الشرق الأوسط بمنتدى الجزيرة.. تحالفات هشة ومصالح ضيقة

تحالفات الشرق الأوسط مصطنعة تقوم على المصالح الوقتية الضيقة.
منطقة الشرق الأوسط تعيش حاليا في سيولة من الصراعات (الجزيرة)
عماد مراد-الدوحة

اتفق مشاركون في منتدى الجزيرة الثاني عشر على أن منطقة الشرق الأوسط تشهد في الآونة الأخيرة تحالفات مصطنعة تقوم على المصالح الوقتية الضيقة وليس على أساس تبادل المنافع بين الشعوب، مؤكدين استحالة ديمومة تلك التحالفات لأنها مبنية على أسس هشة.

وأوضح المشاركون في الجلسة الرابعة من اليوم الثاني لمنتدى الجزيرة -والتي عقدت تحت عنوان: "الشرق الأوسط في ظل تغير التحالفات الإقليمية والدولية"- أن دول الشرق الأوسط بدلا من أن تحول تحالفاتها الشكلية في الماضي إلى أحلاف تدافع عن مصالحها، انجرفت إلى الصراع فيما بينها لتتجه كل دولة إلى البحث عن أمنها القومي عوضا عن التفكير في الأمن الإقليمي.

ويؤكد رئيس قسم العلوم السياسية في جامعة الكويت الدكتور عبد الله الشايجي أن المنطقة تعيش حاليا في سيولة من الصراعات وعدم اليقين، مشيرا إلى أن التحالفات الحالية يتم تشكيلها وفقا للاعبين خارجيين وليس وفقا لدول المنطقة.

وأضاف أن الجسد العربي أصيب بالمرض والترهل بصورة مؤلمة، مستدلا على ذلك بالأزمة الخليجية التي أصابت مجلس التعاون الخليجي الذي كان يعد بؤرة الاستقرار الوحيدة في المنطقة.

وعزا الشايجي عقد لقاءات دورية بين المسؤولين في روسيا وتركيا وإيران لبحث القضية السورية وسبل حلها دون حضور أي طرف عربي، إلى أن العالم العربي أصبح خارج معادلة القوى في المنطقة، لافتا إلى أن الرهان على مواقف الرئيس الأميركي دونالد ترمب أدى إلى ارتباك وخلط الأوراق في المنطقة برمتها.

الرابحون والخاسرون
بدوره، قال مدير قسم البحوث في منتدى الشرق غالب دالاي إن منطقة الشرق الأوسط شهدت مع بداية الربيع العربي الحديث عن الخاسرين والرابحين من إزالة النظم الدكتاتورية بثورات شعبية، وظهرت تحالفات بين القوى الرابحة لجني المكاسب وأخرى للخاسرة لمحاولة الالتفاف على الربيع العربي.

وأوضح أنه مع انتصار الثورات المضادة تحولت المواقف وأصبح الرابحون خاسرين والخاسرون رابحين، مشددا على أن الوضع الراهن في منطقة الشرق الأوسط لا يمكن أن يكون دائما كما أن المكاسب والخسائر كلها قابلة للتغير.

وأشار دالاي إلى ثلاث مجموعات إقليمية ظهرت بسبب وجود دوائر نفوذ مختلفة مندفعة بالخوف وليس بمنطق التعاون المشترك، الأولى تضم السعودية والامارات والبحرين ومصر وتصطف مع إسرائيل وإدارة ترمب.

أما المجموعة الثانية فتضم إيران وشبكتها الأمنية الإقليمية، ويمثلها نظام بشار الأسد والحكومة العراقية والحوثيون في اليمن، بينما تمثل المجموعة الثالثة تركيا التي بدأت إعادة ترتيب نفسها إقليميا بالتحالف مع ما تبقى من دول الربيع العربي.

أما الأستاذ المشارك في جامعة البحوث الوطنية في روسيا ليونيد إيساييف، فقال إن هناك جهودا تبذل لإعادة ترتيب قواعد اللعبة في النظام الإقليمي للمنطقة بعد انهياره بسبب الربيع العربي، متطرقا إلى التحولات الكبرى التي تجري في المنطقة وخارجها.

وأضاف أن القوى الدولية تتفاعل مع القضايا التي تمسها فقط، مشيرا إلى أن الأزمة في اليمن تمثل أخطر أزمة في القرن الحالي، لكن لا نرى أن أحدا من القوى الدولية مهتم بحلها لأن استفادتهم في استمرار تلك الأزمات.

المشاركون في المنتدى: الشرق الأوسط يعاني سيولة من الصراعات (الجزيرة)
المشاركون في المنتدى: الشرق الأوسط يعاني سيولة من الصراعات (الجزيرة)

فوضى التحالفات
من جهته، استعرض أستاذ القانون الدولي في جامعة قطر محمد حسام حافظ فوضى التحالفات في المنطقة، مشيرا إلى أن الشرق الأوسط منذ نشأته قبل مئة عام بعد اتفاقية سايكس بيكو، حمل معه بذور نزاعات وخلافات، لأنه لا يعبّر عن حالة مصالح مشتركة.

وأوضح في حديث للجزيرة نت أن التحالفات بالمنطقة تأخذ الطابع المؤقت والهش، لأنها تخالف المنطق السياسي الطبيعي وتنظر فقط إلى المصالح الوقتية التي قد تتعارض مع المصالح الطويلة الأجل.

وأضاف أن التحالفات المستدامة هي التي تقام برغبة الشعوب وتحقيقا لمصالحهم وليس لتحقيق مصالح الأنظمة، معتبرا أن وعي الشعوب في المنطقة سيقف أمام كل التحالفات غير المنطقية.

المصدر : الجزيرة