هل يقضي "طوفان الأقصى" على حظوظ بايدن الانتخابية في 2024؟

U.S. President Joe Biden holds a bilateral meeting with Israeli Prime Minister Benjamin Netanyahu on the sidelines of the 78th U.N. General Assembly in New York City, U.S., September 20, 2023. REUTERS/Kevin Lamarque
بنيامين نتنياهو (يسار) مدح دعم بادين (يمين) لإسرائيل بعد عملية "طوفان الأقصى" لكن هذا لم يمنع انتقادات الجمهوريين للرئيس الأميركي (رويترز)

واشنطن- تحتل قضايا السياسة الخارجية -تقليديا- مركزا متدنيا عند الأميركيين خلال سباق الانتخابات الرئاسية. ويبدو أن انتخابات 2024 قد تكون استثناء، إذ أدت عملية "طوفان الأقصى" إلى رفع السياسة الخارجية إلى القضايا الأكثر أهمية في السباق الرئاسي.

والعملية التي نتج عنها موت أكثر من 1200 إسرائيلي، من بينهم: 14 يحملون الجنسية الأميركية والاعتقاد باحتجاز المقاومة الفلسطينية 20 آخرين من الأميركيين، رفعت "قضية دعم إسرائيل" الهجوم على الرئيس جو بايدن، على الرغم من اتخاذه مواقف استثنائية في دعمه المطلق للجانب الإسرائيلي.

ويعاني الرئيس جو بايدن من انخفاض نسب الرضا الشعبي على أدائه في البيت الأبيض، حيث وصل لأقل من 40% خلال الأشهر الأخيرة، ويتخوف بعض الديمقراطيين من تدهور حظوظ بايدن حال أساء التعامل مع ما يوصف بأكبر أزمة سياسة خارجية تواجهها إدارته.

يأتي هذا في الوقت الذي أعلنت فيه الولايات المتحدة إرسال حاملة الطائرات الهجومية "يو إس إس جيرالد آر. فورد" إلى شرق البحر الأبيض المتوسط، لتكون مستعدة لمساعدة إسرائيل بعد عملية "طوفان الأقصى"، التي عدّها المتحدث باسم وزارة الدفاع الأميركية (البنتاغون) باتريك رايدر، "رسالة لإيران وحزب الله بأن عليهم ألا يفكروا في التدخل".

هجوم ترامب وبقية الجمهوريين

ورغم المديح الذي ذكره رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، لموقف بايدن الداعم لإسرائيل، لكن هذا لم يمنع المرشحين الجمهوريين للرئاسة من إلقاء اللوم على الرئيس بايدن؛ بسبب هجوم حركة المقاومة الإسلامية "حماس".

وألقى المرشحون الجمهوريون للرئاسة لعام 2024 باللوم على إدارة بايدن، مشيرين إلى أن هذه التطورات دليل آخر -إلى جانب الغزو الروسي لأوكرانيا، وتمدد الصين في بحر جنوب الصين- على ضعف الولايات المتحدة على المسرح العالمي، واتهموا بايدن بالمسؤولية عن ذلك.

ومن دون دليل، أصرّ العديد منهم على أن الولايات المتحدة "موّلت هجمات حماس"، وذلك من خلال أموال صفقة تحرير 5 محتجزين أميركيين من إيران، مقابل نقل 6 مليارات دولار كانت محتجزة في كوريا الجنوبية مقابل مبيعات نفط إيراني.

وردّت إدارة بايدن على انتقادات الجمهوريين من خلال الإصرار على أنه لم تُنفق أي من الأموال المحولة حتى الآن، لكن الجمهوريين يدعون أن الصفقة والأموال ساعدت في تأجيج هجوم حماس على إسرائيل.

وقال الرئيس السابق دونالد ترامب، إن "بايدن خان إسرائيل"، مضيفا خلال فعالية انتخابية، الاثنين الماضي، في ولاية نيو هامبشاير، "اليوم لدينا حرب شاملة في إسرائيل، وستنتشر بسرعة كبيرة، وهذا فارق يحدثه الرئيس".

وأضاف ترامب، الذي يتقدم السباق التمهيدي للحزب الجمهوري، أن إدارته جلبت "كثيرا من السلام إلى الشرق الأوسط من خلال الاتفاقيات الإبراهيمية"، متهما بايدن بتقليص فرص هذه الاتفاقيات وبوتيرة أسرع بكثير مما اعتقد أي شخص، حسب وصفه.

بدوره، قال نائب الرئيس السابق والمرشح كذلك للرئاسة، مايك بنس، في بيان له "هذا ما يحدث عندما يظهر الرئيس الأميركي ضعفا على المسرح العالمي، ويذعن للملالي في إيران بفدية قدرها 6 مليارات دولار. يؤمن القادة في الحزب الجمهوري أن ما يجري هو نتيجة تراجع أميركا كونها زعيمة للعالم الحر، والضعف يُثير الشر".

من جهته، قال حاكم ولاية فلوريدا، رون ديسنتيس، في بيان له "يجب ألا نقف مع إسرائيل فحسب، بل يجب أن ندعمها وهي تطارد هؤلاء البرابرة وتقضي عليهم"، حسب تعبيره.

بايدن والبيت الأبيض يردان

دحضت إدارة بايدن انتقادات الحزب الجمهوري قائلة، إن عائدات النفط البالغة 6 مليارات دولار التي استعادت إيران الوصول إليها مؤخرا، لم تأتِ من دولارات دافعي الضرائب الأميركيين.

وقال مسؤول كبير في إدارة بايدن، "إن القدرة على استخدام هذه الأموال مرتبط مباشرة بالدفع مقابل المواد الإنسانية، والغذاء والسلع الزراعية والأدوية والأجهزة الطبية فقط، والطلبات التي يتم فحصها والموافقة عليها من البنوك القطرية ومراسليها الأوروبيين، الذين هم أنفسهم ملتزمون بالامتثال للعقوبات".

وشدد على أنه "لا تذهب أي أموال إلى إيران على الإطلاق. وستستخدم هذه الأموال لتوفير الدعم الإنساني الأساسي للشعب الإيراني فقط، مع الدفع لبائعين خارجيين فُحصوا".

من جانبه، كرر بايدن أن "الولايات المتحدة ودولة إسرائيل شريكان لا ينفصلان"، وأن واشنطن "ستواصل التأكد من أن إسرائيل لديها ما تحتاجه للدفاع عن نفسها وشعبها".

ولم يترك الرئيس بايدن مجالا للغموض عندما ألقى أحد أقوى الخطب العاطفية في رئاسته، أمس الثلاثاء، وأظهر دعما كبيرا لتل أبيب بقوله، إن "لإسرائيل، شأنها شأن كل دولة في العالم، الحق في الرد، بل عليها واجب الرد على هذه الهجمات الشريرة" على حد وصفه.

وقال بايدن، "لقد أغلقتُ الهاتف للتو (المكالمة الثالثة) مع رئيس الوزراء نتنياهو، وقلت له، إذا مرت الولايات المتحدة بالتجربة نفسها التي تعيشها إسرائيل، فإن ردنا سيكون سريعا وحاسما وساحقا".

ورأى العديد من المراقبين خطاب بايدن الأقوى منذ اعتراف الرئيس الأميركي هاري ترومان بدولة إسرائيل في 1948.

وبرأي السفير الإسرائيلي السابق في واشنطن مايكل أورين، في تغريده له، فإن خطاب بايدن كان "الأكثر تأييدا لإسرائيل في التاريخ"، وقال، "وقف الرئيس بحزم وراء الدولة اليهودية والشعب اليهودي، وبشكل لا لبس فيه ضد الإرهاب ومعاداة السامية، وتعهد بقوة الولايات المتحدة للدفاع عنا، سيتذكر شعبنا دائما هذا الخطاب ويعتز به والرجل الذي ألقاه".

وعلى الرغم من تصويت اليهود الأميركيين بنسبة تتخطى 70% للمرشح الديمقراطي في الانتخابات الرئاسية، يخشى مسؤولو الحزب الديمقراطي من أن يدفع ارتفاع عدد القتلى والمحتجزين الأميركيين في غزة إلى تغيير اتجاه التصويت اليهودي، خاصة في ولايات حاسمة فاز بهما بايدن بنسبة ضئيلة في الانتخابات الماضية؛ مثل: ميشيغان وبنسلفانيا.

المصدر : الجزيرة