السعودية تحرج "الوفاق" بتسليمها معتقلين ليبيين لحفتر

فؤاد دياب-الجزيرة نت

 

أحدثت قضية تسليم الليبيين الموقوفين لدى السعودية إلى الحكومة الليبية غير المعترف بها دوليا التابعة لبرلمان طبرق انتقادات محلية وإحراجات لحكومة الوفاق الوطني في طرابلس، وذلك لتجاهل السلطات السعودية لهذه الأخيرة رغم اعتراف الرياض بها.

ويرى مراقبون ليبيون أن تسليم الرياض الموقوفين لجهات غير تابعة لحكومة الوفاق المعترف بها دوليا بات يظِهر جليا أن السلطات السعودية بدأت تتعامل وفق الواقع الإقليمي والدولي، إذ تعلن بشكل صريح دعمها للواء المتقاعد خليفة حفتر.

وطالبت حكومة الوفاق بطرابلس من الخارجية السعودية وبشكل عاجل الكشف عن مصير الليبيين الموقوفين بالمملكة، وتوضيح الجهة التي تم تسليمهم إليها، بعدما أبلغت الداخلية السعودية القنصلية الليبية بجدة بتسليم المعتقلين الليبيين لديها إلى "الحكومة الليبية" بمطار الملك عبد العزيز في جدة، وفق المراسلات بينهما.

وكانت السلطات السعودية قد اعتقلت يوم 25 يونيو/حزيران الماضي كلا من محمود علي رجب ومحمد حسين الخذراوي، ثم اعتقلت في وقت لاحق كلا من حسن محمد زعيط وحسين محمد زعيط، وجلهم من سكان مدينة الزاوية غربي ليبيا، وتم الاعتقال أثناء أدائهم لمناسك العمرة.

‪محمد إسماعيل: تجاهل السعودية لحكومة الوفاق بملف الموقوفين اعتراف ضمني للرياض بحفتر‬ محمد إسماعيل: تجاهل السعودية لحكومة الوفاق بملف الموقوفين اعتراف ضمني للرياض بحفتر (الجزيرة)
‪محمد إسماعيل: تجاهل السعودية لحكومة الوفاق بملف الموقوفين اعتراف ضمني للرياض بحفتر‬ محمد إسماعيل: تجاهل السعودية لحكومة الوفاق بملف الموقوفين اعتراف ضمني للرياض بحفتر (الجزيرة)

اعتراف بحفتر
ويرى الكاتب والباحث الأكاديمي الليبي محمد إسماعيل أن تعامل السعودية مع حكومة شرق ليبيا وتجاهل حكومة الوفاق إثبات لاعترافها الضمني بحفتر، في حين أن اعتراف الرياض بحكومة الوفاق يأتي في إطار عدم الاعتراض على قرارات المجتمع الدولي الذي اعترف بالاتفاق السياسي في إشارة إلى اتفاق الصخيرات.

واتفق الكاتب الصحفي الليبي عصام الزبير مع ما ذهب إليه إسماعيل، وقال إن الرياض تدعم حكومة فائز السراج، لكن في حقيقة الأمر محور السعودية والإمارات ومصر لا يعترف إلا بحفتر.

وعن دور المجلس الرئاسي اتجاه قضية المعتقلين، يقول إسماعيل بحديثه للجزيرة نت إن موقف المجلس كان وما زال ضعيفا جدا ولم يمارس أي ضغط على السعودية، رغم أن المعتقلين منتسبون للأجهزة الأمنية التابعة لحكومة الوفاق، ويعتقد أن ذلك يرجع لخشية حكومة الوفاق من غضب السعودية وحلفائها عليهم في حال التصعيد أو الشكوى.

وأما الزبير، فقد أشار في حديثه للجزيرة نت إلى أن وزير الخارجية الليبي محمد سيالة لم يدل بأي تصريحات أو يوضح رأي حكومته والإجراءات التي اتخذتها بشأن المعتقلين، حتى أصبح الغموض يلف تعامل الحكومة مع القضية. وقد حاولت الجزيرة نت الاتصال بالوزير سيالة لمعرفة رأيه دون جدوى.

ورفض رئيس لجنة الدفاع والأمن القومي بمجلس النواب بطبرق طلال الميهوب -في تصريح للجزيرة نت- الحديث في هذه القضية الآن حتى تتضح الرؤية بشكل أفضل.

وتحدثت الجزيرة نت مع منظمة التضامن لحقوق الإنسان الليبية -والتي تعمل من سويسرا- فأفاد عضو المنظمة أحمد القصير بأنهم على تواصل مع أقارب المعتقلين، وآخر المعلومات التي وردت منهم أنه جرى ترحيلهم من مطار جدة إلى مطار الأبرق شرقي ليبيا على متن رحلة خاصة، وهم الآن يقبعون في سجن قرنادة بضواحي مدينة شحات شرقي البلاد، والذي تسيطر عليه قوات حفتر.

ويشير القصير إلى أن سجن قرنادة يوجد به قسم خاص تديره مجموعة تتبع لحفتر مباشرة يطلق عليها "قوة القبض الخاصة" وينتمي أعضاؤها للجماعة السلفية التي تتبع للشيخ السعودي ربيع المدخلي.

مخالف للقانون
ويوضح المتحدث نفسه أن السلطات السعودية بتعاملها مع الحكومة التابعة لبرلمان طبرق تكون قد خالفت قرار مجلس الأمن رقم 2259 الصادر عام 2015، والذي قرر أن حكومة الوفاق الوطني بطرابلس هي الحكومة الشرعية الوحيدة بليبيا، وطالب القرار الدول الأعضاء بمجلس الأمن بوقف التعامل مع أي مؤسسات موازية لها.

ويتابع القصير أن الرياض خالفت القانون الدولي الذي يحظر ترحيل أفراد إلى أماكن أو بلدان قد يتعرضون فيها للتعذيب أو المعاملة السيئة، مشيرا إلى أن حكومة الوفاق من واجبها تحمل مسؤولياتها، ومطالبة السعودية بالإفصاح عن مصير مواطنيها وضمان عودتهم سالمين، وإذا ثبت تسليمهم لسلطات غير شرعية بليبيا فعلى حكومة الوفاق اللجوء إلى التحكيم الدولي.

المصدر : الجزيرة