علاقة حماس ومصر.. براغماتية المصالح تتجاوز التوجسات

ما أسباب التقارب بين مصر وحماس؟
هنية على رأس وفد حماس إلى القاهرة (الجزيرة)

محمد عمران-غزة

رغم المؤشرات الإيجابية لتطور علاقة حركة حماس بالسلطات المصرية التي سمحت بعقد أول جلسة للمكتب السياسي للحركة المنتخب مؤخرا بمصر، فإن "منع" وفد حماس من القيام بجولة خارجية انطلاقا من القاهرة يعكس استمرار الضغوط المصرية على الحركة.

وبينما تقدم حماس أمنيا وسياسيا ما يؤكد رغبتها بإيجاد علاقة متميزة مع مصر، لإدراكها حجم وطبيعة الملفات التي تمسك بها ودون الإخلال بعلاقاتها مع أطراف تتعارض مصالحها مع القاهرة، تحاول الأخيرة تقليص علاقات الحركة مع تلك الأطراف واحتواءها بما يحقق أكبر مرونة سياسية في ملفات المصالحة الفلسطينية وتبادل الأسرى مع الاحتلال وضبط الحدود، بحسب مراقبين.

ويبدو أن حماس أكثر حرصا على علاقات متوازنة مع القاهرة من جهة، ومع دول تدعمها سياسيا وماليا كقطر وتركيا وإيران من جهة أخرى، حيث يؤكد القيادي حماد الرقب أن حماس ستبقي على علاقاتها مع الأطراف التي ساندتها، وخصوصا قطر التي لن تنسى لها دعمها للفلسطينيين في أحلك الظروف.

‪الرقب: حماس تؤدي دورا حقيقيا في ضبط الحدود‬ (الجزيرة)
‪الرقب: حماس تؤدي دورا حقيقيا في ضبط الحدود‬ (الجزيرة)

منع السفر
وبحسب القيادي الحمساوي، فإن لقاءات وفد حركته الذي يقوده رئيس مكتبها السياسي إسماعيل هنية في مصر، تجسد مستوى التطورات الإيجابية في علاقة حماس بالقاهرة، خصوصا أن الحركة "تؤدي دورا حقيقيا" في ضبط الحدود وتقدم ما يُنجح جهود المصالحة الفلسطينية.

وبشأن ما تردد عن منع وفد الحركة بالقاهرة من القيام بجولة خارجية، قال الرقب للجزيرة نت "إن طبيعة العلاقة لا تحتمل كلمة منع، لكن بعض الأطراف المصرية فضلت أن تكون زيارة وفد حماس مقتصرة على بحث العلاقات مع مصر، لوجود بعض التوترات السياسية في المنطقة".

وأشار إلى أهمية بحث الملفات المطروحة مع مصر، مثل المصالحة وأزمات الحصار كمعبر رفح والكهرباء وغيرها، مؤكدا أن حركته تطمح إلى ما هو أكثر من البعد الأمني والإنساني في علاقتها مع مصر.

لكن المحلل السياسي فايز أبو شمالة عبر عن ثقته بمنع مصر لوفد حماس من زيارة دول أخرى تختلف معها سياسيا، كجزء من الضغوط على الحركة لتحقيق مزيد من التنازلات في ملفات تمسك بها القاهرة، التي لن تطلق يد الحركة خارجيا قبل قطف الثمار، وفق تقديره.

واعتبر أن تحركات حماس في القاهرة تدل على تغير حقيقي في تعامل مصر مع الحركة والإقرار بثقلها الأمني والسياسي، وأن القاهرة تريد أن تظهر بصورة القادر على إنجاز الملفات في فلسطين كالمصالحة والحدود وتبادل الأسرى، في مواجهة تحركات قطر وتركيا.

وعزا الكاتب الفلسطيني تطور العلاقات إلى وثيقة حماس السياسية وبُعدها عن الإخوان المسلمين، ومساهمتها في ضبط الحدود واستعدادها للتنازل بملف المصالحة والتعاون مع القيادي المفصول من حركة فتح محمد دحلان.

‪شراب: حماس تنتظر من مصر تنفيذ وعودها‬ (الجزيرة)
‪شراب: حماس تنتظر من مصر تنفيذ وعودها‬ (الجزيرة)

الأزمة الخليجية
ولا يمكن استبعاد تداعيات الأزمة الخليجية وما نتج عنها من تكتلات سياسية في دفع مصر إلى احتواء حماس ومحاولة ترويضها بهدف الحد من النفوذ التركي والقطري على الحركة، مثلما أدى تدهور الأوضاع الإنسانية بغزة إلى بحث حماس عن حلول عبر القاهرة، وفقا لأستاذ العلوم السياسية في جامعة الأزهر بغزة ناجي شراب.

ووصف شراب ما حدث في القاهرة بالنقلة النوعية الناتجة عن "براغماتية" حماس وعن انتقال قرارها السياسي لغزة، وكذلك عن إدراك مصر لقوة حماس، مستبعدا أن تتجاوز هذه العلاقة الإقرار بشرعية السلطة الفلسطينية ورئيسها محمود عباس.

وربط الأكاديمي الفلسطيني تطور العلاقات باستمرار تأكيد حماس أنها حركة وطنية وابتعادها عن الإخوان ومرونتها بالملفات التي تعالجها مصر، إضافة إلى مدى استقرار أو توتر العلاقة مع قيادة حركة فتح والسلطة.

وأضاف أن حماس تنتظر من مصر تنفيذ الوعود بتفكيك أزمات قطاع غزة، سواء بجهود مصرية مباشرة أو من خلال الضغط على السلطة الفلسطينية لتطبيق المصالحة وتولي مسؤولية غزة من قبل حكومة فلسطينية متفق عليها.

المصدر : الجزيرة