حديث الثورة

هل تعمل "هيئة الحقيقة والكرامة" التونسية دون منغصات؟

أيام قليلة وتبدأ “هيئة الحقيقة والمصالحة” التونسية فتح ملفات انتهاكات حقوق الإنسان خلال ستة عقود منذ عهد الحبيب بورقيبة حتى حكومات ما بعد الثورة، وسط تجاذبات سياسية وتحديات أمام عملها.

تبدأ "هيئة الحقيقة والكرامة" التي انتظرها التونسيون عملها اعتبارا من منتصف ديسمبر/كانون الأول الجاري، لفتح ملفات انتهاك حقوق الإنسان في البلاد منذ يوليو/تموز 1955 وحتى 31 ديسمبر/كانون الأول 2013.

أنشئت الهيئة بموجب قانون العدالة الانتقالية في الفترة التي أعقبت حكم الرئيس المخلوع زين العابدين بن علي وصادق عليها المجلس الوطني التأسيسي.

غير أن الهيئة -التي لديها أيام قليلة لتدشن عملها- وقفت أمام العديد من التجاذبات السياسية والتحديات حول قدرتها على الاستقلالية، في الوقت الذي يتهم فيه رموز وشخصيات بل وطيف سياسي بعينه بأنه امتداد لمرحلة ما قبل الثورة.

ويشير طرف مقابل انتقاده إلى وجود توجه انتقامي "مُسيّس". ويقول خالد الكريشي -أحد أعضاء الهيئة- في حلقة (11/12/2014) من برنامج "حديث الثورة" إن ما حصل من تجاذبات هو من نتاج المرحلة الانتقالية، وهي آلام الولادة في مجتمع لم يألف هذه المؤسسات ولم يسمع بها من قبل.

وأشار إلى أن قانون العدالة الانتقالية نتيجة وفاق وطني، وأن الهيئة لا تؤثر في التجاذبات السياسية ولا تتأثر بها، داعيا الجميع إلى أن يتركوا الهيئة تعمل، "وسوف تتأكدون أنها لا تُصفي حسابات مع أحد بل تسعى إلى تكريس العدالة".

أهداف الهيئة
أما الأكاديمي والباحث السياسي عبد السلام الككلي  فقال إنه لا أحد في تونس لديه المصلحة في الطعن بالهيئة، متسائلا: ما الحاجة إلى تعطيل عملها وهي التي تهدف أساسا إلى جبر ضرر المتضررين وإحياء الذاكرة الوطنية والمصالحة الوطنية التي لا يمكن أن تمر من دون المحاسبة؟

وأضاف أن من ارتكبوا جرائم بحق الناس في تونس كثر، وعلى كل الملفات أن تفتح، وأن كل حكومة قادمة مصيرها مرتبط بموقفها من عودة الاستبداد والتغول والاعتداء على القانون، وكل من يقف في وجه الهيئة فإنه يعيد إنتاج منظومة الفساد في العهود السابقة.

من ناحيته، نفى النائب عن حركة "نداء تونس" خالد شوكات أن يكون ثمة موقف مطلق من الهيئة تتبناه الحركة، بدليل أنها صادقت على ميزانية الهيئة باعتبارها هيئة دستورية.

لكن شوكات رفض ما سماها المزايدات السياسية، وقال إن حركة "نداء تونس" لديها فقط ملاحظات مفادها أن التجارب الانتقالية تسند مهمات كهذه إلى شخصيات مستقلة لا إلى ضحايا، حتى يضمن الجميع أن تكون هناك مسافة لتحقيق العدالة بعيدا عن المماحكات، حسب قوله.

من جانبه، قال أحمد الرحموني رئيس المرصد التونسي لاستقلال القضاء إن المشكلة لا تكمن في صلاحيات الهيئة، بل في البيئة التي ستعمل بها، إذ إنها تنطلق في الوقت الذي بدأت فيه تسويات وتوافقات ستجعل من الصعب على الهيئة أن تحقق الأهداف المثالية التي جاءت من أجلها.

وأفصح الرحموني عن مخاوفه حين قال "تحولنا من التحصين السياسي للثورة إلى تحصين النظام السابق"، معتبرا أن ذلك النظام جزء من موضوع المحاسبة.