نظرة على معركة "عاصفة الجزيرة" ضد تنظيم الدولة بسوريا

Kurdish fighters from the People's Protection Units (YPG) fire rifles at a drone operated by Islamic State militants in Raqqa, Syria, June 16, 2017. Goran Tomasevic:
مقاتلون من قوات سوريا الديمقراطية يستهدفون طائرة مسيرة لتنظيم الدولة خلال السيطرة على مدينة الرقة السورية صيف 2017 (رويترز)

ثلاثة أشهر من المعارك الدامية مع قوات سوريا الديمقراطية المدعومة من التحالف الدولي بقيادة الولايات المتحدة ضمن عملية "عاصفة الجزيرة" انتهت بخسارة تنظيم الدولة الإسلامية أبرز معاقله المتبقية بالضفاف الشرقية لنهر الفرات شرقي سوريا.

وذلك يرجح -وفق بعض التحليلات- أنها آخر معركة كبيرة للتنظيم داخل الأراضي السورية بعد معارك الرقة ودير الزور في 2017.

وفيما يلي نظرة على هذه المعركة ومجرياتها ونتائجها والظروف المحيطة بها:

undefined

سير المعركة
في العاشر من سبتمبر/أيلول الماضي أطلقت قوات سوريا الديمقراطية -التي تشكل وحدات حماية الشعب الكردية المكون الرئيس فيها- عملية "عاصفة الجزيرة" بدعم جوي ولوجستي من التحالف الدولي لطرد تنظيم الدولة من مناطق سيطرته بريف مدينة البوكمال القريب من الحدود السورية العراقية.

في بداية العملية، أحرزت قوات سوريا الديمقراطية تقدما باتجاه معاقل التنظيم، لكن الأخير استفاد في أكتوبر/تشرين الأول ونوفمبر/تشرين الثاني من العواصف الرملية والضباب ومن خلاياه النائمة حول مدينة هجين لشن هجمات واسعة على القوات المهاجمة ليجبرها على التراجع.

بيد أن قوات سوريا الديمقراطية كثفت خلال الشهر الجاري عملياتها الهجومية بالتزامن مع مئات الغارات الجوية، لتعلن يوم الجمعة الماضي سيطرتها على مدينة هجين بريف دير الزور الشرقي، وكانت هجين باتت منذ أواخر 2017 بمثابة عاصمة للتنظيم في سوريا.

قبل ذلك، وفي إطار العملية العسكرية نفسها، أعلنت القوات المدعومة من واشنطن سيطرتها على قرى أخرى خاضعة للتنظيم قرب هجين على غرار الباغوز والسوسة ليضيق نطاق سيطرته بالمنطقة إلى بضع قرى مثل الشعفة.

سبب الانهيار
بالإضافة إلى كثافة الغارات الجوية للتحالف الدولي وضخامة حجم القوات المهاجمة، فإن انهيار تنظيم الدولة في هجين ومحيطها فسره ناشطون سوريون -جزئيا- بالخلافات بين قادته العراقيين والسوريين.

حجم القوات
في بداية عاصفة الجزيرة دفعت قوات سوريا الديمقراطية ببضعة آلاف من مقاتليها إلى جبهات القتال، لكن وفي مواجهة المقاومة التي أبداها تنظيم الدولة، اضطرت تلك القوات إلى إرسال تعزيزات كبيرة ليصل عدد مقاتليها بميدان المعركة إلى 17 ألفا بينهم 5000 من القوات الخاصة.

في المقابل قدر مظلوم كوباني القائد العام لقوات سوريا الديمقراطية -في تصريحات لوكالة رويترز الأسبوع الماضي- عدد مقاتلي التنظيم بريف دير الزور الشرقي بنحو خمسة آلاف، بينهم ما يقرب من ألفي أجنبي "مستعدين للموت". ووفق بعض المصادر فإن التنظيم زج بنحو 2500 مقاتل في معركة هجين.

أما فيما يتعلق بالتحالف، فقد أظهرت صور نشرتها مواقع مقربة من المقاتلين الأكراد مشاركة جنود أميركيين في المعارك، ووفق المصدر نفسه فإن التحالف استخدم القاذفة الإستراتيجية (Rockwell B-1 Lancer) في ضرباته الجوية ضد التنظيم، وبالتوازي قصفت مدفعية التحالف هجين انطلاقا من الأراضي العراقية.

‪مقاتلو تنظيم الدولة اضطروا للانسحاب من مدينة هجين وقرى أخرى بعدما شنوا هجمات مضادة على قوات سوريا الديمقراطية (مواقع التواصل الاجتماعي)‬ مقاتلو تنظيم الدولة اضطروا للانسحاب من مدينة هجين وقرى أخرى بعدما شنوا هجمات مضادة على قوات سوريا الديمقراطية (مواقع التواصل الاجتماعي)
‪مقاتلو تنظيم الدولة اضطروا للانسحاب من مدينة هجين وقرى أخرى بعدما شنوا هجمات مضادة على قوات سوريا الديمقراطية (مواقع التواصل الاجتماعي)‬ مقاتلو تنظيم الدولة اضطروا للانسحاب من مدينة هجين وقرى أخرى بعدما شنوا هجمات مضادة على قوات سوريا الديمقراطية (مواقع التواصل الاجتماعي)

الخسائر البشرية
منذ انطلاق العملية قتل نحو ألف من مقاتلي تنظيم الدولة وأكثر من 500 من مقاتلي قوات سوريا الديمقراطية، فضلا عن وقوع أسرى بقبضة الطرفين، بينما أفادت تقارير بمقتل أكثر من 300 مدني سقط العديد منهم جراء غارات التحالف الدولي.

على صعيد الخسائر المادية، أظهرت تسجيلات مصورة نشرتها قوات سوريا الديمقراطية في صفحتها الرسمية على موقع فيسبوك دمارا كبيرا في شوارع بلدة هجين، وقالت إن مقاتلي تنظيم الدولة فجروا مستشفى المدينة قبل انسحابهم منها.

تقييم التحالف
وُصفت حملة عاصفة الجزيرة بأنها المرحلة الأخيرة من الحرب التي يشنها التحالف الدولي بمساعدة قوات محلية (كردية وعربية منضوية ضمن قوات سوريا الديمقراطية) على تنظيم الدولة بسوريا.

وقال المتحدث باسم التحالف الدولي شين راين بعد يوم من استعادة مدينة هجين إن أيام تنظيم الدولة في سوريا باتت معدودة. لكن محللين يحذرون من أن التنظيم سيظل تهديدا قائما عبر خلاياه النائمة، كما أنه قد يستجمع قواه.

انسحاب القوات الأميركية قد يؤثر في سير عمليات قوات سوريا الديمقراطية ضد تنظيم الدولة
انسحاب القوات الأميركية قد يؤثر في سير عمليات قوات سوريا الديمقراطية ضد تنظيم الدولة

الانسحاب الأميركي والعملية التركية
وفي الوقت الذي بدا فيه أن عملية عاصفة الجزيرة ضد بقايا تنظيم الدولة بسوريا قطعت أشواطا كبيرة، أعلن الرئيس الأميركي دونالد ترامب نية إدارته سحب كل القوات الأميركية من سوريا، والتي يبلغ عددها نحو ألفي جندي، بأسرع ما يمكن، بحجة أن الانتصار على التنظيم هناك تحقق بالفعل.

وبالتزامن، فإن التهديدات التركية ببدء عملية عسكرية ضد الوحدات الكردية في مدن وبلدات شمالي سوريا -على غرار مدينة منبج بريف حلب شرق الفرات- تلقي بظلالها على المرحلة الأخيرة للحملة على تنظيم الدولة بريف دير الزور الشرقي.

وفي مواجهة تلويح الرئيس التركي رجب طيب أردوغان بعملية عسكرية في أي لحظة لطرد الوحدات الكردية من منبج وبلدات أخرى شرق الفرات، طلبت قوات سوريا الديمقراطية من واشنطن فرض حظر طيران شمالي سوريا، وهددت بسحب مقاتليها من جبهات المعارك مع تنظيم الدولة لمواجهة هجوم تركي محتمل.

المصدر : الجزيرة + مواقع التواصل الاجتماعي + وكالات