي النفط في 1973 و1979، موضحا أنه لا يكفي تخفيض أسعار الفائدة لإنعاش الاستثمار والنمو، وأوصى بمحاربة التضخم نظرا لعواقبه الوخيمة على سير الاقتصاد.

يرفض فريدمان تدخل الدولة في الاقتصاد، ويرى أن دور الدولة يجب أن ينحصر في سن القوانين والتشريعات والسهر على احترامها من طرف المعنيين. ويعارض ممارسة أي شكل من أشكال التدخل في سير الأسواق بفرض الأسعار مثلا، بما في ذلك سعر العمل من خلال فرض حد أدنى للأجور.

دافع عن أسعار الصرف المرنة والعائمة بدلا عن أسعار الصرف الثابتة، التي كانت سائدة بعد اتفاقية بريتون وودز. وارتأى أن أسعار صرف العملات، وعلى غرار بقية الأسعار، يجب أن تُحَدد في أسواق الصرف بكامل الحرية، وليس بناء على اتفاقات بين الدول، وذلك بُغية الحيلولة دون لجوء الحكومات إلى سياسات خفض سعر العملة بغرض تعزيز تنافسية شركات بلدانها.

أثرت أفكاره ونظرياته على العديد من رجالات السياسة داخل الولايات المتحدة وخارجها، فقد اتخذه الرئيس الأسبق رونالد ريغان مستشارا اقتصاديا له، كما ترجمت أفكاره على أرض الواقع من طرف مارغريت ثاتشر في المملكة المتحدة، والديكتاتورية العسكرية في الشيلي في عهد أوغوستو بينوشيه.

المؤلفات
ألف فريدمان العديد من الكتب، من بينها على سبيل المثال لا الحصر؛ "حرية الاختيار"، "الثورة المضادة في النظرية النقدية" و"السياسة النقدية في مقابل السياسة الإنفاقية"، و"النقود: النظرية الكمية" و"التضخم: الأسباب والعواقب"، و"نظرية الأسعار" و"الرأسمالية والحرية"، و"نظرية دالة الاستهلاك".

الجوائز والأوسمة
حصل فريدمان على جائزة نوبل في الاقتصاد لسنة 1976 تكريما لإسهاماته في مجالات تحليل الاستهلاك والنظرية النقدية، وبرهنته على درجة تعقيد السياسة الاقتصادية الرامية إلى تحقيق الاستقرار.

الوفاة
توفي ميلتون فريدمان يوم 16 نوفمبر/تشرين الثاني 2006، على إثر أزمة قلبية.

المصدر : الجزيرة