مئير داغان.. رئيس الموساد الذي قتله السرطان
مئير داغان، رئيس سابق للموساد (المؤسسة المركزية للاستخبارات والمهمات الخاصة) ومؤسس وحدة المستعربين وجيش لبنان الجنوبي العميل لـ إسرائيل، ورئيس وحدة "مكافحة الإرهاب" عام 1995، وقف خلف جرائم عديدة ارتكبت بحق الفلسطينيين والعرب لعقود، ولقي حتفه عام 2016 بعد إصابته بـ السرطان.
المولد والنشأة
ولد مئير داغان في مدينة خرسون (Kherson) بـأوكرانيا يوم 30 يناير/كانون الثاني 1945 لوالدين نجيا من المحرقة، وهاجر مع أسرته من أوكرانيا إلى فلسطين المحتلة عام 1950.
الدراسة والتكوين
درس مئير داغان في جامعة حيفا العلوم السياسية، وكان مهتما بالتاريخ، وما لبث أن التحق بالمؤسسة الأمنية متنقلا بين عدة مناصب.
احتفظ بصورة تاريخية قال عنها إنها ألهمته وشحنته بالطاقة ودفعته للعمل من أجل تعزيز مناعة إسرائيل، وفيها يظهر جنود نازيون يهينون جده دقائق قبل إعدامه في المحرقة.
الوظائف والمسؤوليات
بدأ مئير داغان خدمته العسكرية عام 1963 ضمن وحدة المظليين، وقاتل في سيناء بعدوان عام 1967.
تقلد مناصب هامة في جيش الاحتلال، وأسس عام 1970 وحدة "ريمون" الخاصة، وهي أول وحدة مستعربين إسرائيلية ارتكبت الكثير من الجرائم في غزة بعد احتلالها عام 1967 بالتعاون مع جهاز المخابرات العامة (شاباك). وتقديرا لعملياته الدموية في غزة، حاز على وسام الشجاعة، وهو أعلى وسام عسكري في إسرائيل.
عين داغان عام 1983 قائدا لوحدة الارتباط مع لبنان عقب اجتياح بيروت عام 1982، وبادر إلى تأسيس جيش لبنان الجنوبي العميل مع إسرائيل، وعام 1992 عين قائدا لوحدة العمليات الخاصة في مقر هيئة الأركان.
أنهى داغان خدمته العسكرية عام 1995، وبالعام التالي عين رئيسا لهيئة "مكافحة الإرهاب" التابع لديوان رئيس الوزراء.
وفي عام 2000، أعلن انضمامه للحزب الحاكم (الليكود) وعين من قبل رئيس الحزب وقتها أرييل شارون مديرا لحملته الانتخابية عام 2001 التي انتهت بفوزه برئاسة الحكومة متغلبا على إيهود باراك، وعام 2002 عينه شارون رئيسا للموساد وتم تمديد ولايته ثلاث مرات حتى 2011.
التجربة الأمنية
خاض غمار تجارب أمنية واسعة، وعام 1970 أصيب بساقه بعدما اصطدمت مركبته بلغم في غزة، ولاحقا أصيب مجددا خلال خدمته العسكرية.
شارك داغان في الاجتياح الإسرائيلي للبنان عام 1982 قائدا لفرقة المدرعات التي هاجمت بيروت الغربية.
وبسبب خبرته الأمنية الواسعة، عمل داغان بعد خدمته العسكرية رئيسا لما يعرف بمجلس مكافحة "الإرهاب" ومستشارا لقائد الجيش.
وعام 2002 عينه رئيس الحكومة الراحل شارون رئيسا للموساد، وامتدت مدة رئاسته حتى 2011، وقام الموساد خلالها بعدة عمليات اغتيال منها القيادي في حزب الله عماد مغنية عام 2008 في دمشق، والقيادي في حركة المقاومة الإسلامية (حماس) محمود المبحوح في دبي عام 2010.
وبعد فضح جريمة الاغتيال في دبي، قال بعض المعلقين الإسرائيليين وقتها إن المبحوح ألحق الأذى البالغ بإسرائيل في مماته أكثر مما فعله في حياته.
وكان داغان قد صعّد من عمليات الاغتيال والعمليات الخاصة، في محاولة لاستعادة قوة ردع وهيبة الموساد بعد فشل محاولته اغتيال رئيس المكتب السياسي لحماس خالد مشعل في العاصمة الأردنية عمّان عام 1997 والتي أدت لاستقالة رئيسه وقتها الجنرال داني يتوم.
كما نسبت للموساد في فترة رئاسته اغتيالات وعمليات سرية كثيرة داخل إيران لإعاقة المشروع النووي، وكذلك تدمير المفاعل النووي السوري في دير الزور عام 2007.
وكشف في إسرائيل عدة مرات أنه حال دون قيام حكومتها بقيادة بنيامين نتنياهو بمهاجمة المفاعلات النووية في إيران، في الفترة 2011-2009، خوفا من تورطها بمغامرة عسكرية خطيرة.
ونقل عنه قوله "لا يمكن لهجوم عسكري أن يوقف المشروع النووي الإيراني، وفي حال قمنا بذلك سنجد أنفسنا أمام واقع جديد تتمكن فيه طهران من حل مشاكلها السياسية والاقتصادية من خلال دفعنا جموع الإيرانيين للوقوف خلف المؤسسة الحاكمة".
ومن تصريحاته اللافتة في مهرجان سياسي كبير في تل أبيب عام 2014، قوله والدمع يغالبه إنه قلق من قيادة إسرائيل داعيا لاستبدالها بقيادة جديدة تخدم الجمهور بدلا من خدمة مصالحها.
وأكد المعلق للشؤون الأمنية يوسي ميلمان للجزيرة نت أن داغان تميز بقلة كلامه وعدم خوفه من السياسيين، مشيرا لما قاله بمهرجان في تل أبيب 2014 أن إسرائيل تشهد أزمة قيادة غير مسبوقة منذ قيامها عام 1948.
وتابع "أدرك داغان حدود القوة وأن مستقبل إسرائيل يحتاج لتسوية مع الفلسطينيين، وهذا هو السبب الحقيقي خلف مهاجمته نتنياهو بسنواته الأخيرة لاعتقاده أنه يبحث عن بقائه السياسي ويتهرب من التسوية مع الفلسطينيين".
الوفاة
توفي مئير داغان يوم 17 مارس/آذار 2016 بعدما صرعه مرض السرطان تاركا خلفه سجلا مخضبا بدماء ناشطين وقادة عرب. وكان قد خضع لعملية زرع كبد أحيطت بالسرية في روسيا البيضاء عام 2012 بعدما تم اكتشاف إصابته بالسرطان.
داغان الذي غير اسم عائلته السابق هوبيرمان، تبرع وفق وصيته بقرنيتي عينيه، ودفن في مستوطنة روش بيناه بالجليل الأعلى القائمة على أراضي القرية الفلسطينية المهجرة "الجاعونة".