مركزي منظمة التحرير.. حجم الأمل ورصيد الخيبة

منذ اليوم الأول لاعلان ترمب خرج الفلسطينيون في انتفاضة رفضا لذلك
الشارع الفلسطيني يتطلع لإلغاء اتفاقية أوسلو وتبني خيار المقاومة ضد الاحتلال (الجزيرة)

عاطف دغلس-نابلس

بعد مرور أكثر من شهر على قرار الرئيس الأميركي اعتبار القدس عاصمة لإسرائيل، يأتي اجتماع المجلس المركزي لمنظمة التحرير اليوم الأحد ليعزز الموقف الشعبي والرسمي الرافض لهذا القرار، وفق القائمين عليه.

وأكد منظمو الاجتماع -الذي يستمر يومين- ضرورة إعادة صياغة العلاقات بمختلف أشكالها السياسية والأمنية بين السلطة الفلسطينية وإسرائيل.

وبينما توقع البعض أن يتخذ المجلس قرارات فاعلة، لم يعلق آخرون أي أمل على حال السلطة التي "ستظل تراوح مكانها"، سواء اجتمع المركزي أم لم يجتمع.

ويقول عضو اللجنة التنفيذية لمنظمة التحرير واصل أبو يوسف إن الفلسطينيين يسعون عبر المركزي لبحث آليات إفشال القرار الأميركي، سواء بالحراك الشعبي ضد إجراءات الاحتلال على الأرض أو عزل الموقف الأميركي سياسيا، كما جرى في مجلس الأمن والجمعية العامة للأمم المتحدة.

ووفق أبو يوسف، فلن يحمل المستقبل أي انخراط للولايات المتحدة في أية عملية سياسية قادمة، ليس لكونها وسيطا غير نزيه بانحيازها "السافر" لإسرائيل، بل لمشاركتها في جرائم ضد الشعب الفلسطيني.

ولم يخف الرجل طرحهم "وبقوة" ملف أوسلو والتخلص من كل الاتفاقات "المجحفة" في الجوانب السياسية والاقتصادية والأمنية، التي لم يلتزم بها الاحتلال إلا بما يخدم مصلحته فقط.

وقال "إن الأمر هذه المرة سيخرج عن إطار التهديد للفعل المباشر، بما يرتقي لمستوى المخاطر المحدقة، لا سيما في ما يتعلق بإحالة ملف الاستيطان للمحكمة الجنائية الدولية وسحب الاعتراف بإسرائيل".

استحقاق مبشر
ووفق أبو واصل، فإن الاجتماع ليس "هروبا للأمام" للسلطة الفلسطينية، في ظل الضجر الشعبي من فشل سياساتها، كما لن يكون "منصة خطابية" دون آليات فاعلة، وإنما هو "استحقاق" لمواجهة القرار الأميركي وترتيب "البيت الداخلي الفلسطيني".

ويعول أبو واصل على هذا الاجتماع في توحيد الشعب الفلسطيني، وإفشال مخططات أميركا وإسرائيل، ولذلك كانت الدعوة "جامعة" لكل الفصائل الفلسطينية لحضور الاجتماع.

وقال إن المطلوب بعد المركزي "تغيير وظائف" السلطة الفلسطينية من آلية جاءت نتاج مرحلة انتقالية مؤقتة مدتها خمس سنوات لتحرير الشعب واستقلاله، إلى دولة تحت الاحتلال يُعترف بها أمميا عبر مجلس الأمن أو الجمعية العامة.

الرسالة ذاتها عبرت عنها عضو القيادة السياسية للجبهة الديمقراطية ماجدة المصري بتأكيدها أن الاجتماع جاء لمراجعة كل التجربة السابقة مع إسرائيل بوصفها "احتلالا وليست شريك مفاوضات".

ودعت المصري المجلس المركزي للتمسك بقراراته السابقة التي اتخذها في اجتماعه الأخير عام 2015، وأهمها وقف التنسيق الأمني والاتفاقات الاقتصادية في ظل فشل عملية السلام وإغلاق أي أفق للمفاوضات برعاية أميركية.

وقالت "نحن أمام مرحلة جديدة تتطلب سحب الاعتراف بإسرائيل، ورفض أي تسوية سياسية يقدمها الأميركيون".

ورأت أن السيناريو القادم للسلطة سيكون مبشرا للشعب المنتفض في وجه الاحتلال والمتطلع لقرارات سياسية حازمة؛ أهمها وحدته الوطنية وتوحده حول المقاومة الشعبية، ونقل الملف الفلسطيني لمؤتمر دولي يعيد صياغة العلاقة بين سلطة فلسطينية تدير شؤون شعبها وتعزز صموده والعلاقة مع إسرائيل باعتبارها محتلة للأرض والإنسان.

من جهته، استبعد المحلل السياسي الفلسطيني عبد الستار قاسم أي تحول جديد للسلطة الفلسطينية في مواقفها تجاه الاحتلال، وقال إن التصريحات بقطع العلاقة مع إسرائيل ليست سوى "فقاعات إعلامية".

تلقين وتنسيق
ودلل على وجهة نظره بالقول إن قرارات المركزي "ليست مستقلة"، وإنما هي "تلقين" من قيادة السلطة التي لا تلتزم بما يقره كما كانت الحال بوقف التنسيق الأمني قبل عامين.

وتساءل قاسم: كيف يمكن للمركزي -الذي صادق والمجلس الوطني على أوسلو- أن يتخذ "قرارات تاريخية" كاستبدال الوسيط الأميركي لعملية السلام ووقف التنسيق الأمني والاقتصادي؟ وقال إن السلطة لم تؤسس منذ وجودها لبدائل للشعب الفلسطيني تغنيه عن إسرائيل.

وأشار إلى أن حال السلطة بعد اجتماع المركزي ستظل "تراوح مكانها"، وأن الحل يكمن فقط في رحيلها وإجراء انتخابات شاملة يُقرر فيها الشعب ما يريد.

واتفق الإعلامي الفلسطيني مصطفى الصواف مع عبد الستار قاسم في أن موقف السلطة لن يصل لحد قطع العلاقة مع إسرائيل؛ "لأن إلغاء أوسلو يعني إلغاء وجود السلطة"، وأن أقصى ما يمكن للمركزي اتخاذه هو "التهديد الإعلامي" كما فعل سابقا.

وقال إن حال السلطة لن تتغير وستواصل استجداء العرب والأميركيين والاحتلال الإسرائيلي، وأوضح أن الكل يدرك أن موقفها لن يكون أكثر من "مسرحية هزلية" ستنتهي بعد انفضاض المجلس المركزي.

وعبر الصواف عن أمله أن يكون مخطئا في تقديره، وأن تفاجئه السلطة بقرار بسيط من قبيل سحب الاعتراف بإسرائيل.

المصدر : الجزيرة