مدينة الموصل تنتظر من يوصل شطريها

التجسير الحديدي لأحد الجسور المدمرة في الموصل
أحد جسور الموصل المدمرة بعد تجسيره الحديدي كحل مؤقت (الجزيرة)

أحمد الدباغ-الموصل

يرتبط شطرا مدينة الموصل بخمسة جسور دمرت وخرجت عن الخدمة بفعل الحرب على تنظيم الدولة الإسلامية. ورغم مرور أكثر من عام على استعادة المدينة، فإن المدينة لم تشهد إلا إصلاح جسرها القديم، واستعيض عن البقية بجسور ترقيعية لا تلبي حاجة الناس.

ومن بين من يعانون من هذا الفصل محمد، وهو طالب جامعي يقضي أكثر من ساعتين كل صباح في العبور من جانب الموصل الأيمن إلى الأيسر حيث جامعة الموصل التي يدرس فيها.

محمد يقول للجزيرة نت إنه كان يقضي في السابق قبل تقطيع أوصال المدينة نحو 15 دقيقة فقط للعبور، مضيفا أنه حاليا يقضي نحو خمس ساعات في الطريق بين بيته والجامعة ذهابا وإيابا، مشبها الوضع وكأنه يدرس في مدينة أخرى.

أما خالد زكي فوضعه ليس أفضل حالا من محمد، إذ يعمل في الجانب الأيسر من المدينة بينما يسكن في جانبها الآخر، ويقول للجزيرة نت إن جلّ وقته يُستنزف في التنقل، مضيفا "تضررُ الجسور قسّم المدينة إلى مدينتين".

ومثل محمد وزكي يعاني عشرات آلاف الموصليين يوميا في التنقل بين شطري مدينتهم، نتيجة خروج جسورها الخمسة الرئيسية فوق نهر دجلة عن الخدمة بسبب الحرب التي شهدتها المدينة العام الماضي لإخراجها من قبضة تنظيم الدولة.

‪الجسر الخامس المتضرر ينتظر من يعيده للحياة‬ (الجزيرة)
‪الجسر الخامس المتضرر ينتظر من يعيده للحياة‬ (الجزيرة)

حلول ترقيعية
وسعت مديرية طرق وجسور محافظة نينوى (التي تتبع لها مدينة الموصل) إلى ربط جانبي المدينة بشكل مستعجل للتخفيف من معاناة المواطنين، حسبما أفاد المتحدث باسم المديرية مروان عبد الرزاق للجزيرة نت.

وأضاف عبد الرزاق أن المديرية لجأت لترقيع بعض الجسور بممرات حديدية وكان أولها الجسر الرابع، الذي نفذت تجسيره شركة الفاو العامة الحكومية.

ومن بين الجهود التي بذلت -حسب عبد الرزاق- لإعادة الوصل بين شطري المدينة ما قام به الجهاز الهندسي العسكري للجيش العراقي حيث نصب جسرين عائمين على نهر دجلة، فضلا عن تجسير حديدي للجسر الخامس المتضرر أيضا.

وأشار عبد الرزاق إلى أن قلة الميزانيات المالية المخصصة لهذا الأمر تحول دون إعادة جميع الجسور إلى وضعها الطبيعي، وبانتظار المفاوضات مع المنظمات والبنك الدولي وصندوق إعمار العراق.

وختم حديثه بالإشارة إلى أن الجسر الوحيد الذي أعيد إلى وضعه الطبيعي مؤخرا هو جسر الموصل الأول الحديدي الذي أعيد إعماره بالكامل بقرض من البنك الدولي.

من جهته كشف مدير بلديات نينوى عبد القادر الدخيل أن جسري الموصل الثاني والرابع في طور الإحالة إلى شركات عراقية وأجنبية بتمويل من البنك الدولي.

وأوضح أن الجسرين المتبقيين وهما الثالث والخامس أعدت كشوفات بشأنهما وسلمت إلى صندوق الإعمار، لكن لم تتخذ بشأنهما أي إجراءات حتى اللحظة، مشيرا إلى الحاجة إلى شركات دولية لإعمارهما.

أحد الجسور الخمسة المدمرة (الجزيرة)
أحد الجسور الخمسة المدمرة (الجزيرة)

عشرات الجسور
وكشف الدخيل أن عدد "المجسرات" (جسور صغيرة) التي دمرت بشكل كامل خلال الحرب في محافظة نينوى بلغت 72، أعيد منها حتى اللحظة 12 "مجسرا" فقط.

أشار إلى أن 60 "مجسرا" لم تتم المباشرة في إعادة بنائها على الرغم من رفع كشوفات كاملة بشأنها إلى الحكومة والمنظمات الدولية.

وأوضح أن جميع الأقضية والنواحي في نينوى ترتبط من خلال الجسور و"المجسرات" بسبب الطبيعة الجغرافية المتنوعة لمحافظة نينوى وطبيعتها الجبلية.

وقال عضو مجلس محافظة نينوى حسام الدين العبار في حديثه للجزيرة نت إن جميع المنشآت التي تضررت رفعت عنها كشوف إلى الحكومة منذ الأيام الأولى لاستعادة المدينة من قبضة تنظيم الدولة، مضيفا أنه رفعت كذلك كشوف إلى "برنامج الأمم المتحدة الإنمائي" وصندوق الإعمار، لافتا إلى أن التمويل دائما ما يأتي متأخرا بسبب تعدد الجهات المعنية بالإعمار.

الجسر الثالث في الموصل وقد عطله التدمير (الجزيرة)
الجسر الثالث في الموصل وقد عطله التدمير (الجزيرة)

وأضاف أن تعدد جهات صنع القرار وعدم التنسيق ما بين المحافظة وصندوق الإعمار وبرنامج الأمم المتحدة الإنمائي وخطة إعادة الاستقرار الحكومية تؤخر عمليات الإعمار.

وأشار إلى أن الميزانيات المالية الحكومية لإعادة الاستقرار وإعمار الجسور وإعادتها إلى وضعها السابق لا تكفي لترميم الشوارع، بحسب العبار.

المصدر : الجزيرة