لعنة المثالية.. حين يصير السعي إلى الكمال مرضًا

ما يجب أن تعرفه

هو ليس إحساسًا عابرًا ذلك الذي يلح على فئة بعينها بأن ما تبذله من مساعٍ ليس كافيًا أبدًا، كل إنجاز يُنظر إليه بعين النقص عوضًا عن الكمال أو الرضا والقبول، كل عمل لا بد أن يكون متقنًا مدققًا، ممتثلًا لمقاييس ذاتية صارمة وضعها الشخص لنفسه. وبقدر ما تجتذب تلك المثالية نجاحات متوالية، فإنها عند حد ما قد تصبح في تطرفها مبعثًا للإرهاق والتسويف ونقد الذات ووضعها محل مقارنة بشكل دائم.

 

الكمالية (Perfectionism) إذن هي سمة شخصية يرمي صاحبها إلى الكمال ونفض العيوب وأوجه القصور ابتغاء الوصول إلى إنتاجية كاملة، بوضع معايير بالغة للأداء، يصحبها تقييمات نقدية مبالغة للذات ومخاوف من تقييمات الغير. تتجلى في وصف "إيلينا ميلر"، وهي طبيبة نفسية(1) (2): "مكنتني مساعيَّ إلى الكمال من الحصول على معدل مرتفع في جميع مراحلي المدرسية، والالتحاق بجامعة هارفارد، والتخرج من كلية الطب بمرتبة الشرف. ساعدتني على التفوق إلى حد كبير في أي مما وضعته نُصب عيني، لكنها كانت هناك أيضًا لتهمس لي أن جميع هذه الإنجازات لم تكن كافية، وأن علي أن أبذل جهدًا أكبر وأن أفعل المزيد لأكون أفضل، لم تتح لي الكمالية قط الاستمتاع بأي من نجاحاتي، كان عليّ دائمًا أن أنتقل إلى الأمر التالي".

وقد يعكس التعبير عن المثالية ضميرًا حيًّا "conscientiousness"، فالأشخاص الذين يتّصفون بيقظة الضمير لا يقبلون بما هو أقل من المثالي في تحقيق أهدافهم، فهُم يرفضون -أو يقبلون بتردد- الأداء الضعيف حتى في المواقف الخارجة عن نطاق سيطرتهم كالإصابة بالأمراض. وغالبًا ما يظل هؤلاء الأفراد غير قادرين على التغيير أو المساومة، فهم لا يتسمون بالمرونة، أو أنهم لا يشعرون بالاستمتاع عند بذلهم المجهود، فالخوف قد يكون الدافع الذي يحفزهم نحو المثالية. فالأفراد الطبيعيون ممن يسعون نحو المثالية باعتدال هم أكثر مرونة، ويستطيعون التكيف مع الظروف التي يتطلبها الموقف المحيط بهم.(3) (4)

طرحت عدة أبحاث سؤالًا محوريًّا: هل تعيننا المثالية على تحقيق أداء أفضل في العمل؟ وعليه حلل باحثون 95 دراسة فحصت العلاقة بين السعي إلى الكمال والعوامل التي تؤثر على إنتاجية الموظفين. شملت هذه الدراسات ما يقرب من 25 ألف فرد في سن العمل. أتت الإجابة أن ذلك السعي بشكل هادف ومتسق يثمر العديد من النتائج المفيدة في بيئة العمل، إذ يكون المثاليون أكثر تحفيزًا في الوظيفة ويعملون لساعات أطول، لكنهم يكونون عرضة للإجهاد وإدمان العمل والقلق والاكتئاب(5). لتُظهر نتائج فحص أدق أن الأداء والكمال لا يرتبطان ببعضهما بعضًا، فالكماليون ليسوا أفضل أو أسوأ أداءً من غير المثاليين.

 

وجد تحليل لـ284 دراسة أن المستويات العالية من الكمالية قد اتصلت بالاكتئاب والقلق واضطرابات الطعام وإيذاء النفس المتعمد والوسواس القهري(6). كما أن الضغط المستمر للسعي لتحقيق المثالية يمكن أن يترك الأشخاص مجهدين ويعانون من الصداع والأرق.

لماذا يلتمس الإنسان الكمال في كل ما يفعل؟

تتجذر العديد من نزعات الكمال في الخوف وانعدام الأمن، ومن الضغوط الداخلية، كالرغبة في تجنب الفشل أو الحكم القاسي، بيد أنه من المحتمل أن يكون هناك مكون اجتماعي، إذ يُعتقد أن المنافسة الأكاديمية والمهنية الأكبر تلعب دورًا، إلى جانب الانتشار الواسع لوسائل التواصل الاجتماعي والمقارنات الاجتماعية الضارة التي تسببها. يشعر العديد من الساعين إلى الكمال بالقلق من أنهم إذا تخلوا عن الدقة والضمير فسوف يضر ذلك بأدائهم ومكانتهم، ولذا فهم يتشبثون بكمالهم وإن أدى إلى تداعيات وخيمة.

 

للنشأة دور لا يستهان به، فبوجود والد/ة يُظهر سلوكًا مثاليًّا أو رافضًا تجاه مجهودات طفله، سينصب -عن قصد أو دون تعمد منه- الكمال كمعيار تعاقب فيه الأخطاء بشدة أو إساءة، كالصراخ والإهانة والتعنيف النفسي والبدني والاختصام، ليُنقل إلى الطفل -بالأقوال أو بالأفعال- أنه لن يتم التسامح مع الأخطاء(7).

ولأن لدى الصغار نزعة قوية في إرضاء البالغين -وإن كانوا مسيئين- والتوكل عليهم، فإنهم يقومون ببناء قيمتهم الذاتية على أساس ذلك. فإذا أخبر شخص بالغ طفلًا صغيرًا أنه ليس ذكيًّا كفاية أو أنه بدين أو غير موهوب، فسوف يستوعب الطفل هذه الرسالة ويأخذ بصحتها ويستمر في البحث عن دليل داعم لتلك النظرة.

 

يرعى آباء آخرون ناجحون وحانون أطفالًا يشيدون بهم بشكل مفرط على ما ينجزون عوضًا عن جهودهم أو تقدمهم. فيصبح الكمال مجملًا وسيلة لكسب القبول والحب والثناء والاستجابة لتلك التوقعات، وأحيانا يكون دفاعًا يتخذه الفرد من منزل غير آمن، وهنا يؤدي الحصول على درجات عالية أو اتباع نظام غذائي مقيد إلى خلق إحساس بالتحكم في مجريات الأمور.

 

لا يقتصر الأمر على الأسرة أو الوالدين فحسب، فبعض الثقافات والمؤسسات -مثل المدارس- تعمل على تعزيز عقلية الكمال، من خلال تبنيها معيارًا صارمًا للجدارة يكون فيه أي شيء أقل من ذلك هو فشل أو علامة على عدم الكفاءة المتأصلة(8)، على سبيل المثال:

في أعوامها الأولى في المدرسة، عادت زينب من المدرسة إلى المنزل باكية بعد أن رأت أنها تلقت علامة (A-). نضجت الفتاة وهي تتلمس طريقة للحصول على المصادقة والحب من أفراد الأسرة والمعلمين من خلال أن تحقق نتائج عالية. لذلك بالنسبة إلى زينب، فإن (A-) هو فشل لها على جميع الصُّعد في تحصيل ما سبق. عندما تقدم العمر قليلًا بزينب، رأت في النجاح وسيلة للتواصل مع والدها على المستوى العاطفي، فالأوقات الوحيدة التي بدا لها فيها مهتمًّا بها حقًّا كانت عندما نجحت في شيء ما، مثل الحصول على درجة جيدة.

 

 

يعد نوع التربية الذي يركز فيه الآباء والأمهات على النجاح الذي اختبرته زينب هو الأكثر شيوعًا. فطبقا لسيمون شيري، عالم النفس الإكلينيكي والأستاذ في جامعة دالهوزي، فإن الأطفال يتوقون إلى الحب الذي لا يتوقف على نتائج الرياضيات أو الأداء في لعبة كرة القدم، لكن الكثير من الآباء اليوم ممتلئون بإحساس بالتنافسية التي قد يدفعونه إلى أطفالهم بالضغط عليهم.

يشبه التعاطي مع المثالية إلى حد ما طفلًا يرتعد من وحش وهمي قابع تحت فراشه. يتذكر معالج نفسي مريضة عرَّفت نفسها على أنها منشدة للكمال(7)، لتذكر عرضًا في لقائهما الأول أنها عندما كانت في الخامسة من عمرها، أرسلها والدها بعيدًا للعيش مع أقاربها أثناء قيامهم بإعداد انتقال الأسرة إلى الخارج. تذكرت لم شملها مع والدتها بعد الغياب، وذهلت بمظهرها الجميل. بعد ذلك، كرست حياتها أن تكون الابنة المثالية، لأمل داخلي في أنه فقط إن كانت مثالية فلن تفصل عن والدتها مرة أخرى.

يشير عالم النفس في جامعة يورك في كندا "جوردون فليت" إلى أن الفئة الأخيرة تؤذى بالأخص لارتباطها -باستمرار- بالمشكلات الصحية والعاطفية. إذ نشر يورك مؤخرًا ورقة تبحث في الأشخاص الذين يعانون من مشكلات صحية مزمنة مثل الألم العضلي الليفي أو مشكلات القلب، ليسجل واحد من كل أربعة منهم درجات عالية في الكمال الموصوف اجتماعيًّا.

ماذا أفعل كي أتجاوز مساعيَّ إلى الكمال؟

  • أولًا: تأكّد من طبيعة ما تُعاني منه

هل أنتَ مثالي أكثر من الّلازم حقًّا؟ إن لم تكن متأكّدًا بشأن ذلك، فلعلك تجد شيئًا من الإفادة في الإجابة عن الأسئلة التالية(9): هل أواجه صعوبة في تلبية المعايير التي أُلزِم نفسي بها؟ هل أشعر غالبًا بالإحباط أو القلق أو الغضب أثناء محاولتي إنجاز ما هو مطلوب مني؟ هل قيل لي إن توقعاتي مرتفعة للغاية؟ هل المعايير الخاصة بي تقف في طريقي؟ هل لدي هوس بالتفاصيل وأشعر بعدم الرضا الدائم عن منجزاتي؟ هل أضع مواعيد تسليم نهائية تفوق قدرتي؟ إذا أجبت بـ"نعم" على أي من هذه الأسئلة، فقد تواجه أزمة مع المثالية.

 

  • ثانيًا: فكّر بواقعية وكُن منصفًا مع نفسك

كبح نزعاتك المثالية ليس بالأمر الصعب كما يبدو. يشبه الأمر التخلي عن مقاييسك التي تزن بها الأمور والقفز من طائرة ثم إدراكك أنك لا تتخذ تدابير أمان وأنك متجرد من شبكة حماية، لا تظهر فيها الأرض على مد البصر. لن يحدث شيء سيئ حقًّا، لكنك لن تتعلم هذا حتى تحاول. تخبرك أليس بويز، أخصائية علم نفس إكلينيكي، أن هدفك هو التخفيف من الضغط عن نفسك. إذا كنت تريد حقًّا أن تكون شخصًا ذا إنجازات عالية، فلا بد أن تقوم ببعض الأشياء بشكل غير كامل وأن تركز على ما هو مهم.

 

اسأل نفسك: هل أستغل وقتي بحكمة؟ هل أنا منتج؟ يمكنك قضاء ثلاث ساعات إضافية في تقديم عرض تقديمي مثالي، ولكن هل يؤدي ذلك إلى تحسين التأثير على العميل أو مؤسستك؟ ماذا عن إعادة تقييم معاييرك؟ لنفترض مثلًا أنك تقوم بصياغة مذكرة مهمة لمؤسستك، فلتظهر جهودك لزميل أو مشرف في وقت مبكر، فقد تكتشف أنها جيدة بما يكفي بالفعل وأن تلك المهمة التي تعتقد أنها قد تستغرق 10 ساعات قد تستغرق خمس ساعات فقط، لا تخجل، إنها مسودتك الأولى، وحتى إذا كنت بحاجة إلى مواصلة العمل عليها فإن التعليقات التي تتلقاها ستساعدك على التحسن(10).

مساعيك إلى الكمال هي أقرب إلى حد ما من التجول في رحلة بلا هدف. تواصل المسير، لكنك لست متأكدًا من أنك تقترب أكثر من وجهتك.

نظرًا لأن المتطلعين إلى الكمال غالبًا ما ينتقدون أنفسهم بشدة، فإن إحدى الطرق الأكثر فاعلية للتغلب على المثالية هي استبدال الأفكار الناقدة للذات أو المثالية بعبارات أكثر واقعية ومفيدة، كترديد هذه العبارات بانتظام، وإن لم تكن مقتنعًا تمامًا بها، فإن التكرار الكافي سيحول الأفكار الإيجابية الواقعية إلى عادة ويساعد على التخلص من الحديث السلبي عن النفس. وفيما يلي بعض الأمثلة على التصريحات الإيجابية الواقعية:

"لا أحد كامل"

"كل ما يمكنني فعله هو أفضل ما لدي"

"ارتكاب خطأ لا يعني أنني أحمق أو لست جديرًا كفاية"

"إذا اخطأت فهذا يعني فقط أنني مثل أي شخص آخر، بشر. الجميع يرتكب أخطاء"

"لا بأس ألا تكون لطيفًا طوال الوقت، كل شخص يمر بيوم سيئ في وقت ما"

"لا بأس إن كان بعض الأشخاص لا يحبونني، لا أحد يحبه الجميع"

  • ثالثًا: أنشئ قائمة تحقق واكسر الحلقة المُفرغة

مساعيك إلى الكمال هي أقرب إلى حد ما من التجول في رحلة بلا هدف. تواصل المسير، لكنك لست متأكدًا من أنك تقترب أكثر من وجهتك. وبالمثل، تريد مواصلة العمل في مهمة بعينها، ولكن النتيجة النهائية نادرًا ما تكون مُرضية. لذلك يوصى بإنشاء قائمة تحقق لكل مهمة. لنفترض أنك تعمل على عرض تقديمي مهم للعميل، قد يقلق الشخص المثالي بداخلك من اختيار الخط ويتصبب عرقًا في كل فاصلة منقوطة، ولكن من خلال قائمة التحقق التي تذكرك بتأكيد أنك أديت الأمور بشكل صحيح وأنك تخلصت من أخطاء التحرير الأساسية، فإن ذلك كفيل بمدك بلمحة من الأمان.

 

تستقطب المثالية ميلًا إلى الاجترار، ألا وهو الاهتمام المركز على ضائقة بعينها، أسبابها ونتائجها المحتملة، دون التفكير في حل لها. يسبب ذلك قلقًا عارمًا للشخص قد يجعل منه غير منتج. لعل الخطوة الأولى في التغلب على هذه العادة هي تعلم كيفية التعرف عليها باكتشاف ما الذي يثير تلك الشواغل، وأين ومتى تسيطر عليك. فكر في الطرق التي يمكنك من خلالها الابتعاد عن تلك العوامل أو التحكم فيها.

 

لا تثق برد فعلك الأول، لأنه حتمًا سيميل إلى التركيز على كل الأشياء السيئة، حاول جاهدًا أن تحصل على وجهة نظر، وامنح نفسك الوقت والمسافة قبل اتخاذ أي إجراء. قد يصوره عقلك بشكل مضخم خلافًا لما هو عليه. اصرف انتباهك على إلهاء ما يمتص القلق، وفكر بإيجابية. غالبًا ما يؤدي اجترار الأفكار إلى تجنب مهام معينة، لما ينطوي عليه من تحد. فكر في النجاحات التي حققتها، من خلال تذكير نفسك بالمسارات التي أدت إلى إنجازاتك وستتمكن من رؤية أنك حققت نتيجة ذات مغزى(11).

 

  • رابعًا: اعدل عن سلوكياتك المثالية

ما لديك يقترب من كونه رهاب ارتكاب الأخطاء أو عدم الكمال. واجه مخاوفك تدريجيًّا بحيل متعمدة ترتكب فيها الأخطاء تباعًا. تتضمن هذه التقنية وضع نفسك تدريجيًّا في مواقف عادة ما تتجنبها خوفًا من ألا تسير الأمور على ما يرام. تذكر فحسب: في أسوا الافتراضات، اعتبر الفشل فرصة للتعلم.

فيما يلي بعض الأمثلة لمساعدتك تطبيقات عملية لتقبّل واقع الحياة:

مارس ذلك مرارًا وتكرارًا إلى أن يدركك شعور بالراحة في ارتكاب الأخطاء. لا تثبط عزيمتك إن لم يقلّ قلقك على الفور، فذلك أمر طبيعي ومتوقع. استمر في المحاولة وكررها، وتعرض للضوء بقدر ما تستطيع.

 

  • خامسًا: تعلّم الاستغراق في اللحظة الراهنة

لعلك دائمًا على أهبة الاستعداد للتصدي لأي مشاعر قلق. يمكن أن يعينك ذلك على ملاحظة المشكلات والتعجل في الاستجابة لها، ولكنه أيضًا قد يقيدك، فالمشكلات لا تنفد. لذا، بدلًا من الرد الانعكاسي على كل ما يزعجك، تدرب على تحمله دون التصرف، فالضيق جزء لا مفر منه من الحياة. افحص ما تشعر به في بدنك، وما أنماط التفكير التي يجلبها. تدرب على ذلك مع المشكلات الأصغر، ثم انتقل إلى المشكلات الأكبر.

أعد توجيه انتباهك إلى اللحظة الحالية، مارس التأمل، اجلس يوميًّا بنيّة التركيز في نفسك. عندما يأخذك عقلك إلى مكان آخر، أعِد توجيه انتباهه مرة أخرى. أَوْلِ تركيزك للأنشطة اليومية، كقيادة السيارة وتناول الإفطار وجلي الأطباق، أو كل ما يصفي ذهنك من الرياضة أو هواية بعينها أو قضاء وقت مع الأصدقاء والعائلة. كل لحظة تنخرط فيها في الحاضر هي لحظة لا تنتقد فيها بشدة نفسك أو الآخرين، ولا تفكر في كل ما تحتاج إلى إنجازه، ولا تخبر نفسك أن سعادتك رهينة بشيء ما معلق بالمستقبل.

 

  • سادسًا: لا تخشَ أن تبدو هشًّا أو ضعيفًا

أرخِ دفاعاتك ومحاولتك لأن تبدو متماسكًا طوال الوقت، لا تفوت فرصة أن تكون ضعيفًا، وأن تكون صادقًا بشأن مخاوفك وعيوبك، وأن تتواصل مع أشخاص آخرين على هذا المستوى الأعمق. قد تخشى أن يشعر الناس بعدم الارتياح تجاه شفافيتك، أو أن يجعلك ذلك تشعر بالحمق لاعترافك بالحاجة إلى المساعدة، لكن معظم الأفراد سيشعرون بالارتياح لرؤية أنك مثلهم تمامًا، وبالسعادة لأنهم قادرون على التواصل معك ومساعدتك.

 

قد تجد أنه من المفيد التحدث إلى شخص ما عن الكمالية، يمكن أن يكون هذا الشخص مديرًا متفهمًا أو صديقًا، أو شقيقًا أو مرشدًا، أو زوجًا. كن منفتحًا. أخبر هذا الشخص أنك تعمل على التحسن، وأن يبلغك متى كنت صعب المراس حول أمر ما. أخبره أنك قد تكون دفاعيًّا، لكنك تعده بالتفكير فيما يقوله، وتأكد من الوفاء بهذا التعهد.

 

بينما تعمل على ذلك، يوصى بإجراء مراجعة أسبوعية تفكر فيها في تقدمك. حاول الحصول على مسافة نفسية واسأل نفسك: "هل كان هناك أي شيء تجنبه هذا الأسبوع خوفًا من ارتكاب الأخطاء؟ هل كانت هناك أشياء لم يكن فيها كمالي يستحق العناء؟ هل كانت هناك أوقات هذا الأسبوع عندما اتخذت إجراءً، رغم شعوري بعدم اليقين، وانتهى بي الأمر بتحريك الأمور إلى الأمام؟ تذكر أن هدفك هو أن تتعلم أين يكون للكمالية تأثير إيجابي وأين لا يكون كذلك، وأن كل الأشياء تستغرق وقتًا لإتقانها، فحتى هذا المقال لم يكتب إلا بعد أن حذفت مسودات عديدة.

 

أدوات ستساعدك

  • فيديو: لماذا يصاب الكماليون بالاكتئاب؟

يثير الدكتور "كيث جاينور"، كبير أخصائيي علم النفس الإكلنيكي سؤالًا جوهريًّا: "لماذا يصاب الكماليون بالاكتئاب؟"، مغطيًا في هذا المقطع المرئي ماهية الكمالية، والأمثلة الشائعة عنها، والخطوات الصغيرة التي يمكننا اتخاذها لنكون سعداء بالأشياء التي نحققها.

 

  • كتاب: قلق السعي إلى المكانة

في الشأن نفسه تقريبًا، يطرح الكاتب والفيلسوف البريطاني "آلان دي بوتون" في كتابه "قلق السعي إلى المكانة"، الذي ترجمه للعربية "محمد عبد النبي"، مسألة تتمثل في سعينا الحثيث لأن نكون موضع حب وتقدير، ملمًّا بجوانب تتصل بعلة وتاريخ تفوق تلك الحاجة على أي شيء آخر، واعتماد صورتنا الذاتية على ما يراه الآخرون فينا، متسائلًا عن مدى التضحيات التي نقدمها في سعينا نحو المكانة.

 

_________________________________________________________________________

المصادر

  1. The Curse of Perfectionism (And What to Do About It), Elana Miller (2013
  2. Perfectionism, GoodTherapy (2019)
  3. Signs You May Be a Perfectionist Elizabeth Scott (2022)
  4. This Is What Perfectionism Really Looks Like, Jamie Varon (2014)
  5. Perfectionism is killing us, Christie Aschwanden (2019)
  6. The Pros and Cons of Perfectionism, According to Research, Brian Swider, Dana Harari, Amy P. Breidenthal, Lauren Bujold (2018)
  7. Perfectionism is killing us, Christie Aschwanden (2019)
  8. Self-oriented and socially prescribed perfectionism: Differential relationships with intrinsic and extrinsic motivation and test anxiety, Joachim Stoeber, Alexandra R. Feast (2009)
  9. How to Manage Your Perfectionism,Rebecca Knight (2019)
  10. When Perfect Isn’t Good Enough: Strategies for Coping with Perfectionism by M. M. Antony & R. P. Swinson (New Harbinger Publications)
  11. Never Good Enough: How to Use Perfectionism to Your Advantage without Letting It Ruin Your Life by M.R. Basco (Simon & Schuster)
  12. Perfectionism: What’s Bad about Being Too Good? By M. Adderholdt-Elliott, M. Elliott, & J. Goldberg (Monarch Books)
المصدر : الجزيرة