هل بدأت قبائل الشرق الليبي تتخلى عن حفتر؟
وعبّر أهالي وشيوخ القبيلة التي يتركز ثقلها في مدينة بنغازي وضواحيها (شرق ليبيا) عن رفضهم استمرار تولي شخصيات معروفة من ذوي القرابة لقيادة كتائب عسكرية وعلى رأسها كتيبة 106، مشددين على أنهم لن يقفوا مكتوفي الأيدي بشأن تجاوزات هذه الكتيبة بعد كل هذه التضحيات، على حد قولهم.
وكان جهاز الأمن الداخلي التابع لعملية الكرامة اعتقل نوري بوفنارة أحد مشايخ قبيلة العواقير بمنطقة سلوق الأحد الماضي، قبل أن يطلق سراحه بقوة السلاح من سجن الكويفية (شرق بنغازي) من قبل أبناء عمومته.
وأدت عملية الكرامة التي أطلقت في 15 مايو/أيار 2014 إلى دخول البلاد في أتون التجاذبات العسكرية والسياسية وزادت الوضع بليبيا تعقيدا.
دعم
ويرى المحلل السياسي عماد الدين المنتصر أن القبائل المتحالفة مع حفتر لا تستطيع الاستغناء عنه في هذه المرحلة، لعدم وجود بديل يمنحها دورا قوميا أو إقليميا هي تتعطش له، مضيفا أن حفتر سيتعامل مع هذه القبائل بسياسية "العصا والجزرة" التي ورثها عن سلفه معمر القذافي.
وعن تداعيات موقف قبيلة العواقير على مشروع حفتر، استبعد المنتصر في حديثه للجزيرة نت أن يؤثر على مشروعه، في ظل اكتمال الثورة المضادة في ليبيا، إضافة إلى كونه مشروعا مدعوما من قبل الإمارات ومصر، وفق تعبيره.
ويتفق مدير مركز البيان للدراسات نزار كريكش مع ما ذهب إليه المنتصر إذ قال إن حفتر كان يعول كثيرا في بداية عمليته العسكرية على القبائل، لكن بعد أن تحصل على دعم سياسي من الخارج وأصبح يسيطر على قرار مجلس النواب، بدأت قبيلة العواقير تشعر بأنها استُخدمت قنطرةً لوصول حفتر وأبنائه للسلطة.
ويرى كريكش في حديثه للجزيرة نت أن الصراع الآن مرشح للازدياد، مشيرا إلى أن أدوات القبيلة ضعيفة في ظل الدعم المستمر لحفتر.
وأوضح كريكش أن رفض حفتر الفدرالية التي تنادي بها القبائل يعرقل مشروع وصوله إلى السلطة.
توتر
من جهته، بيّن الناشط السياسي فتحي الفاضلي أن حفتر بدأ يفقد حلفاءه منذ فترة، بعدما اتضح للقبائل الليبية التي كانت تتعامل مع مشروعه على أنه داخلي، والآن اكتشفت أنه مشروع خارجي يتجاوزهم، مشبها ما حصل للعواقير بمقولة الثائر الفرنسي الشهير جورج جاك دانتون عندما قال "الثورة بدأت تأكل أبناءها".
أما المحلل السياسي سامي الأطرش فقد قلل من تداعيات تخلي القبائل على مشروع حفتر، وقال للجزيرة نت إن مفهوم القبيلة في ليبيا في الوقت الحالي تغير، وأصبحت مفتتة ومنقسمة على نفسها وفقا لمصالحها السياسية والاجتماعية والاقتصادية.
ويرى مراقبون أن خليفة حفتر بدأ يفقد دعم القبائل بالمنطقة الشرقية، مقابل تأكيد دعمهم لرئيس مجلس النواب عقيلة صالح، إثر توتر العلاقة بين الاثنين في الآونة الأخيرة على خلفية عدم حضور صالح حفل الذكرى الثالثة لعملية الكرامة.
وكان عدد من قادة المحاور التابعين لعملية الكرامة ببنغازي الذين ينتمي معظمهم إلى قبيلة العواقير، قد أكدوا في 25 مايو/أيار الماضي أنهم "لن يقبلوا من أي طرف أن يدوس على تضحياتهم من أجل أطماع شخصية تضيع حقوقهم، ومن التلاعب على القائد الأعلى للجيش عقيلة صالح من نواب خونة يريدون المصلحة السياسية والشخصية"، وفق بيانهم.
يذكر أن أحد مشايخ قبيلة العواقير أبريك اللواطي اغتيل مع ابنه وآخرين، جراء انفجار وقع في 19 مايو/أيار الماضي أمام مسجد بلال بن رباح بمنطقة سلوق (جنوب غرب مدينة بنغازي).