الدكتور سامي العريان: محاكمتي في الولايات المتحدة شهدت أشياء عجيبة وترجموا للقاضي "قطايف" بـ"كتائب"

خصص مدير مركز دراسات الإسلام والشؤون الدولية الدكتور سامي العريان الجزء الأول من حواره مع برنامج "المقابلة" للحديث عن مسيرته ومحطات حياته، بالإضافة إلى تفاصيل القضية التي لاحقته في الولايات المتحدة الأميركية، على خلفية اتهامه بتمويل حركة الجهاد الإسلامي الفلسطينية.

وعاد العريان بذاكرته إلى سنوات تواجده في الولايات المتحدة والمصاعب التي لاحقته بعد هجمات 11 سبتمبر/أيلول 2001، وقال إن الصهاينة استهدفوه مبكرا، حيث حاولوا طرده من الجامعة (جنوب ولاية فلوريدا)، غير أن النظام الجامعي الأميركي والحرية الأكاديمية حال دون ذلك، ولكن بعد تلك الهجمات وجدوا الفرصة؛ إذ كانت رئيسة الجامعة صهيونية ولها جمعية خيرية تقدم تبرعات للإسرائيليين، فأرسلت له تنذره بالطرد، ولكن النقابات التعليمية والصحف وقفت معه، فاضطرت إلى مساومته بأن تدفع له مليون دولار ويقدم استقالته من الجامعة.

وبعد أن رفض رئيس مجلس الأمناء في الجامعة العرض الذي قدمته رئيسة الجامعة، تم اللجوء إلى حاكم ولاية فلوريدا جيب بوش (شقيق الرئيس جورج بوش الابن) الذي تدخل لدى وزارة العدل فأصدرت قضية ضده بدأت في فبراير/شباط 2003.

ووصف العريان -في حديثه لحلقة (2023/7/23) من برنامج " المقابلة"- محاكمته بأنها كانت الأطول بعد محاكمات هجمات 11 سبتمبر/أيلول، حيث استمرت 6 أشهر، متحدثا عن أشياء غريبة وعجيبة شهدتها؛ فقد اعتمدوا مثلا على كلام أحد المتهمين في القضية نفسها، وكان يتحدث مع أحد الفلسطينيين بلهجة فلسطينية ضفاوية (الضفة الغربية)، ويقول له ما عندكم اليوم، فيرد عليه الآخر: "عندنا اليوم ليلة كطايف" أي "قطايف"، لكن المترجم -وكان لبنانيا مارونيا- ترجمها إلى "كتائب" وأخبر القاضي أنه قال "عندنا اليوم ليلة كتائب".

وحول حقيقة انتمائه لحركة الجهاد الإسلامي التي اتهم بتمويلها، اكتفى الدكتور العريان بالقول "هذا سؤال لم أجب عليه حتى الآن"، لكنه قال إنه على المستوى الفكري كان أقرب إلى حركة الجهاد التي كانت تؤمن بضرورة الدخول في المواجهة المباشرة مع "العدو الإسرائيلي".

مشيرا إلى أن حركة الجهاد الإسلامي لم تكن محظورة في الولايات المتحدة، حتى ذهب إلى هناك الأمين العام السابق للحركة رمضان شلح عام 1990 وموسى أبو مرزوق الذي كان مسؤول المكتب السياسي لحركة المقاومة الإسلامية (حماس)، قبل أن يتم حظر حركة الجهاد عام 1995.

تجدر الإشارة إلى أنه في عام 2005 برّأت محكمة فدرالية أميركية الدكتور الجامعي الفلسطيني من تهمة تمويل حركة الجهاد الإسلامي.

وأرجع مدير مركز دراسات الإسلام والشؤون الدولية تغير الموقف الأميركي من حركات المقاومة الفلسطينية إلى "اللوبي" الصهيوني الذي قال إنه لعب دورا كبيرا، بالإضافة أن الولايات المتحدة وبعد سقوط الاتحاد السوفياتي باتت تتبنى إستراتيجية "الهيمنة الليبرالية على العالم"؛ مما يعني أن كل من يتكلم عن استقلال أو مقاومة الهيمنة الليبرالية صار عدوا لها.

القضية الفلسطينية

كما تحدث العريان عن محطات في مسيرته وأنشطته خلال تواجده في الولايات المتحدة، وقال إنه انضم إلى تنظيم جماعة الإخوان المسلمين، فكريا عام 1975 ورسميا عام 1978، واستقال منه عام 1983 لسبب متعلق بقضية فلسطين.

وكشف عن أنه كان يؤمن بأن القضية الفلسطينية القضية المركزية للحركة الإسلامية والأمة، ولكن هذا الشعار كان مرفوضا لدى الإسلاميين في فلسطين الذين كانوا يفضلون التركيز على الامور  والقضايا المتعلقة بالدين الإسلامي  فقط، مشيرا إلى أنه أدرك في تلك اللحظة  أن هناك مشكلة وعي داخل الحركة الإسلامية وأن علاجها يكون بالحوار.

وولد الدكتور سامي العريان في الكويت عام 1958 لعائلة فلسطينية هاجرت من يافا إلى قطاع غزة ووصولا إلى الكويت. ثم خرجت الأسرة في منتصف الستينيات إلى مصر. وفي عام 1975 توجه إلى الولايات المتحدة الأميركية للدراسة الجامعية، وحصل على شهادة البكالوريوس في الهندسة الكهربائية والماجستير والدكتوراه في هندسة الكمبيوتر، وبقي في الولايات المتحدة 40 عاما قبل أن يتم إبعاده بعد قضيته الشهيرة.

ورغم أنه لم يولد ولم يعش في فلسطين، فإن انتماء الدكتور العريان كان دوما لفلسطين ويافا، ويقول إن الفلسطيني يعيش حياة معاناة ولا يشعر بالأمان الذي يشعر به المواطن العربي، وهو معرض للطرد في البلاد التي يتواجد بها، بالإضافة إلى أن الفلسطيني ينمو ويكبر وداخله الإحساس بالألم الذي عاشه الآباء والأجداد والأمهات.

ويصف النكبة بأنها كارثة، إذ لم يحدث في التاريخ أن %60 من الشعب يقتلع من أرضه ويشتت في ظرف شهور، وكان عنده الأمل في الرجوع، ثم يكتشف أن كل ذلك وهم وسراب.

المصدر : الجزيرة