مؤتمر الأمم المتحدة لمنع الجريمة والعدالة الجنائية

شعار المؤتمر الأمم المتحدة الثالث عشر لمنع الجريمة والعدالة الجنائية

مؤتمر تنظمه الأمم المتحدة كل خمس سنوات حيث يجتمع صنّاعُ السياسات والعاملون في مجال منع الجريمة والعدالة الجنائية من أجل المساهمة في صياغة جدول أعمال الأمم المتحدة ومعاييرها بشأن منع الجريمة والعدالة الجنائية.

ويعتبر مؤتمر الأمم المتحدة لمنع الجريمة المحفل الأكبر والأكثر تنوعا على مستوى العالم الذي يجمع الحكومات والمجتمع المدني والأوساط الأكاديمية والخبراء في مجال منع الجريمة والعدالة الجنائية.

وكان لدورات انعقاد هذا المؤتمر أثرها -على مدار ستين عاما- في وضع سياسات العدالة الجنائية، وفي تعزيز التعاون الدولي للتصدِّي للمخاطر التي تهدِّد العالم من جراء الجريمة المنظَّمة العابرة للحدود.

وقد بدأت المؤتمرات الدولية التي تبحث المسائل ذات الصلة بمكافحة الجريمة في عام 1872، وكانت هذه المؤتمرات تُعقد تحت رعاية اللجنة الدولية للسجون، التي أصبحت فيما بعد اللجنة الدولية للشؤون الجزائية والإصلاحية.

وفيما يلي سرد تاريخي لهذه المؤتمرات مع إشارة إلى أبرز الموضوعات التي بحثتها والقرارات التي أصدرتها:

المؤتمر الأول في جنيف (سويسرا) 1955:
اهتم بمعاملة الجانحين الأحداث والسجناء، ونظر في إمكانيات إقامة مؤسسات عقابية وإصلاحية "مفتوحة"، واختيار موظفي السجون وتدريبهم، واستخدام السجناء يدا عاملة استخداما سليما، وأقر مجموعة من القواعد الدنيا النموذجية لمعاملة السجناء.

المؤتمر الثاني في لندن (بريطانيا) 1960:
كان جدول أعماله أوسع مما شهده المؤتمر الأول، وأوصى المشاركون فيه بإنشاء أجهزة شرطة خاصة لمنع جنوح الأحداث، وبحثوا تأثير وسائل السجن القصير الأمد وعمل السجناء، واندماج السجناء المفرج عنهم في الحياة المجتمعية.

المؤتمر الثالث في أستوكهولم (السويد) 1965:
حضرت فيه بلدان العالم الثالث المستقلة حديثا بأعداد كبيرة، وبحث المشاركون تقديم المساعدة التقنية في ميدان منع الجريمة والعدالة الجنائية، وإجراء بحوث في الإجرام تهدف لمنع الجريمة. وحلَل هذا المؤتمر العلاقةَ بين الإجرام والتغير الاجتماعي.

المؤتمر الرابع في كيوتو (اليابان) 1970:
كان الموضوع المحوري العام للمؤتمر -الذي عُقد لأول مرة خارج أوروبا- هو "الجريمة والتنمية"، وأعطـِي فيه اهتمام خاص لسياسات الدفاع الاجتماعي والوقاية المستندة إلى المجتمع المحلي، ومشاركة عامة الناس في منع الجريمة. ودعا إلى تحسين التخطيط لمنع الجريمة بغرض تحقيق التنمية الاقتصادية والاجتماعية.

المؤتمر الخامس في جنيف (سويسرا) 1975:
ناقش لأول مرة مفهوم الإجرام كنشاط تجاري، ونظر في الأشكال والأبعاد المتغيرة للجريمة الوطنية والعابرة للحدود والعنف، بما في ذلك دور الجريمة المنظمة في الأعمال التجارية المشروعة ظاهريا، والإجرام الناشئ عن تعاطي المخدرات والكحول والإرهاب.

وأقر المؤتمر إعلان حماية جميع الأشخاص من التعرض للتعذيب وغيره من ضروب المعاملة السيئة أو العقوبة القاسية أو اللاإنسانية أو المهينة.

المؤتمر السادس في كراكاس (فنزويلا) 1980:
عُرضت على المؤتمر أول دراسة استقصائية مفصلة تعدها الأمم المتحدة عن الجريمة في مختلف أنحاء العالم، استنادا إلى معلومات واردة من 65 دولة عضوا، وأظهرت تلك الدراسة أن الغالبية العظمى من البلدان المتقدمة والنامية تواجه تصاعدا في العنف والإجرام، وأن الإجرام يتخذ أشكالا وأبعادا جديدة، وأن التدابير التقليدية لمنع الجريمة ومكافحتها ليست قادرة على معالجة الوضع.

المؤتمر السابع في ميلانو (إيطاليا) 1985:
اعتُمدت فيه خطةَ عمل ميلانو وعدَّة معايير وقواعد جديدة للأمم المتحدة في إطار موضوع "منع الجريمة من أجل الحرية والعدالة والسلم والتنمية".

وتضمنت خطة عمل ميلانو خطوطا عريضة لبرنامج عالمي لمنع الجريمة المنظمة العابرة للحدود و"الإرهاب"، وشددت على ضرورة إجراء بحوث ذات توجه عملي وتقديم المساعدة التقنية إلى البلدان النامية.

المؤتمر الثامن في هافانا (كوبا) 1990:
أوصى باتخاذ تدابير لمكافحة الجريمة المنظمة و"الإرهاب" في إطار موضوع "منع الجريمة والعدالة الجنائية على الصعيد الدولي في القرن الـ21".

وعمم المؤتمر معلومات عن الشبكات الحاسوبية الخاصة بالعدالة الجنائية والأحكام المتعلقة بحجز العائدات المالية للجريمة المنظمة، وفحص السجلات المصرفية، وتنامي الخبرات في مجال صلة مكافحة الجريمة بالتنمية الاجتماعية والاقتصادية.

المؤتمر التاسع في القاهرة (مصر) 1995:
تصدرت جدولَ أعماله خططُ مكافحة العصابات الإجرامية العابرة للحدود والجرائم الاقتصادية، من خلال تدعيم التعاون الدولي والمساعدة التقنية العملية لتعزيز سيادة القانون، واتخاذ تدابير لمكافحة غسل الأموال.

وركزت المناقشات على استكشاف المستجدات في المجالات التالية: الجرائم العنيفة وإجرام الشباب والعنف المرتكب ضد المرأة.

المؤتمر العاشر في فيينا (النمسا) 2000:
قرر المشاركون فيه اتخاذ تدابير منسقة أكثر فاعلية لمكافحة مشكلة الإجرام العالمية، خصوصا أسوأ أشكال الجريمة المنظمة العابرة للحدود.

واعتُمد خلاله "إعلان فيينا" بشأن الجريمة والعدالة في مواجهة تحديات القرن الـ21، والذي يُلزم الدول الأعضاء بتعزيز التعاون الدولي على مكافحة الجريمة العابرة للحدود الوطنية وإصلاح العدالة الجنائية.

المؤتمر الحادي عشر في بانكوك (تايلند) 2005:
أتاح هذا المؤتمر الفرصة لكي يتبادل أعضاء المجتمع الدولي الخبرات والآراء بشأن السبل المثلى لمواجهة التحديات الجديدة التي تطرحها كافة أشكال الجريمة، في ظل الطابع المترابط لتلك الجرائم وتأثيرها الخطير على الأمن والاستقرار والتنمية.

واعتمد المشاركون إعلان بانكوك الذي أرسى أسس تعزيز جهود التعاون والتنسيق الدولية في مجال منع الجريمة ومكافحتها وتبيان الاتجاهات الكفيلة بتعزيزها.

المؤتمر الثاني عشر في سلفادور (البرازيل) 2010:
أبرز الدور المحوري للعدالة في التنمية، وأكد الحاجة إلى اتباع نهج كلي في إصلاح نظام العدالة الجنائية لتعزيز قدراتها، وضرورة استكشاف سبل كفيلة بمنع ومكافحة الأشكال المستجِدّة للجريمة على مستوى العالم.

المؤتمر الثالث عشر في الدوحة (قطر) 2015:
قررت الجمعية العامة للأمم المتحدة أن يكون الموضوع الرئيسي للمؤتمر-الذي شارك فيه أكثر من 5000 شخص من 142 دولة، بينهم "عدد قياسي من رؤساء الوزراء"- إدماج منع الجريمة والعدالة الجنائية في جدول أعمال الأمم المتحدة الأوسع من أجل التصدِّي للتحدِّيات الاجتماعية والاقتصادية، وتعزيز سيادة القانون على الصعيدين الوطني والدولي ومشاركة الجمهور.

وتطرق المؤتمر إلى قضايا كثيرة مثل تمويل الإرهاب وغسل الأموال وسرقة الهويات والسطو على الممتلكات الثقافية، ودور المواطنين في إنفاذ القانون، والجرائم الإلكترونية، وأهمية التقنيات المبتكرة للتحقيق في الجرائم المالية.

وقد تزامن انعقاد مؤتمر الدوحة مع استكمال الاستعدادات لإطلاق خطة أممية جديدة تمتد حتى 2030، وترتكز أساسا على ربط مكافحة "الإرهاب" بتحقيق التنمية ومواجهة الفساد.

ووضع خبراء الأمم المتحدة أسس الخطة الجديدة بناء على تقييم الخطة السابقة التي امتدت بين عامي 2000 و2015، واهتمت بمكافحة الفقر والسعي للحد من وفيات الأطفال والنساء الحوامل ومواجهة الأمراض الفتاكة.

المصدر : الجزيرة