الكونغو الديمقراطية.. بلد النزاعات العرقية المتجددة
جمهورية الكونغو الديمقراطية، إحدى دول وسط القارة الأفريقية، استعمرتها بلجيكا أواخر القرن الـ19، حصلت على الاستقلال عام 1960 باسم جمهورية الكونغو، وعام 1971 تحوّل اسمها إلى زائير، ثم إلى جمهورية الكونغو الديمقراطية ابتداء من عام 1997.
مع مطلع عام 2024 تصاعد النزاع شرقي الكونغو بين الجيش الحكومي والجماعة الإثنية المعروفة بـ"التوتسي" المدعومة من رواندا، وهو امتداد لنزاع شهدته البلاد في النصف الثاني من حقبة التسعينيات من القرن الـ20، وتجدد خلال العقدين الأولين من القرن الـ21، ويعد أحد أكثر النزاعات دموية في أفريقيا.
المعلومات الأساسية
الاسم الرسمي: جمهورية الكونغو الديمقراطية.
الاسم المختصر: الكونغو الديمقراطية.
العاصمة: كينشاسا.
اللغة الرسمية: الفرنسية، إلى جانب لغات أخرى متداولة هي اللينغالا (لغة أفريقية تجارية)، والكينغوانا (لهجة سواحلية)، والكيكونغو، والتشيلوبا.
النظام السياسي: جمهوري.
تاريخ الاستقلال: 30 يونيو/حزيران 1960.
العملة: الفرنك الكونغولي.
المساحة: 2.344.858 كلم مربع.
المناخ: استوائي.
الجغرافيا
الموقع: تقع الكونغو الديمقراطية وسط القارة الأفريقية، وتتاخمها جمهورية الكونغو وجمهورية أفريقيا الوسطى وجنوب السودان وأوغندا ورواندا وبوروندي وزامبيا وأنغولا، كما تطل من شريط ضيق على المحيط الأطلسي.
الموارد الطبيعية: مجموعة من المعادن على رأسها الألماس والذهب والنفط والفضة والزنك والفحم والخشب.
السكان
التعداد: قرابة 99 مليون نسمة حسب معطيات البنك الدولي لسنة 2022.
نسبة النمو: 3.2% عام 2020.
التوزيع العرقي: يتكون المجتمع الكونغولي من نحو 200 عرقية، أهمها المونغو واللوبا والكونغو، وجميعها تنحدر من مجموعة البانتو، إضافة إلى مانغبيتو أزنداي.
الديانة
يمثل الكاثوليك نحو 50% من الشعب الكونغولي، والبروتستانت 20%، والمسلمون 10%، فيما يعتنق 20% الباقون ديانات أخرى محلية مختلفة.
الاقتصاد
منذ الاستقلال عانت الكونغو حالة من عدم الاستقرار مع انتشار الفساد، مما تسبب في إضعاف اقتصاد البلاد حتى أصبحت على حافة الإفلاس خلال التسعينيات من القرن الـ20.
ورغم أن الكونغو استعادت استقرارها نسبيا مطلع الألفية فإنها ظلت تعاني من تبعات الحرب واستشراء الفساد.
وحسب إحصاءات البنك الدولي، فقد بلغ الناتج المحلي الإجمالي 64.72 مليار دولار عام 2022 والناتج الفردي السنوي 653.70 دولارا.
وبلغت نسبة النمو 8.90% ونسبة البطالة 5%، كما بلغ الدين الخارجي 14.6 مليار دولار في العام نفسه 2022.
أهم المنتجات المحلية: الألماس والمعادن والزنك والمنسوجات والبن والسكر وزيت النخيل والشاي والقطن والكاكاو.
التاريخ
تشير المصادر التاريخية إلى تمركز التجمعات البشرية في حوض الكونغو منذ آلاف السنين، وفي العصر الحديث توزعت السيطرة على المنطقة بين ممالك الكونغو وأزاندي ولوبا ولوندا، وهي دول حكمتها أنظمة قائمة على الزعامة الرمزية والعشائرية.
وكانت المنطقة مستهدفة من تجار الرقيق في القرنين الـ16 والـ17، مما فاقم حالة من عدم الاستقرار ترافقت مع انتشار المجاعة في الشرق وتفاقم الصراع على السلطة والنفوذ بين الممالك.
وبموجب مؤتمر برلين 1884، أصبحت الكونغو امتيازا خاصا لملك بلجيكا ليوبولد الثاني، فجعلها ضمن ملكيته الخاصة وأطلق عليها اسم دولة الكونغو الحرة، ثم تنازل عنها عام 1908 لتصبح الكونغو البلجيكية.
الاستقلال
حصلت الكونغو على استقلالها عن بلجيكا يوم 30 يونيو/حزيران 1960 باسم جمهورية الكونغو، وأصبح جوزيف كازافوبو رئيسا للجمهورية وباتريس لومومبا رئيسا للوزراء، ولم تطل حالة الاستقرار فسرعان ما شهدت البلاد حربا أهلية في إقليم كاتنغا المطالب بالانفصال، ووصل عدد ضحاياها إلى نحو 100 ألف شخص.
وبعد أقل من عام عن الاستقلال نفذ قائد الجيش جوزيف موبوتو انقلابا عسكريا وأعاد السلطة إلى المدنيين، وأصبح يوصف بأنه الحاكم الفعلي للكونغو.
يوم 25 نوفمبر/تشرين الثاني 1965 نفذ موبوتو انقلابا عسكريا ثانيا، فبدأ نظام الحزب الواحد واتخذ قرارات عدة، من بينها فرض التخلي عن الأسماء المسيحية الأوروبية، فغير اسمه إلى موبوتو سيسي سيكو، ثم غيّر اسم البلاد لتصبح زائير ابتداء من عام 1971، ورغم قراراته المثيرة للجدل فإنه حاز على دعم ومناصرة أميركا وعدد من الدول الغربية، خصوصا مع صراع بلاده مع رواندا.
الحرب الكونغولية
عام 1996 دعمت رواندا المتمردين الكونغوليين في الجنوب الشرقي للبلاد، وقادت غزوا للإطاحة بالرئيس موبوتو على وقع أحداث إبادة في شرق البلاد تعرضت لها إثنية التوتسي الكونغولية.
وفضلا عن الأزمة الناتجة عن صراع الهوية الكونغولية ومجموعة التوتسي الموجودة أيضا في رواندا فإن الواقع الاقتصادي للبلاد واستشراء الفساد والنظام الدكتاتوري أسهم في اندلاع التمرد.
وانتهى الغزو بهروب موبوتو إلى المغرب وتولي زعيم المتمردين التوتسي لوران كابيلا حكم البلاد في 17 مايو/أيار 1997 فأعاد تسميتها من جديد لتصبح جمهورية الكونغو الديمقراطية، وعرفت هذه الأحداث بحرب الكونغو الأولى.
وبعد توليه السلطة سرعان ما توترت علاقة كابيلا مع حلفائه في رواندا وأوغندا الذين أسهموا في وصوله إلى الحكم، مما أدى إلى اندلاع حرب جديدة عام 1998 دعمتها أميركا وشاركت فيها دول عدة قادتها رواندا، واستمرت الحرب حتى عام 2003 وعرفت بحرب الكونغو الثانية.
وتشير بعض التقديرات إلى أن عدد ضحايا الحرب الكونغولية وصل إلى نحو 6 ملايين شخص، مما جعلها أحد النزاعات الأكثر دموية بعد الحرب العالمية الثانية.
من كابيلا إلى تشيسيكيدي
خلال المرحلة الثانية من الحرب الكونغولية اغتيل الرئيس لوران كابيلا في 16 يناير/كانون الثاني 2001 فخلفه ابنه جوزيف كابيلا الذي سعى إلى إنهاء الحرب من خلال عقد اتفاقيات سلام مع المتمردين وعيّن قائدي أبرز فصيلين متمردين في منصب نائب الرئيس، وقاد مرحلة انتقالية تمهيدا لانتخابات رئاسية.
عام 2006 فاز جوزيف كابيلا في الشوط الثاني من الانتخابات الرئاسية، وأدى رفض منافسه جان بيير بيمبا النتائج إلى مواجهات دامية انتهت باعترافه بها أخيرا، ثم تعرض للملاحقة القضائية في بروكسل، فأوقف بتاريخ 24 مايو/أيار 2008 وحوكم بتهمة ارتكاب جرائم ضد الإنسانية.
أما كابيلا فقد استقر له الحكم، وفاز في انتخابات أخرى عام 2012، وفي انتخابات 30 ديسمبر/كانون الأول 2018 فاز مرشح المعارضة فيليكس تشيسيكيدي بحصوله على 38.57% من أصوات الناخبين مقابل 34.8% لمنافسه المعارض مارتن فايولو، فيما حصل إيمانويل رمضاني شاداري المرشح المدعوم من جوزيف كابيلا على نسبة 23.8% فقط من الأصوات.
ويعتبر انتقال السلطة من كابيلا إلى تشيسيكيدي حدثا تاريخيا في الكونغو، إذ يعد الانتقال السلمي الأول للسلطة في البلاد، فقد اغتيل أول رئيس للوزراء باتريس لومومبا عام 1961 والرئيس لوران كابيلا عام 2001، كما أزيح الرئيس جوزيف كازافوبو بانقلاب عسكري عام 1965 من طرف موبوتو الذي اضطر عام 1997 إلى مغادرة البلاد بعد حرب أهلية مدعومة من الخارج.
وفي انتخابات ديسمبر/كانون الأول 2023 أعلنت الهيئة العليا للانتخابات فوز تشيسيكيدي بولاية ثانية مدتها 5 سنوات بحصوله على 73.34% من أصوات الناخبين، وسط عاصفة من احتجاجات المعارضة وفي أعقاب "تصويت فوضوي" وانتقادات من قبل المراقبين المحليين والدوليين.
حرب أهلية متجددة
في 22 فبراير/شباط 2024 وجهت الولايات المتحدة الأميركية تحذيرا إلى كل من الكونغو ورواندا، ودعتهما خلال اجتماع طارئ لمجلس الأمن الدولي إلى تجنب الصراع، وذلك في وقت شهد شرق الكونغو حالة من التوتر بسبب الصراع في إقليم ماسيسي شرق البلاد بين الجيش ومتمردي حركة "إم 23".
يشار إلى أن حركة "إم 23" تأسست عام 2012 وضمت مقاتلين من التوتسي يرفعون شعار الدفاع عن هذه الإثنية باعتبارها مهمشة ومهددة من طرف الحكومة المركزية في كينشاسا، وتتهم الحكومة الكونغولية دولة رواندا بدعم هذه الحركة.