سميرة الشواشي.. جسارة وحزم في قيادة جلسات البرلمان التونسي

تنظيم الوقت سر نجاحها في التوفيق بين مسؤولياتها بوصفها نائبة أولى لرئيس البرلمان وربة بيت وأم، وفق قول سميرة الشواشي

منيرة حجلاوي_انتخبت سميرة الشواشي سنة 2019 نائبا أول لرئيس البرلمان التونسي (مدتنا المتحدثة بالصورة)_تونس_خاص الجزيرة نت
انتخبت سميرة الشواشي سنة 2019 نائبة أولى لرئيس البرلمان التونسي (الجزيرة)

تونس- حازمة حين تقتضي الحاجة ولينة حينا آخر حتى يعم الهدوء والأريحية أرجاء قاعة عقد الجلسات العامة داخل مجلس نواب الشعب التونسي، وحريصة على فرض واحترام النظام الداخلي للمجلس، هي سميرة الشواشي النائبة الأولى لرئيس البرلمان. 

انتُخبت الشواشي النائبة عن حزب "قلب تونس" في 13 نوفمبر/تشرين الثاني 2019 على رأس هذا المنصب بعد حصولها على 109 أصوات، وهو ما تعتبره "شرفا لها لنيلها ثقة حزبها وبقية زملائها النواب من الكتل البرلمانية الأخرى كأول تونسية تتولى خطة نائب أول في مجلس تشريعي".

وللشواشي مسيرة سياسية حافلة، فهي ناشطة سياسية منذ عام 2000؛ حيث كانت عضوا بمجلس النواب خلال الفترة الممتدة من سنة 2004 إلى 2011، وكانت لها عدة أنشطة في البرلمانات الدولية.

ودعمت تجربتها بعد الثورة التونسية بمواكبتها كافة أطوار الحوار الوطني الذي حازت به تونس عام 2015 جائزة نوبل للسلام وحضرتْه -كما تقول للجزيرة نت- من أول ساعة له إلى حين ختمه في قصر قرطاج.

إيمان عميق

تؤكد الشواشي أنها ومنذ توليها منصبها أصبحت تمثل كافة زملائها وزميلاتها ممن صوتوا لها وممن لم يفعلوا ذلك، وأن هذا التكليف يتطلب من قائد الجلسات إيمانا عميقا بهذه المؤسسات التشريعية وهذا المشهد البرلماني الجديد، وذلك "نتاج ثورة الشعب التونسي" باعتبار تلك المؤسسات "مرحلة هامة لاستكمال مسار الانتقال الديمقراطي".

منيرة حجلاوي_اكسبتني تجربتي السياسية الصبر والحزم لإدارة أشغال البرلمان (المتحدثة سميرة الشواشي) (مدتنا المتحدثة بالصورة)_تونس_خاص الجزيرة نت
سميرة الشواشي: أكسبتني تجربتي السياسية الصبر والحزم لإدارة أشغال البرلمان (الجزيرة)

كما تشدد على ضرورة إيمان رئيس الجلسات العامة بمفهوم الدولة واحترام القانون والدستور والنظام الداخلي للبرلمان والتشريع لما يفيد الناس من قوانين "لأن دورنا تشريعي بالأساس إضافة إلى دورنا الرقابي". وفق قولها.

وتضع سميرة الشواشي نصب أعينها حسن إدارة الجلسات العامة على رأس أولوياتها في ظل أجواء المشادات والتوتر التي تسود أحيانا الجلسات، فتحرص -بوصفها رئيسة الجلسة- على "أن تكون إدارة الاختلاف في إطار احترام القانون والقبول بالآخر دون المس بحرية النائب في التعبير".

أسلحة مختلفة

أكسبتها خبرتها السياسية قبل الثورة وبعدها ثقة عالية بالنفس وتشبعا بثقافة احترام الآخرين مهما اختلفوا عنها في توجهاتهم وأفكارهم وأسلحة تواجه بها اليوم كل الضغوطات التي تعترضها خلال تأديتها مهامها.

وتشمل هذه الأسلحة الصبر والإيمان الباطني الدائم بوجود انفراجة ومخارج مهما تعقدت الوضعية والحوار دون الوقوع في براثن اليأس والحزم وقت الضرورة، وتؤكد فتقول "حتى إن وقعت تجاوزات فأنا لا أخشى لومة لائم وأطبق النظام الداخلي للبرلمان".

كما منحها تراكم تجربتها نضجا وقدرة على استيعاب حالات الغضب والتشنج الكبيرة في قاعة الجلسات، وتقول -في هذا السياق للجزيرة نت- "واجب عليّ ألا أنخرط في هذه الأجواء المتوترة، بل يجب أن أكون الجهة التي تهدئ وتجد حلا ومخرجا".

الحيادية في البرلمان

وبخصوص اتهامها بالانحياز لطرف على حساب آخر، تؤكد الشواشي أن انتماءها الحزبي يسقط عندما تطأ قدماها البرلمان أو عندما تحضر أية فعالية بصفتها نائبة أولى لرئيس البرلمان، وتقول "لم أستعمل ولا مرة صفتي أو انتمائي الحزبي في تغيير نتيجة التصويت أو في تنظيم الجلسة في اتجاه معين يخدمني كشخص".

منيرة حجلاوي_سميرة الشواشي خلال أحد اجتماعاتها مع رئيس البرلمان راشد الغنوشي (مدتنا المتحدثة بالصورة)_تونس_خاص الجزيرة نت
سميرة الشواشي خلال اجتماع مع رئيس البرلمان راشد الغنوشي (الجزيرة)

وتضيف أنها تراعي في كل قراراتها وقبل كل شيء مصلحة الوطن والمؤسسات الدستورية والمسار الديمقراطي ودستور 2014 الذي أقسمت على احترامه، وتقول "من يشكك في حياديتي فهم أولئك الذين لم تكن قراراتي لصالحهم وبطبيعة الحال سيشككون".

في المقابل، تنفي الشواشي تعرضها للتشكيك في قدرتها -لكونها امرأة- على نجاحها بمهمتها، خاصة أنها حظيت بدعم مختلف العائلات الحزبية والكتل البرلمانية حتى تلك التي على خلاف مع حزبها، "ولم يقيّم أحد أدائي على أساس أني مرأة لأني بالعكس كنت أحيانا أشدَّ بأسا من الرؤساء الرجال"، حسب تعبيرها.

استحقاق لا استثناء

وترى سميرة الشواشي أن المرأة التونسية راكمت -على مر السنين- مكتسبات عديدة مع إقرار دستور 2014 بالمساواة بين المواطنات والمواطنين، ما يقتضي "ضرورة عدم اعتبار توليها مناصب عليا استثناءات أو مجازاة أو حالات منفردة، بل يجب التعامل مع الأمر كاستحقاق طبيعي وعادي لنضالها".

وعن نجاحها في التوفيق بين مسؤولياتها بوصفها نائبة أولى لرئيس البرلمان وربة بيت وأم؛ تلخص الشواشي المسألة في تنظيم الوقت وتنصح كل امرأة تونسية عاملة في كل المجالات بهذه النقطة، مقرّة في الوقت ذاته بحدوث بعض الاختلالات الطبيعية التي تتمكن من تجاوزها بفضل تفهم أسرتها الصغيرة لتضحياتها ولطبيعة عملها.

المصدر : الجزيرة