خبراء: مقابر غزة الجماعية ترجمة لحرب إبادة وسياسة رسمية إسرائيلية
اتفق خبيران على أن المقابر الجماعية -التي بدأت تتكشف تباعا في قطاع غزة– هي نتيجة سياسة رسمية إسرائيلية ينفذها جيش الاحتلال، وسط انتقادهما تواطؤ دول غربية مع تل أبيب في حربها ضد الفلسطينيين.
وبحسب المدير العام لمؤسسة الحق، شعوان جبارين، فإن المقابر الجماعية في غزة تحولت إلى ظاهرة، وتشير إلى طبيعة الاحتلال الإسرائيلي، موضحا أن هذه الجرائم ليست مسبوقة خلال القرن الماضي وأكثر.
وأشار جبارين -خلال حديثه لبرنامج "غزة.. ماذا بعد؟"- الى أن طبيعة الاحتلال السيكولوجية والثقافية والأيديولوجية مجبولة بالجرائم ضد الإنسانية وجرائم الحرب.
ولفت إلى العبث الممنهج بالجثث والتنكيل بها، وحرب المستشفيات غير المسبوقة في التاريخ بمساحتها وشدتها واتساع نطاقها، مطالبا بالتحقيق بما يثار من سرقة أعضاء الشهداء وتبخر جثث وتحولها إلى رماد، من أجل معرفة المواد والأسلحة التي استخدمتها إسرائيل.
وشدد على أنه لم يكن هناك أي حرب ضد المستشفيات في أي صراع ونزاع في القرن الحديث "لذلك ما يحدث في غزة نتيجة سياسة رسمية، وليست ممارسة فردية لجنود الاحتلال".
وانتقد جبارين المعايير المزدوجة عالميا التي تغذيها العنصرية مشيرا إلى سقوط النظام الرسمي الدولي، في حين باتت المنظومة القانونية الدولية أمام امتحان عسير بشأن حرب الإبادة في غزة، متوقعا أنها ستدافع عن نفسها وستعبر هذا الامتحان.
واتهم الولايات المتحدة وبريطانيا وألمانيا بالتورط في جرائم الإبادة في غزة، رغم أنها دول أعضاء باتفاقية منع الإبادة، لافتا في الوقت نفسه إلى تحولات وأصوات ترتفع ليست للدفاع عن الفلسطينيين، وإنما للدفاع عن المبادئ والقيم والإنسانية.
"تدمير الوجود البشري"
من جانبه، يقول أستاذ العلوم السياسية بالجامعة الأميركية في باريس، الدكتور زياد ماجد، إن الحرب الإسرائيلية الحالية على غزة شهدت كثافة في الجرائم وبشاعتها خلال مدة زمنية قصيرة، وعلى بقعة جغرافية صغيرة بشكل يفوق ما حدث في البلقان والشيشان وسوريا.
وبين أن الاحتلال استخدم في حربه على غزة قوة نارية أعلى، موظفا التكنولوجيا من أجل تعميم الأضرار بالمدنيين والقتل والإعاقة الدائمة لتدمير مقومات الحياة "لذلك الحديث عن الإبادة في غزة بات حقيقة مكتملة".
وانتقلت إسرائيل من حروب التطهير العرقي في نكبة 1948 و1967 إلى حرب إبادة هدفها القضاء على مقومات الوجود البشري الفلسطيني، وليس السياسي فحسب، وفق ماجد.
وأشار إلى أن إسرائيل لديها إجرام طبي -مثل الحقبة النازية- إذ تحتفظ بجثامين الشهداء، وتسرق الأعضاء وتستخدم العلوم الطبية للمساهمة في التعذيب والقتل، مؤكدا أنها تخطت كل الحدود وتفوقت في الإجرام والبطش.
وتطرق إلى المحكمة الجنائية الدولية بعهد كريم خان، الذي قال إنه لم يتحرك للتحقيق في كثير من ملفات الحروب الإسرائيلية، مشيرا إلى أنه قد يكون تحت وطأة ضغوط حلفاء تل أبيب.
واتفق الأكاديمي زياد ماجد مع جبارين، إذ أقر بازدواجية المعايير الغربية "فهناك شعوب غير مرئية أو لديها حقوق"، مضيفا أن الأمر مرتبط بالعنصرية والنظرة للمنطقة التي لا تقيم اعتبارا للحقوق الإنسانية فيها.
ونبه إلى جيل جديد ورأي عام متحول في الغرب، رغم الرواية التي تبث على القنوات الغربية والمنحازة لإسرائيل، مشيرا إلى أن الموقف الرسمي في دول أوروبية بات يحذر من استمرار تسليح إسرائيل وإعطائها أفضلية في التكنولوجيا والاقتصاد، والاتهام بالشراكة في الجرائم المرتكبة في غزة.