قناة الجزيرة
قناة الجزيرة محطة فضائية إخبارية انطلقت عام 1996، قدمت للعالم العربي مفهوما جديدا للإعلام القريب من الشعوب وقضاياها.
لم يكن سلوك هذا الدرب مفروشا بالورود، حيث سقط شهداء واعتقل صحفيون دون توجيه تهم لهم، وأغلقت مكاتب وتوترت علاقات بسبب ما تبثه قناة "الرأي والرأي الآخر".
الانطلاقة
انطلقت القناة عام 1996، وبدأت مسارها بنشرة أخبار قدمها الزميل جمال ريان، مدشنا بذلك الخطوات الأولى لقناة ملأت الدنيا وشغلت الناس، ومكنت العرب لأول مرة من خلق منافس حقيقي لقنوات عالمية مثل "بي بي سي" و"سي أن أن".
تدرجت القناة خلال سنواتها الأولى من البث لساعات قليلة لم تكن تتجاوز الست، إلى البث من دون انقطاع، وشملت تغطيتها القارات كلها.
وسرعان ما بادرت القناة بإنشاء موقع الجزيرة نت لمواكبة التطور الذي عرفه المجال الإعلامي مع تزايد أهمية شبكة الإنترنت وانتشارها.
وتزامنا مع النجاح الكاسح الذي حققته القناة بفضل تغطياتها الحصرية وتناولها مواضيع ظلت لعقود طويلة "تابوهات" لا يجوز الحديث عنها في الوطن العربي تحديدا، توسعت لتصبح شبكة إعلامية بظهور قنوات ومراكز منها: الوثائقية والإنجليزية والجزيرة مباشر والجزيرة للأطفال والجزيرة الرياضية (بي إن سبورت "Bein Sport" لاحقا)، ومركز الجزيرة للتدريب والتطوير، ومركز الجزيرة للدراسات، ثم الجزيرة أميركا والجزيرة ترك والجزيرة بلقان لاحقا.
البرامج
تميزت قناة الجزيرة -إلى جانب تغطياتها الإخبارية الحصرية المتميزة- ببثها برامج اكتسحت مجال المشاهدة في الوطن العربي، وأثرت في الواقع السياسي للعرب، وتسببت بعض حلقاتها في إثارة نقاشات ساخنة.
من بين تلك البرامج:
– بلا حدود
برنامج حواري أسبوعي يقدمه أحمد منصور، يجري حوارا مع مسؤول أو سياسي ليعبر عن رأيه الخاص في القضايا المثارة بصراحة ودون حدود، ويؤيده بالبراهين والوثائق.
– شاهد على العصر
برنامج حواري أسبوعي مسجل يقدمه أحمد منصور، تقوم فكرته على إجراء حوار مباشر مع أحد السياسيين ليشهد على حقبة زمنية مدعما شهادته بالأدلة والبراهين والوثائق، ليضع الحقيقة التاريخية أمام المشاهد.
– الاتجاه المعاكس
برنامج حواري أسبوعي يقدمه فيصل القاسم، ويتطرق لمواضيع حساسة في السياسة والاقتصاد وقضايا اجتماعية وأحيانا دينية. وتقوم فلسفته على سبر أغوار الآراء المتناقضة، ويطرح استفتاء يحمل وجهتي نظر متناقضتين.
– في العمق
برنامج سياسي حواري أسبوعي يقدمه علي الظفيري، يبحث البرنامج في القضايا السياسية والفكرية بعمق وتركيز، ويبحث الأسباب والمآلات والمناهج الكامنة وراء تلك القضايا. يستضيف كبار المفكرين والمحللين لبحث الزوايا المختلفة للقضية المثارة على طاولة النقاش.
– من واشنطن
برنامج حواري أسبوعي مباشر يقدمه عبد الرحيم فقرا، تقوم فلسفته على استضافة اثنين أو ثلاثة من السياسيين أو المحللين لمناقشة ما يجري داخل أروقة الإدارة الأميركية من قضايا المنطقة، لمناقشته أمام المشاهد تاركا له حرية تحديد رأيه.
– ما وراء الخبر
برنامج حواري يومي مباشر، تقوم فكرته على معالجة مفصلة لحدث يشغل الساحة في وقته، ويعمد إلى طرح أسئلة متعددة تتعلق بالخبر المتناول، يجيب عنها عدد من الخبراء أو المسؤولين ليضع الحقيقة أمام المشاهد تاركا له حرية اتخاذ موقفه.
– الواقع العربي
برنامج حواري سياسي يومي يناقش تطورات المنطقة العربية وقضايا الساعة وانعكاساتها على المستوى الإقليمي والدولي.
– حديث الثورة
برنامج حواري مباشر يتناول مسار الثورات في البلدان العربية وما حققته من نجاحات وما يعترضها من عقبات، ويستضيف البرنامج المسؤولين والنشطاء والخبراء السياسيين لتحليل هذه العناصر بكل حرية وشفافية.
– لقاء خاص
برنامج حواري يستضيف مسؤولين وشخصيات عامة لمناقشة آخر التطورات.
– لقاء اليوم
برنامج حواري يستضيف مسؤولين وشخصيات عامة لمناقشة تطورات الأحداث وقضايا الساعة.
– برنامج المرصد
برنامج تفاعلي أسبوعي مدته 24 دقيقة، تتلخص فكرته في رصد كيفية تغطية وسائل الإعلام بمختلف أنواعها الأحداث العربية والعالمية، يبث كل اثنين ويعاد خمس مرات.
– عالم الجزيرة
برنامج "عالم الجزيرة" نافذة وثائقية أسبوعية منتقاة من إنتاج قنوات شبكة الجزيرة الإعلامية بلغاتها المختلفة، تجانب الإثارة الآنية وتكملّ الرسالة الإخباريّة. تتلخص فكرة البرنامج في وضع وثائقيات الشبكة بلغات أجنبية بين يدي المتلقي العربي، بعد أن أتاحت للمتلقي غير العربي مشاهدة الوثائقيات المنتجة باللغة العربية.
– برنامج الصندوق الأسود
برنامج وثائقي استقصائي تبثه قناة الجزيرة الخميس الأخير من كل شهر، يبحث في ملفات أثارت جدلا، وقضايا ظلت طي الكتمان، في محاولة لكشف أسرارها وإعادة سرد الأحداث برؤية موثقة.
يهدف برنامج الصندوق الأسود -من خلال تحقيقاته المتنوعة- إلى إثارة الرأي العام وفتح أبواب النقاش، ووضع هذه الملفات بين أيدي المختصين والجهات المعنية، معتمدا على ما يتم تقديمه من وثائق، ومقابلة شهود العيان والشخصيات ذات العلاقة بالمواضيع المطروحة.
كما اشتهرت قناة الجزيرة ببرامج متوقفة، مثل: نقطة ساخنة، وسري للغاية، والشريعة والحياة، وأكثر من رأي، وبرامج أخرى.
شهداء الجزيرة
نجاح قناة الجزيرة لم يكن سهلا، وطريقها لم يكن مفروشا بالورود، ففي سبيل تبليغ رسالتها الإعلامية، أغلقت مكاتب للقناة، واعتقل صحفيون يعملون فيها، كما لقي آخرون ربهم شهداء وهم يؤدون واجبهم في إيصال الحقيقة.
الشهداء
طارق أيوب
صحفي أردني من أصل فلسطيني، ولد عام 1968 في الكويت لأسرة أردنية الجنسية فلسطينية الأصل من قرية ياسوف في منطقة سلفيت وسط الضفة الغربية.
بدأ حياته المهنية مع صحيفة جوردان نيوز قبل أن يلتحق بقناة الجزيرة. توجه إلى العراق إبان الغزو الأميركي لتغطية الأحداث عام 2003، فاستشهد في قصف على مكتب الجزيرة من طائرات قوات الغزو، وجرح زميله المصور زهير العراقي.
رشيد والي
إعلامي عراقي عمل ضمن فريق الجزيرة في العراق إبان الغزو الأميركي عام 2003، واعتقلته القوات الأميركية ثلاثة أيام ثم أطلقت سراحه، ظل متشبثا بالعمل ضمن فريق الجزيرة حتى استشهاده في العشرين من مايو/أيار 2004.
علي حسن الجابر
صحفي ولد يوم 12 ديسمبر/كانون الأول 1955 في قطر. بدأ عمله في تلفزيون قطر رئيسا لقسم التصوير والكاميرا المحمولة منذ عام 1979 حتى عام 2001، كما عمل مشرف تصوير في اللجنة الأولمبية الأهلية في الفترة فيما بين 2001 و2005، بعدها أصبح مديرا لمكتب "سي أن بي سي" بالدوحة، ثم انتقل للعمل رئيسا لقسم التصوير في قناة "الجزيرة" الفضائية.
أنجز الجابر خلال حياته المهنية عدّة أفلام تسجيلية، كما عرف بتفانيه في عمله.
استشهد علي الجابر في ليبيا أثناء أدائه عمله يوم 12 مارس/آذار 2011 في كمين مسلح هاجم فريق الجزيرة، وأصيب فيه المراسل ناصر الهدار بجروح.
محمد المسالمة
ناشط إعلامي سوري غطى أحداث الثورة ونقل معاناة السوريين تحت وطأة القصف والقتل اليومي والحصار الخانق، عمل مع قناة الجزيرة منذ 2012 لمدة عام واحد، واستشهد برصاص قوات النظام السوري يوم 18 يناير/كانون الثاني 2013.
محمد القاسم
صحفي سوري درس الإنجليزية وشارك في دورات تدريبية، وكان من أوائل الإعلاميين الشباب الذين وثّقوا ما تعرض له المدنيون بُعيد انطلاق الثورة السورية.
ينتمي محمد عبد الجليل القاسم المولود في ريف إدلب عام 1990، إلى فئة الإعلاميين الذين أنجبتهم الثورة السورية على نظام الرئيس بشار الأسد.
استشهد عام 2014 بعد إطلاق مجهولين النار على سيارة كان داخلها.
مهران الديري
صحفي سوري درس الإعلام في دمشق وعمل في وكالة الأنباء السورية الرسمية (سانا)، قبل أن يعلن انشقاقه عنها ويعمل في وسائل إعلام إلكترونية مستقلة، ثم عمل مراسلا للجزيرة نت.
مهران مولود في محافظة درعا السورية عام 1983، وهو واحد من الإعلاميين العرب والغربيين الكثر الذين قضوا أثناء تغطية أحداث الثورة في سوريا منذ مارس/آذار 2011، حيث استشهد عام 2014.
محمد الأصفر
مصور قناة الجزيرة، ابن شهيد وأخو شهيد، استشهد ولما يبلغ العشرين من عمره، عندما كان ينقل وقائع المعارك في حي المنشية بدرعا بين قوات المعارضة السورية وجيش النظام. استشهد محمد الأصفر برصاص قناص من قوات نظام الأسد في حي المنشية يوم 26 يونيو/حزيران 2015.
عمل محمد الأصفر مصورا مع فريق الجزيرة بدرعا منذ انطلاقة مكتبها، وتم تعيينه رسميا في مارس/آذار 2015.
زكريا إبراهيم
إعلامي سوري التحق بقناة الجزيرة مطلع عام 2014، فعمل مصورا ضمن فريق القناة، وصور عشرات التقارير التي عكست المعاناة الكبيرة للسوريين من القتل والقصف والحصار. ولد زكريا إبراهيم يوم 25 مايو/أيار 1996، في مدينة تلدو بريف حمص.
عمل زكريا مصورا، وساهم إلى جانب زملائه في تصوير عشرات التقارير التي ترصد حالة المحاصرين والمهجرين، إلى جانب معارك النظام وكتائب المعارضة المسلحة، وكذلك القصف الروسي على مواقع المعارضة.
استشهد يوم 7 ديسمبر/كانون الأول 2015.
اعتقالات
عانت قناة الجزيرة والعاملون فيها من تضييقات عدة، وشهد مسارها الطويل أحداثا بارزة تميزت باعتقال صحفيين، كان من بينهم:
سامي الحاج
إعلامي عربي، قطري الجنسية سوداني الأصل، ولد في الخرطوم يوم 15 فبراير/شباط 1969، وعاش في سنار، ودرس في الهند. عمل في الجزيرة، فاعتقل في باكستان، ثم سُجن في غوانتانامو. بدأت محنته عام 2001 حين سلّمته السلطات الباكستانية إلى نظيرتها الأميركية في السياق العام الذي فُرض بعد تفجيرات 11 سبتمبر/أيلول 2001.
قضى سامي الحاج زهاء ست سنوات وسبعة أشهر في غياهب سجن غوانتانامو السيّئ الصيت، حيث قرر -بعد سنوات من السجن والتعذيب- أن يخوض إضرابا مفتوحا عن الطعام استمر أكثر من 480 يوما، كانت كفيلة بإنهاك جسده المعذّب. وقد أطلق سراحُه بعد ذلك عام 2008 ورحّل إلى السودان.
استُقبل سامي بحفاوة في العاصمة القطرية الدوحة، وبادرت قناة الجزيرة الإعلامية إلى إنشاء وحدة خاصة للحريات العامة وحقوق الإنسان، تحولت فيما بعد إلى قسم، ثم إلى إدارة، ثم إلى مركز تولى سامي الحاج إدارته والإشراف على العاملين فيه.
تيسير علوني
صحفي بقناة الجزيرة، عمل مراسلا لها في مناطق ساخنة، وتميز مساره بتغطيات بارزة في مقدمتها تغطيته للحرب الأميركية على أفغانستان عام 2001، والاحتلال الأميركي للعراق عام 2003.
وهو الصحفي الذي أجرى حوارا مع زعيم حركة طالبان الملا عمر الذي أعلنت الرئاسة والمخابرات الأفغانية عن "وفاته في أحد مستشفيات كراتشي في أبريل/نيسان 2013 في ظروف غامضة".
عاش علوني تجربة السجن والإقامة الجبرية بالسجون الإسبانية حيث حكمت عليه المحكمة الوطنية الإسبانية بسبع سنوات سجنا بتهمة "التعاون" مع ما أسمته "منظمة إرهابية" رغم تبرئته من تهمة الانتماء إلى تنظيم القاعدة.
ورغم بطلان الحكم بقرار من المحكمة الأوربية لحقوق الإنسان، فإن القضاء الإسباني لم يعترف بالقرار وأصر على أن ينهي تيسير مدة السجن حتى آخر يوم.
وأنهى تيسير علوني الحكم يوم السبت 25 فبراير/شباط 2012، ووصل مساء 11 مارس/آذار 2012 إلى العاصمة القطرية الدوحة في أول رحلة له خارج إسبانيا.
عبد الله الشامي
صحفي مصري ولد في الخامس من مايو/أيار 1988، عمل مراسلا لشبكة الجزيرة في نيجيريا، وتنقل منها ليغطي معظم الأحداث في وسط وغرب أفريقيا.
في أواخر يونيو/حزيران 2013 وصل الشامي إلى القاهرة لتغطية الأحداث التي أعقبها عزل الرئيس محمد مرسي، حيث شارك في تغطية اعتصام مؤيدي مرسي في ميدان رابعة العدوية، ثم ما لبث أن اعتقل يوم 14 أغسطس/آب 2013 أثناء تغطيته مجزرة فض الأمن لاعتصام ميدان رابعة العدوية، وفي 16 من الشهر ذاته عرض على نيابة قسم شرطة مدينة الشروق شرق القاهرة.
جدد حبسه مرات عديدة دون توجيه تهمة محددة له، ورفضت النيابة العامة الإفراج عنه، مما جعله يقرر خوض إضراب عن الطعام في 21 يناير/كانون الثاني 2014، لكن السلطات المصرية لم تبال بالأمر، فجددت حبسه ومنع من الخروج من حبسه، مما أثار مخاوف على صحته.
في 16 يونيو/حزيران 2014 قرر النائب العام المصري هشام بركات الإفراج عن الشامي بعد قبول التظلم المقدم من هيئة الدفاع عنه.
باهر محمد
صحفي مصري يعمل في قناة الجزيرة الإنجليزية، اعتقلته قوات الأمن المصرية أواخر ديسمبر/كانون الأول 2013 إلى جانب زميليه محمد فهمي وبيتر غريستي، وحُكم عليه في يونيو/حزيران 2014 بالسجن عشر سنوات.
وجهت له عدة اتهامات من أبرزها الانتماء لجماعة الإخوان المسلمين -التي صنفتها السلطات المصرية الجديدة تنظيما إرهابيا- وتكدير السلم العام، ومساعدة المتهمين المصريين على ارتكاب جرائمهم من خلال إمدادهم بمواد إعلامية ونشرها.
وخلال 12 جلسة محاكمة استمرت ستة شهور، لم تتضمن اللائحة التي قدمتها النيابة -بحسب محامي المتهمين- أي دليل حسّي قاطع يدين صحفيي الجزيرة، ولم تتضمّن سوى فيديوهات من قنوات غير الجزيرة وتسجيلات صوتية رديئة الجودة وغير مفهومة.
أخلي سبيله يوم 12 فبراير/شباط 2015.
بيتر غريستي
صحفي أسترالي عمل مراسلا لقناة الجزيرة الإنجليزية، ولد في الأول من ديسمبر/كانون الأول 1965 في مدينة سيدني الأسترالية، وعرف بشغفه بالرياضة.
نال عدة جوائز على تغطيته الموسعة لأخبار القارة الأفريقية، ومنها جائزة عن فيلمه الوثائقي عن الشأن الصومالي. بالإضافة إلى عمله الصحفي، اهتم غريستي بالأدب، حيث ألف كتابا للأطفال عن قصة العلاقة بين حيوان وحيد القرن وسلحفاة عملاقة، وكان من أكثر كتب الأطفال مبيعا.
اعتقل بيتر غريستي في مصر مع زميليه باهر محمد ومحمد فهمي في ديسمبر/كانون الأول 2013، وحُكم عليه في يونيو/حزيران 2014 بالسجن سبع سنوات. أُخلي سبيله يوم 1 فبراير/شباط 2015 بعد أن قضى أربعمئة يوم في السجن، ورُحل إلى بلاده.
محمد فهمي
صحفي مصري يحمل الجنسية الكندية، عمل في قناة الجزيرة الإنجليزية. اعتقلته قوات الأمن المصرية أواخر ديسمبر/كانون الأول 2013 إلى جانب زميليه بيتر غريستي وباهر محمد، وحُكم عليه في يونيو/حزيران 2014 بالسجن سبع سنوات، قبل أن تُخلي محكمة جنايات القاهرة سبيله يوم 12 فبراير/شباط 2015.