هل يصلح الشارع العراقي ما أفسده الساسة؟

Demonstrators chant in support of Iraqi Prime Minister Haider al-Abadi as they wave national flags during a demonstration at Tahrir Square in Baghdad, Iraq, Sunday, Aug. 9, 2015. Iraq's prime minister unveiled a bold plan Sunday to abolish three vice presidential posts and the offices of three deputy premiers, hoping to cut spending amid mass protests against his government as the Islamic State group still holds a third of his nation. (AP Photo/Khalid Mohammed)
مظاهرات في بغداد دعما للإصلاحات التي أعلن عنها رئيس الوزراء العراقي حيدر العبادي (أسوشيتيد برس)

تشهد منطقة الشرق الأوسط موجة حارة وربما غير مسبوقة، ولكن أثرها في العراق كان مختلفا، فقد أدت إلى اندلاع حراك في الشارع العراقي على شكل احتجاجات غاضبة تطالب بالإصلاح وبمكافحة الفساد برمته، فهل يصلح الحراك العراقي ما أفسد الدهر؟

في هذا الإطار تناولت بعض صحف الولايات المتحدة الأزمة المتفاقمة في العراق وحذرت صحف أميركية من انهيار العراق وانقسامه جراء استشراء الفساد وتفاقم الخلافات السياسية والاقتصادية، وخاصة في ظل التدخل الإيراني ومحاولات مواجهة تنظيم الدولة الإسلامية الذي يسيطر على مساحات شاسعة من البلاد.

فقد قالت صحيفة ذي كريستيان ساينس مونيتور في افتتاحيتها إن موجة الحر التي يشهدها العراق دفعت المواطنين لاحتجاجات غاضبة تطالب بإيجاد حكومة نزيهة تحارب الفساد، ويكون من شأنها الحفاظ على التيار الكهربائي موصولا وبالتالي الإبقاء على إمكانية تشغيل مكيفات الهواء.

وأضافت أن احتجاجات العراقيين قد تكون المفتاح لمكافحة الفساد ولمواجهة تنظيم الدولة والتدخل الإيراني في البلاد، وخاصة أن موجة الحر حركت العراقيين من مختلف الطوائف والقبائل للمطالبة بوضع حد للفساد المستشري، الذي وصفه بعض المتظاهرين بأنه أكثر خطورة وأشد عداوة من ما يشكله تنظيم الدولة.

سلطة دينية
وحركت الاحتجاجات السلطة الدينية الأعلى في العراق ممثلة في آية الله علي السيستاني إلى حث الحكومة لتلبية الحاجات والمطالب المشروعة للمواطنيين، ودعا السيستاني رئيس الوزراء العراقي حيدر العبادي لأن يكون أكثر جرأة وشجاعة بإجراء الإصلاحات المطلوبة في العراق، ووعده بأن الشعب العراقي سيدعمه في تحقيق تلك الأهداف.

وسرعان ما تصرف رئيس الوزراء العراقي "بجرأة وشجاعة" وأعلن عن إجراء تحقيقات بالفساد الحكومي وعن وضع حد لتوزيع المناصب الحكومية عن طريق المحاصة أو على أساس الانتماء الديني أو الحزبي، وعن جعل اختيار الموظفين الحكوميين يكون بناء على مؤهلاتهم المهنية.

وأشارت ساينس مونيتور إلى أن الاحتجاجات التي يشهدها العراق يمكن أن تشكل نقطة تحول في البلاد، وأن الوقت قد حان من أجل ثورة من أسفل الهرم تجاه قمته، وأضافت أن النظام العراقي لا يسيطر سوى على ثلث مساحة البلاد وسط محاولته مواجهة مسلحي تنظيم الدولة.

تهديد الهوية
وقالت الصحيفة إن الأقلية السنية لا تثق بالحكومة التي يسيطر عليها الشيعة في بغداد، وإن التدخل الإيراني في العراق ينذر بتهديد الهوية الوطنية للعراق. واختتمت بالقول إن العراقيين في معرض حاجتهم للهواء البارد أشعلوا النار تحت قادتهم عبر احتجاجات غاضبة.

من جانبها نشرت صحيفة لوس أنجلوس مقالا للكاتب نبيه بولص تساءل فيه إذا كانت الإصلاحات التي بدأها رئيس الوزراء العراقي الأحد الماضي ستلقى موافقة البرلمان؟

وأوضح أن هذه الإصلاحات تتمثل في قرار العبادي إلغاء مناصب نواب كل من رئيس الجمهورية ورئيس الوزراء، وذلك في أعقاب مظاهرات حاشدة شهدتها البلاد احتجاجا على الفساد المالي والإداري، وفي إبعاد المناصب العليا في الدولة عن المحاصة الطائفية والحزبية.

انقسام العراق
وفي سياق الأزمة ذاتها، أشارت صحيفة واشنطن بوست إلى خلافات العراقيين على النفط تظهر مدى صعوبة إنقاذ البلاد من الانقسام، وأوضحت أن حكومة إقليم كردستان العراق بدأت ببيع النفط بشكل مستقل دون الاتفاق أو التشاور مع الحكومة المركزية في بغداد.

وأضافت الصحيفة أن المسؤولين الأكراد يصدرون نحو ستمئة ألف برميل من النفط العراقي بشكل يومي، وذلك في خطوة غير شرعية، مما يزيد من الخلافات التي تنذر بانقسام العراق إلى ثلاثة أجزاء: جزء في الشمال الكردي، ومناطق في الجنوب والوسط تسيطر علهيا الحكومة بقيادة شيعية، وأخرى يسيطر عليها تنظيم الدولة في شمالي وغربي العراق.

وأشارت واشنطن بوست إلى أن إقليم كردستان العراق توقف الشهر الماضي عن نقل النفط إلى  الدولة بحسب اتفاق 2014، الذي يقضي بنقل خمسمئة وخمسين ألف برميل يوميا إلى الحكومة المركزية ببغداد مقابل حصول الإقليم على 17% من ميزانية الدولة، وسط احتجاجات كردية بأن ما تدفعه حكومة بغداد لا يعتبر كافيا.

المصدر : الجزيرة + الصحافة الأميركية