حديث الثورة

دراما رمضانية.. أنا أزيّف إذن أنا موجود

ناقش برنامج “حديث الثورة” مدى تأثر الدراما والبرامج الرمضانية هذا العام بالواقع السياسي المتأزم في بلدان الربيع العربي، وطبيعة علاقة المبدع والفنان بنظم الحكم، والمواقف السياسية المتغيرة.

رغم الأوضاع الاقتصادية الصعبة, أنفق في مصر هذا العام قرابة ثلاثة مليارات جنيه على إنتاج دراما تلفزيونية تعرض في شهر رمضان الحالي، ولم تغب عن الأعمال رسائل سياسية تصب في اتجاه دعم نظام السيسي.

النظام السوري بدوره لم يكن بعيدا عن استغلال الأعمال الدرامية والبرامج التلفزيونية في إطلاق رسائل سياسية وإسقاطات تتعلق بالوضع الراهن في البلاد.

تساؤلات ما زالت تطرح عن طبيعة علاقة المبدع والفنان بنظم الحكم، والمواقف السياسية المتغيرة، وعن مدى تأثير مثل هذه الأعمال في الجمهور، وعن سبل مواجهة ما تتضمنه من افتئات على الحقائق والتاريخ.

توظيف السلطة
من لوس أنجلوس قال الممثل السينمائي السوري جهاد عبدو إن السلطة القمعية تحاول دائما توظيف الفن حتى تظهر للعالم كم هي سلطة متنورة.

وأشار خلال مشاركته في حلقة الجمعة (17/6/2016) من برنامج "حديث الثورة" إلى أن هذا ما كان يفعله النظام قبل الثورة، أما بعدها فقد أصبح يضغط أكثر لفرض رؤيته، خصوصا أن الأموال -سواء في القطاع الخاص أو العام- تدار من المتحكمين بالسلطة للقيام بما يمكن تسميته "تجارة الحروب".

فقبل الثورة -يواصل- كان كتاب الأعمال الفنية يناورون حول الضغوط الرقابية، أما بعدها فهناك ما يمكن وصفه بوضوح أنه تشويه متعمد للحقائق ظنا أن الجمهور يمكن أن ينطلي عليه الأمر.

تشويه الثورة
ومن إسطنبول لاحظ الممثل ومقدم البرامج المصري أيمن الباجوري أن الدراما المصرية عادت إلى الأعمال الاجتماعية حتى تقول إن الوضع مستتب بعدما أدت في الموسم السابق دورها في تشويه شباب الثورة وتشويه التيار الديني.

ووفقا له فإن النظام يستهدف القول إن الدين المطلوب كما يظهر في المسلسلات الرمضانية هو التصوف، وإن الشباب المحترم نقيض شباب الثورة "العاطل عن العمل".

ومن تونس قال أستاذ علم الاجتماع نور الدين العلوي إن هناك صورة عن رمضان تفيد يأنه شهر الاستهلاك. ومنذ بداية الثمانينيات عبر الفوازير والكاميرا الخفية، يعتقد منتجو البرامج أن الصائم يحتاج إلى الترويح عنه لتخفيف الصوم، وهذا يحوّل المشاهد إلى "حيوان استهلاكي" يجب ألا يبتعد عن هذه السلعة التي توفر فرصة للتربح.

إستراتيجية للتمييع
وحول برنامج "ألو جدة" الذي وضع عددا من الساسة والنشطاء في مواجهة اتصال مفتعل مع الرئيس المخلوع زين العابدين بن علي، قال العلوي إن الثورة التونسية تجابه إستراتيجية يقودها "غلمان بن علي" تبتغي تمييع الثورة.

وأضاف "عندما يقدم البرنامج صوت بن علي فإنما يريد تحويل الهارب واللص والمعتدي والقاتل إلى شخص ضعيف جدير بالشفقة، وعبر برنامج أو اثنين يصبح محل ترحاب مجددا".

أيمن الباجوري بدوره قال إن السلطة تعرف تأثير الدراما والبرامج التلفزيونية في تشويه الخصوم وتمجيد الحلفاء، مضيفا أن عشر دقائق تلفزيونية أكثر تأثيرا في الوعي من خطب جُمع على مدار سنوات.

جهاد عبدو رأى أن المسألة ليست وعي هذا الجمهور، إذ أصبحت اللعبة مكشوفة وأصبح الجمهور يعي تفاصيلها، بل المسألة في الجرأة على طرح الرأي بصوت عال.

فشل التزييف
من جانبه قال الكاتب الصحفي سليم عزوز إن الإعلانات التلفزيونية لا يمكن أن تساوي حجم الإنفاق، كما أن ثمة حديثا عما يشبه عمليات غسل الأموال، فتجد أن أحدا سقط بمظلة على عالم الفضائيات "دون أن نعلم مصادر هذه الأموال".

وواصل القول إن كثيرا من التزييف يجري عرضه للمشاهد، ومن ذلك ما حصل في مسلسل "المغني" الذي أساء إلى النوبة والنوبيين.

ويجادل عزوز بأن توظيف الدراما وغسل الأدمغة يعلن دائما عن فشله، فثمة لدى الشعوب حالة كمون ولا يمكن الركون إلى أنها بالفعل أذعنت، وإلا فإن الإسلام "المتحضر" الذي ساد قبل ثورة يناير عبر عمرو خالد وأمثاله فوجئ بأن الثورة هرعت إلى إسلام ثوري.

فنان محايد
في اليمن حيث شهد رمضان الحالي عرض أعمال درامية وبرامج متضادة بين الترويج للانقلابيين وأعمال تنتقدهم وتنتقد ما آلت إليه البلاد من أوضاع بالغة الصعوبة.

الفنان ومقدم البرامج محمد الربع قال إن الفنان اليمني حين يقف أمام ما تمر به بلاده لا يمكن أن يكون محايدا، فهو ليس حكم كرة قدم، وإنما أحد أفراد الشعب يناله ما ينالهم.

وخلص إلى أن عقد أي اتفاق سياسي يفيد الحركة الفنية، ويساعد على إيصال ثقافة السلام التي هي الأساس المفترض وليس ثقافة الحرب.